ولادة الإله… بدايات تشكل الدين (الجزء الأول) - Marayana - مرايانا
×
×

ولادة الإله… بدايات تشكل الدين (الجزء الأول)

نحاول في هذا الملف، رصد أهم ما أنتجته الكثير من الحقب التاريخية الطويلة، من أسس دينية، أثرت في تكوين الثقافات الدينية اللاحقة، وشكلت الأساس الذي بنيت عليه الأساطير الأولى للحضارات القديمة.
كما سنختم الملف بذكر أهم وأجمل شيء أبدعته روحانية الإنسان الحجري وهو يتأمل ما حوله… تأليه الأنثى.

حسن الحو
حسن الحو

“عندما ألَّهَ الإنسان الأنثى، كانت الظل الوارف الذي يظلل الجميع، لم تكن غيبا عميق الغياهب في سماء بعيدة، بل كانت إلهة على الأرض ورمزا للخصب والجمال. عندما كانت الإلهة أنثى شاع العدل والرخاء وأُسْدِلت خمائل الحب على الموجودات، ورُتِّلتْ في المعابد أناشيد الشَّبَقِ المقدسة”.

قد يعتقد البعض أن التشابه والتطابق بين الأديان قاصر على الديانات التوحيدية، وقد يُوَّسع بعض المهتمين دائرة التشابه والتلاقح أبعد من ذلك إلى ديانات الشرق الأقصى وشبه القارة الهندية وديانات الفراعنة والإغريق والرومان، لتشابه أصول الأساطير المؤسسة للوجدان والمعتقد الديني.

لكن الدين، باعتباره مظهرا روحانيا لازم البشرية منذ تفتُّقِ بتلات وعيها، يتشابه في صيرورته التطورية ونواته الجوهرية القائمة على التقديس والطقسيات التعبدية  في كل العصور، سواء الحجرية منها أو الحديثة. بمجرد أن يمسك الباحث بالخيط الناظم لظاهرة التدين في عصورها البدائية الأولى، ويقف على شواهدها الأركيولوجية للتعرف على رمزيتها وسيميولوجيتها، ينفرط عقد الغموض والقداسة، ويظهر الدين كمعطى بشري وظاهرة إنسانية يمكن النظر فيها كحلقات من مسلسل ذي تيمة واحدة بسيناريوهات ومشاهد مختلفة. إنها الحقيقة التي تجعل المطلع على البنية القديمة للدين في العصر الحجري يستنتج بسهولة أن الكثير مما دان به الإنسان الحجري ومارسه من طقوس، لازال مستمرا في كل الديانات، يمكن تلمسه والبحث فيها للتحليل والاستنتاج دون رهبة وخوف من غيب مفترض.

يقول فراس السواح، الباحث في ديانات الشرق القديمة: “عندما انتصب الإنسان على قائمتين، رفع رأسه إلى السماء ورأى نجومها وحركة كواكبها، وأدار رأسه فيما حوله فرأى الأرض وتضاريسها ونباتها وحيوانها، أرعبته الصواعق، وخلبت لبه الرعود والبروق، داهمته الأعاصير والزلازل والبراكين ولاحقته الضواري. رأى الموت وعاين الحياة، حيرته الأحلام ولم يميزها تماماً عن الواقع، ألغاز في الخارج وأخرى في داخله. غموض يحيط به أينما توجه وكيفما أسند رأسه للنوم… تَعَلَّم استخدام اليدين وصنع الأدوات، وفي لحظات الأمن وزوال الخوف، كان لدى العقل متسع للتأمل في ذلك كله. لماذا نعيش؟ ولماذا نموت؟ لماذا خُلق الكون وكيف؟ من أين تأتي الأمراض؟ إلى أخر ما هنالك من أسئلة طرحت نفسها عليه، كما تطرح نفسها على طفل العصر الحديث. كان العقل صفحة بيضاء لم ينقش عليها شيء، عضلة لم تألف الحركة خارج نطاق الغريزة… ومن أداته المتواضعة هذه، كان عليه أن يبدأ مغامرة كبرى مع الكون، وقفزة أولى نحو المعرفة”، عن كتاب “مغامرة العقل الأولى”، ص 18/19

·       العصور الحجرية: بداية تشكل نواة الدين

قبل الخوض في تفاصيل تشكل الملامح الأولى للأديان البشرية في العصور الحجرية، لابد من ملاحظة مهمة، درءا للاختلاف في وجهات النظر؛ فالعصور الحجرية عصور زمنية من تاريخ الأرض ثابتة بالأدلة والشواهد الكثيرة التي خلفها الإنسان الحجري في الكهوف والمدافن، ومن الهياكل والجماجم الكثيرة التي يمكن زيارتها في مختلف المتاحف الطبيعة. وسواء آمن الإنسان بنظرية التطور كتفسير للتنوع البشري وتطوره عبر السنين أو لم يؤمن، فلا يمكنه إنكار حقيقة وجود العصور الحجرية، ولا حقيقة احتواء جينات الإنسان المعاصر HOMOSAPIEN   على نسبة من جينات الإنسان الحجري “النياندرتال”. ومن لم تقنعه هذه الشواهد، ففي القبائل البدائية بالأمازون والهند وإندونيسيا، دليل واضح على استمرار العصر الحجري عند هذه القبائل التي لم تتأثر بمرور الزمن ولازالت تحتفظ بأبرز مميزات العصور القديمة.

قبل حوالي مليوني سنة، ومع اقتراب آخر العصور الجليدية من نهايته، ظهر الإنسان المنتصب، ثم تلاه الإنسان العاقل من صنف النياندرتال في بيئة جليدية باردة؛ وكان ظهوره إيذانا بانطلاق العصور الحجرية الأربعة: (الباليوليت/الميزوليت/النيوليت/والكالكوليت). عصور زمنية ضاربة في أعماق التاريخ، بقيت مخلفاتها الأركيولوجية شاهدة على التجارب الأولى للإنسان العاقل، ومحاولاته البسيطة لتسخير العناصر الطبيعية واتقاء شرورها.

سنحاول في هذا الملف، رصد أهم ما أنتجته هذه الحقب التاريخية الطويلة من أسس دينية، أثرت في تكوين الثقافات الدينية اللاحقة، وشكلت الأساس الذي بنيت عليه الأساطير الأولى للحضارات القديمة. كما سنختم الملف بذكر أهم وأجمل شيء أبدعته روحانية الإنسان الحجري وهو يتأمل ما حوله (تأليه الأنثى وتقديس أعضائها التناسلية).

 

لقراءة الملف كاملا:

 

 

تعليقات

  1. .

    اين بقية السلسلة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *