بعد إقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا رسميا: هل حققت الأمازيغية انتظاراتها؟ بعد إقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا رسميا: هل حققت الأمازيغية انتظاراتها؟ - Marayana - مرايانا
×
×

بعد إقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا رسميا: هل حققت الأمازيغية انتظاراتها؟

أُفقَ الأمازيغية هو التطلع نحو مغرب ديمقراطي يقر حريات وحقوق المواطنين كما وردت في المواثيق الدولية، أما الاعتراف الرمزي بعطلة مقابل انتزاع الحقوق والحريات الفردية والجماعية اللغوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فذلك لن يدفعنا للقول إن هناك مكتسبات؛ وإن كنا لا نبخس القرار الذي يبقى رمزيا للغاية رغم أنه لم يتم إقراره كما طالبت به الحركة الامازيغية.

بعد مُصادقة الحكومة، يوم الخميس 23 نونبر، على تحديد يوم 14 يناير من كل سنة عطلة رسمية، بمناسبة رأس السنة الأمازيغية، وبعد مسلسل طويل من النقاش حول إقرار “إيض يناير” عيداً رسميا يحتفل به المغرب، يظل السؤال مطروحا: هل تصالح المغرب نهائيا مع تاريخه الأمازيغي؟

كان الديوان الملكي قد أعلنَ يوم الأربعاء 3 ماي 2022، أن الملك محمد السادس أقرَّ رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية في المغرب، داعيا إلى تفعيل هذا القرار الذي يأتي “تجسيدا للعناية الملكية بالأمازيغية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، كما يندرج في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية”.

هذا وصدر بالجريدة الرسمية يوم 5 دجنبر 2023، المرسوم المتعلق بتغيير وتتميم المرسوم المتعلق بتحديد لائحة أيام الأعياد المسموح فيها بالعطل في الإدارات والمؤسسات العمومية، والمصالح ذات الامتياز، حيث تم إضافة يوم 14 يناير من كل سنة، عطلة رسمية بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.

هل حققت الأمازيغية مكاسبها؟ وهل هذا الاعتراف يُمكن اعتباره إنجازا لصالح الأمازيغية، أم أن ورشَ الأمازيغية لا زال يحتاج للنفس الطويل؟ هل يكفي جعل 14 يناير عيداً، وهل هذا يرضي كل المدافعين عن الأمازيغية أم أن هناك رهانات أخرى بانتظار التحقيق؟

ضُعف وتصالح

إبراهيم إشوي، الصحفي والباحث في قضايا الأمازيغية، يرى في حديث لمرايانا أن الأمازيغية اليوم، ورغم إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة مؤدى عنها، لا زالت بحاجة إلى تفعيل أكثر لمقتضيات قانونها التنظيمي، وتمتيعها بالمزيد وفق ما نص عليه الدستور.

يقول إشوي: “لقد عانت الأمازيغية لعقود، وعودتها أو مُصالحتها أيضا تحتاج لزمن ومجهود أكبر. في المقابل، فإن ما تحقق هو أمر في غاية الأهمية؛ لكنه يبقى ضعيفاً أمام ما تستحقه الأمازيغية من مكانة في هذا الوطن”.

حسب الباحث، فإن مكاسب الهوية الأمازيغية قد تحققت إذا ما نظرنا للاعتراف الدستوري الذي نصَّ على رسميتها، فضلاً عن القوانين التنظيمية التي دعت إلى إدخالها في جميع مرافق الحياة العامة داخل البلاد وما يهم أكثر هو التصالحُ الذي أظهره المغاربة تجاه لغتهم وحضارتهم وهويتهم.

تبقى الانتظارات والتطلعات جد كبيرة حسب المتحدث، وذلك بغية الوصول إلى مرحلة تأخد فيها الأمازيغية مكانتها التي تليق بها هويةً ولغةً وتاريخاً مُمتداً في الزمان والمكان. يضيف إشوي: “نأمل أيضا أن تُفعل القوانين وندفع بتنزيلها، لكون القانون هو الضامن لتنزيل سليم وديمقراطي للغة رسمية أقرها الدستور بالبلاد”.

رغم الإقرار: استغلال وتهميش

يرى الناشط الأمازيغي سعيد الفرواح، في حديث لمرايانا، أن موقع الأمازيغية كقضية حقوق لغوية وثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية، لم يتغير بعد إقرار عطلة في رأس السنة الأمازيغية، وبعد ما يُسمى بالمكتسبات التي تحققت لها.

يقول الفرواح: “بعد مرور سنتين من ولاية الحكومة الحالية، ووفق سياساتها، فهي لا تنوي تعميم تعليم الأمازيغية طيلة ولايتها، ولو في المستوى الابتدائي، والشاهد هو تصريح وزير التعليم شكيب بنموسى حول تعميم الأمازيغية في الابتدائي، الذي يحتاج لتوظيف 17 ألف أستاذ، في حين أنه لا يوظف إلا حوالي 500 أستاذ كل سنة”.

