زينب الغزالي: من مدافعة عن حقوق المرأة إلى… جارية 1\3
في رسالتها، كتبت زينب الغزالي: “سيدي الإمام حسن البنا، المرشد العام للإخوان المسلمين، زينب الغزالي الجبيلي، اليوم، ومن الساعة، هي جارية أنت تملك التصرف فيها، تملك أن تبيعها لحساب الدعوة، وتملك أن تستثمرها بما تشاء لحساب الدعوة. هي أمة لا يستطيع أن يتصرف في هذه الأمة غيرك، تبيعها لحساب الدعوة، تبقيها لحساب الدعوة، أبايعكم على ذلك”
لم تكن البدايات كما النهايات بالنسبة لزينب الغزالي، التي تحولت بشكل ملفت من مناضلة من أوائل النساء العربيات المطالبات بحقوق المرأة إلى آخر الجواري في العصر الحديث، حسب الرسالة التي بعثت بها إلى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا.
في رسالتها، كتبت زينب الغزالي: “سيدي الإمام حسن البنا، المرشد العام للإخوان المسلمين، زينب الغزالي الجبيلي، اليوم، ومن الساعة، هي جارية أنت تملك التصرف فيها، تملك أن تبيعها لحساب الدعوة، وتملك أن تستثمرها بما تشاء لحساب الدعوة. هي أمة لا يستطيع أن يتصرف في هذه الأمة غيرك، تبيعها لحساب الدعوة، تبقيها لحساب الدعوة، أبايعكم على ذلك”.
سرعان ما أظهرت هدى شعراوي ترحيبها بالوافدة الجديدة، وتمكنت هذه الأخيرة من تثبيت جذورها داخل تنظيم الإتحاد النسائي. وقد ساعدتها قدرتها الخطابية وصوتها الجهوري في الظهور كإحدى المدافعات عن المرأة.
من الملفت للنظر أن تبايع زينب الغزالي بهذا الشكل الفج حسن البنا على العبودية الإختيارية، وأن تلزم نفسها بهذه العبودية التي تمتهن المرأة بصورة مشوهة دون مراعاة لقيم الحرية التي كانت هي نفسها تنادي بها في وقت مضى، حين كانت في صفوف الإتحاد النسائي المصري.
لعل هذا التحول الغريب/المستغرب بهذا الشكل الملفت لاشك يدعو للتساؤل عن كيف تحولت زينب الغزالي من مناضلة مطالبة بحقوق المرأة في صفوف الإتحاد النسائي المصري إلى “أمة” ارتضت الانقياد لتعاليم جماعة الإخوان المسلمين؟ وكيف ارتضت أن تستبدل رحابة الحرية بأسر العبودية؟
اقرأ أيضا: أخوات الصفا: تاريخ ومطالب أول منظمة نسائية متقدمة
لفهم سر التحول الذي طرأ على شخصية زينب الغزالي، لابد من العودة إلى البدايات الأولى لهذه الشخصية التي تغيرت ملامح حياتها فجأة من مدافعة شرسة عن الحرية والذوذ عن حقوق المرأة، إلى داعية باسم جمعية السيدات المسلمات بادئ الأمر، ثم باسم جماعة الإخوان المسلمين، بخطاب مغاير تماماً عما كانت تروج له قبل سنة 1937م.
كيف تحولت زينب الغزالي من مناضلة مطالبة بحقوق المرأة في صفوف الإتحاد النسائي المصري إلى “أمة” ارتضت الانقياد لتعاليم جماعة الإخوان المسلمين؟
ربما دعت الضرورة للعودة إلى ثورة 1919، حيث شهد الشارع المصري انتفاضات لم تكن المرأة المصرية بمعزلٍ عنها؛ إذ حضرت بقوة مشاركة ومنادية هي الأخرى باستقلال الوطن. فخرجت النساء إلى الشارع متظاهرات، حتى أن الفترات التي غاب فيها سعد زغلول عن الشارع، قادت خلالها صفية زغلول الحركة السياسية متشبتة بمطالب الشارع المصري رفقة هدى شعراوي.
اقرأ أيضا: قاسم أمين… رجل حلم بتحرير المرأة
في هذه الفترة التي شهدت مخاض جيلٍ جديد من القيم المجتمعية والأفكار السياسية بمصر، وُلدت زينب الغزالي وترعرعت في كنف ما بعد ثورة 1919، متأثرة كبقية بنات جيلها بأفكار الحرية والحقوق التي كانت منتشرة إبان ذلك الوقت، وقد كانت من المُعجبات بهدى شعراوي.
بعد حصول زينب الغزالي على الثانوية العامة، طالعت في إحدى الصحف أن الإتحاد النسائي، الذي تزعمته في تلك الآونة هدى شعرواي، ينظم بعثة إلى فرنسا تتكون من ثلاث طالبات. توجهت إلى مقر الإتحاد والتقت هدى شعراوي، وعلى الفور سجلتها في جمعيتها. هكذا، انضمت للإتحاد النسائي، والذي كان وقتها صوتاً عالياً يطالب المجتمع بحقوق المرأة.
سرعان ما تخلت زينب الغزالي عن الإتحاد النسائي، على الرغم من كونها إحدى عضواته البارزات، وعلى الرغم من العلاقة الوطيدة التي تجمعها مع هدى شعراوي… إلا أنّها أنهت علاقتها بالأخيرة بشكل غامض
سرعان ما أظهرت هدى شعراوي ترحيبها بالوافدة الجديدة، وتمكنت هذه الأخيرة من تثبيت جذورها داخل تنظيم الإتحاد النسائي. وقد ساعدتها قدرتها الخطابية وصوتها الجهوري في الظهور كإحدى المدافعات عن المرأة.
في سنوات حياتها الأولى كخطيبة مفوهة، خاضت زينب الغزالي نقاشات متعددة ضد الأزهر من أجل الإتحاد النسائي، تكافح ببسالة لنيل حقوق المرأة، مؤمنةً أشد الإيمان بكل الشعارات التي نادى بها الإتحاد النسائي المصري.
اقرأ أيضا: هذا أصل حكاية الثامن من مارس/آذار… اليوم العالمي لحقوق النساء!
لكن، سرعان ما تخلت زينب الغزالي عن الإتحاد النسائي، على الرغم من كونها إحدى عضواته البارزات، وعلى الرغم من العلاقة الوطيدة التي تجمعها مع هدى شعراوي… إلا أنّها أنهت علاقتها بالأخيرة بشكل غامض.
هنا، لاحت في الأفق حادثة “الحريق” التي كادت أن تفقد فيه زينب الغزالي حياتها. بعد نجاتها، قررت أن تترك الاتحاد النسائي وتؤسس جمعية للسيدات المسلمات سنة 1937م. بيد أن هذا التحول المفاجئ يلقي بظلال من الريبة حول طبيعة شخصية زينب الغزالي؛ التي تحولت من أشدّ المنادين بتحرير المرأة إلى آخر جواري العصر الحديث…