بعد “تواطؤ” العدالة في قضية اغتصاب طفلة وحملها… سمية نعمان جسوس تراسل وهبي
أصيبت الضحية بخوف شديد عقب اغتصابها، ولم تستطع فضح ما حصل، ولذلك تمكنوا من اغتصابها عدّة مرات، حتى حملت.
مرة، بينما كان أحد المُغتصبين يخلع ملابسها لاغتصابها، لاحظ أن بطنها انتفخ. انتبه الجيران أيضا للأمر، وقررت جدتها أن تأخذها عند الطبيب، فاكتشوا أنّ الضحية التي تبلغ من العمر 12 سنة، حاملٌ في شهرها الثامن!
في حكم قضائي غريب، تمّ الحكم على ثلاثة مغتصبين لطفلة تبلغ من العمر 12 سنة، بسنتين سجنا نافذا فقط لواحد منهما، و18 شهراً نافذة للشخصين الآخريين.
الفتاة تعيش في دوار يقع بالقرب من تيفلت. وكان والدها يرفض أن تذهب الفتاة للدراسة في مدرسة تبعد عن المنزل بـ6 كيلومترات. في الطريق توجد غابة مخيفة، لذلك لم يرسلها للتمدرس خشية أن تتعرض للتحرش أو الاعتداء أو الاغتصاب. لكنّ هل كان يدور بخلد الوالد أن ابنته ستغتصب… وفي الدوار؟
تفاصيل الحكاية، وفق ما جاء في مراسلة مفتوحة تقدمت بها السوسيولوجية سمية نعمان جسوس لوزير العدل عبد اللطيف وهبي، تقول (تفاصيل الحكاية) إنه في دوار الفتاة، يوم الأربعاء هو السوق الأسبوعيّ، لذلك استغلّ ثلاثة رجال فترة انشغال الساكنة بالسوق وأيضا أهل الضحية، فهجموا عليها بالبيت حيث كانت وحيدة. هددوها بالتصفية وقتل ذويها إن صرخت أو تفوهت بكلمة أو حكت ما جرى.
تناوب الثلاثة على اغتصابها، والمغتصب الأول هو أب لثلاثة أطفال، والثاني هو ابن أخ الأول، بينما الثالث جارهم. لكنّ، الأفظع أنّ المغتصب الأول، له أيضا ابنة أخ بعمر الضحية، وكان يطلب منها مراراً أن تحضرها إليه. وقد اتضح فيما بعد أنّ ابنة أخ الجاني حضرت لبعض لحظات الاغتصاب، وفي رواية أخرى يرد أنها هي من جلبتها إليهم!
أصيبت الضحية بخوف شديد عقب اغتصابها، ولم تستطع فضح ما حصل، ولذلك تمكنوا من اغتصابها عدّة مرات، حتى حملت؛ فمرة بينما كان أحد المُغتصبين يخلع ملابسها لاغتصابها لاحظ أن بطنها انتفخ. انتبه الجيران أيضا للأمر، وقررت جدتها أن تأخذها عند الطبيب، فاكتشوا أنّ الضحية التي تبلغ من العمر 12 سنة، حاملٌ في شهرها الثامن!
رغم ذلك، رفضت الضّحية قول أيّ شيء لذويها، فاضطرّ والدها أخذها عند الدرك الملكيّ. تمكنت عناصر الدرك من طمأنة الضحية، ودفعها لقول كل شيء. تمّ اعتقال الجناة الثلاثة ووضعهم تحت تدابير الحراسة النظرية، وحين تقدّم والد الضحية بشكاية لوكيل الملك بتيفلت، أحال الملف على المحكمة الابتدائية بالرباط.
بعد أيّام، ستنجبُ الطّفلة جنينا، وستحمله معها حين توجّهت مع أهلها للمحكمة. وهنا ستتغير تفاصيل الحكاية حين ستصادفُ الضحية امرأة تدعى سهام، التي ستتكفّل بالقضية وستعتني بتفانٍ بالطفلة وجنينها. تقول سهام: “بينما كنت في المحكمة لأجل قضيةٍ ما، لمحتُ طفلة تحمل جنينا. نظرات الطفلة مليئة بالخوف والحزن الفائض. يكاد ظهرها يُثنى بسبب وزن الجنين. اقتربتُ منها وعرفت تفاصيل هذه الحكاية الفظيعة”.
سمية نعمان تقول في مراسلتها إنّ ميريام العثماني، رئيسة جمعية إنصاف التي تدعم الأمهات العازبات أخبرتها أنّ “إنصاف علمت بالقضية عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي. نشرت سيدة ما تفاصيل المأساة، وأعلنت تأثرها الشديد بها، وتركت رقمها ورقم والد الضحية. فأرسلنا اثنين من الأخصائيين الاجتماعيين إلى الأسرة لرعاية الطفلة الصغيرة ضحية الاغتصاب وطفلها”.
سهام، التي تقطن بالعاصمة الرباط، ستتكفل بالتنقل مرارا إلى الدوار لرؤية الطفلة، ومن ثمة تصطحبها وجدتها نحو مقر جمعية إنصاف بالدار البيضاء. وستقوم هذه الجمعية بتوفير كل المستلزمات التي تحتاجها الضحية وجنينها: طبيب أطفال، أخصائي نفساني، ملابس، حليب… كما تم تسجيل الطفل في سجل الحالة المدنية. وبدعم كبير، تم ضمان حقها في التعليم في المدارس غير النظامية l’école de la deuxième chance.
في سن الثالثة عشرة، أي بعد عام تقريباً من الولادة، كانت الضحية تتابع تعليمها، وتتوفر على السكن في الداخلية، وتواظب على حضور الدروس، لكنها تعود كلّ عطلة إلى الدوار لرؤية عائلتها ورعاية جنينها.
في النهاية، ستعيش هذه الطّفلة حياة بأكلمها بجرح غائر، ربما، لن يشفى؛ وسيكون عليها تربية طفل كلّفها كل شيء، طفل قادم من رحلة اغتصابات متتالية قاسية، والأخطر، حسب سمية نعمان، أنه سيتعين عليها مواجهة نظرة المجتمع، التي لا تتسامح دائما مع ضحايا الاغتصاب. أما الجنين، الضحية رقم 2 في الحكاية، فسيعتبر دائما ابنا “غير شرعي”.
كلّ معاني الوجع تتلخص في كون الطب الشرعي، حدد في تقرير طبي للحمض النووي هوية الأب من بين المغتصبين الثلاثة. نعم، لقد حوكم، شكليًّا بما أن الحكم سنتين فقط!، وسجن بتهمة اغتصاب الفتاة وحملها. لكن لا يوجد قانون بالمغرب يلزمه بالاعتراف بالطفل، ولا أن يعطيه اسمه، ولا أن يرعاه أو يساهم في تربيته”.
تتساءل جسوس: لماذا لم يعتبر القضاة أن عمليات الاغتصاب المتكررة هذه، هي دليل على تكوين عصابة إجرامية منظمة وبالتالي تشديد العقوبة لأقصى حدّ؟ لماذا لم يتم الاحتكام للفصل 486 من القانون الجنائي المغربي الذي يقول إنه إذا تم اغتصاب قاصر دون سن 18، تكون العقوبة هي السجن لمدة 10 إلى 20 سنة؟ ولماذا تم تغييب المادة 488 التي تنص على أن الاغتصاب في حالة افتضاض البكارة تكون عقوبته السجن من 20 إلى 30 سنة؟
كما تتساءل جسوس: ماذا عن هتك عرض ابنة أخ أحد المتهمين الذي اغتصب الضحية أمام أعين ابنة أخيه، لماذا لم يحاكم طبقا للفصل 484 من القانون الجنائي الذي ينص أنه يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس من هتك بدون عنف او حاول هتك عرض قاصر يقل عمره عن خمس عشرة سنة؟
الحكم لا شكّ صادم للجميع، لكن الوقائع لم تصدم القضاء الابتدائي الذي قضى بسنتين فقط في حقّ الجناة، فهل هذا يؤشر على “تواطؤ” نظام العدالة في أحيان كثيرة ضدّ قضايا الاغتصاب؟ لقد تطوع محام ينشط في المجال الحقوقي لاستئناف القضية، فهل يصلح القضاء الاستئنافي ما أفسده القضاء الابتدائي؟
مقالات قد تثير اهتمامك:
- في المغرب: ضحايا الاغتصاب… مجرمات في نظر المجتمع؟
- “عشتُ بلا جسد لمدة سنوات، ولم أبرأ من الصدمة”… مغربيات تعرّضن لمُحاولات اغتِصاب 1\2
- التربية الجنسية في المغرب… هل تشفي المجتمع من ازدواجيته؟ 1\2
- التربية الجنسية في المغرب… أي صعوبات يطرحها المضمون البيداغوجي في المناهج التّعليمية؟ 2\2
- هل هي نهاية “فحص العذرية”؟ أطباء مغاربة يمتنعون عن منح شهادة العذرية ويدعون إلى مقاطعتها
- الفيديوهات الجنسية المُسرّبة: عندما يصبح ممتلكها “بطلا” افتراضياً! 1/2
- جريمة الاغتصاب… بين “الحشومة” والعقوبات القانونية التي لا تكبح جماح الجناة! 3/1