حسب المتحدث، فإن الإعلام الأمازيغي يتيم، والقناة الأمازيغية لم يتغير عدد ساعات بثها، فضلا عن كونها وحيدة وسط قنوات تبث بالعربية والفرنسية.

يتجه المتحدث إلى أن إقرار عطلة رأس السنة الأمازيغية يُستغل سياسيا من طرف البعض، لدعم التوجه العنصري الجديد ضد الأمازيغ، الذي تبلور مع الحكومة الحالية والمتمثل في فلكرة الأمازيغية وإفراغها من محتواها الحقوقي، وتحويل بعض المحسوبين على الحركة الأمازيغية إلى فئة من المتملقين والتافهين مقابل بعض الريع هنا أو هناك.

أُفقَ الأمازيغية وِفق الفرواح هو التطلع نحو مغرب ديمقراطي يقر حريات وحقوق المواطنين كما وردت في المواثيق الدولية، “أما الاعتراف الرمزي بعطلة مقابل انتزاع الحقوق والحريات الفردية والجماعية اللغوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فذلك لن يدفعنا للقول إن هناك مكتسبات؛ وإن كنا لا نبخس القرار الذي يبقى رمزيا للغاية رغم أنه لم يتم إقراره كما طالبت به الحركة الامازيغية”.

موقع هش وانتظارات أعمق

إسماعيل الزݣاغي، وهو أستاذ اللغة الأمازيغية ومهتم بقضاياها، يرى في تصريح لمرايانا أن موقع الأمازيغية اليوم ما يزال كما كان عليه في زمن الحصار السياسي والقمع اللغوي للأمازيغية، وهيمنة القوى السياسية المعادية للأمازيغية على المؤسسات الرسمية.

يقول الزݣاغي: “بعد إقرار اللغة الأمازيغية لغة رسمية في دستور 2011، استبشرنا خيرا؛ غير أن هذا الترسيم بقي حبيس الدستور. الحقيقة أن اللغة الأمازيغية شبه غائبة عن المؤسسات الرسمية. ورغم صدور القانون التنظيمي سنة 2019، إلا أن الأمازيغية لم تعرف أي تطور فيما يخص تنزيل طابعها الرسمي”.

حسب المتحدث، فلا يمكن أن ننكر أن المغاربة اليوم أصبحوا أكثر تصالحا مع هويتهم بعد عقود من الاغتراب الثقافي والهوياتي، والذي كان نتاج حركات قومية معادية لكل ما له علاقة بقيم الأمازيغية.

لا زال ورش الأمازيغية اليوم يعرف جمودا من حيث تنزيل النصوص القانونية، فمنذ 2003، زمن بداية تدريس اللغة الأمازيغية في المدرسة المغربية، ما يزال التعامل مع هذه اللغة كمادة ثانوية، ولعل عدد المقاعد المخصصة هذه السنة للغة الأمازيغية، في مباراة ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، والمحددة في 600،  يمكن أن يكون دليلا على سوء التعامل مع تعميم تدريس اللغة الامازيغية.

يشير الزݣاغي إلى أن المؤسسات الرسمية، ما تزال تقتصر في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، على كتابة أسماء المؤسسة على واجهة البناية، دون التحقق من صحة ما يتم كتابته في الكثير من الأحيان. هذا يدفعنا للقول: “الأمازيغية بالنسبة لكثير من المسؤولين لا ترقى إلى اهتماماتهم”.

حسب المصدر ذاته، لا يمكن الحديث عن الأفق في الوقت الراهن، خاصة بعد الجمود الذي عرفه هذا الملف، بعد تعاقب حكومات مختلفة على تدبير الشأن العام الوطني دون أن يتم التعاطي مع الأمازيغية بجدية. مع مجيء حكومة أخنوش، تفاءلت فعاليات الأمازيغية بهذا التغيير، خاصة أن العديد من الناشطين الأمازيغيين انخرطوا في هياكل الحزب وراهنوا على أخنوش لإعادة الاعتبار للأمازيغية، غير أن واقع الأمازيغية إلى حدود اليوم ما يزال يعيش التجميد.

يتفق معظم المدافعين عن الهوية الأمازيغية أن موقع الأمازيغية هش للغاية، على الرغم من المكتسبات المحقة إذا ما نظرنا إلى ما كانت تراهن عليه. في المُقابل هناك، حسب عدد من المهتمين، استغلال للأمازيغية من طرف الحكومة، فوعود الحكومة تجاه الأمازيغية كانت حبيسة برامجها الانتخابية.

هل ستأخذ الأمازيغية موقعها الطبيعي ضمن الهوية المغربية؟ وهل ستخرج الأمازيغية من الحسابات الضيقة والبرامج الحكومية التي تجعل منها يافطة لاستقطاب نشطاء أمازيغ وغيرهم، ينتهي دورهم بانتهاء برنامج لا يحقق لأمازيغية أي مكسب؟

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *