ذكرياتنا الجميلة: المونديال والأصدقاء والماضي الذي لا يعود - Marayana - مرايانا
×
×

ذكرياتنا الجميلة: المونديال والأصدقاء والماضي الذي لا يعود

صدق بليز باسكال حين قال:
“نحن نحب الماضي لإنه ذهب… لكن، لو عاد لكرهناه”

الذاكرة ليست جزء من الإنسان، الذاكرة هي الإنسان !

هل سبق لك يوما أن انغمست في بحر ذكرياتك متذوقا عطر الماضي ورائحته.. مسترجعا أحاسيسه بآلامه وأفراحه ؟

ألا يراودك دائما شعور بأن للذكريات عطرا خاصا؟ عطر لا يشبه العطور التي تشمها في أفخم محلات العطور.. عطر له طعم خاص ورائحة لا تشبه سواها… مقاديرها سحرية وتركيبتها فريدة لا يعرفها سواكما.. أنت والذاكرة.

لكل لحظة عطرها.. لكل شخص عطره.. ولكل تفصيل من الذكريات نسيم من العطور.

خذ وقتا خاصا وحاول أن تصف لي شعورك حين تجلس في فراشك تتصفح هاتفك، فتجد بالصدفة صورة قديمة… ترجعك إلى ذكريات كنت قد نسيتها.. فتسترجع لحظاتها.. ثم تبدأ في اشتمام هذا العطر الفريد الذي ينقلك إلى عالمه. هل ستستطيع أن تصف لي إحساسك في بضع كلمات؟ لا شك أنك ستعجز عن ذلك.. وستدخل في بركان من الأحاسيس الفوارة.. وستنغمس في بحر من الشرود والتنهيدات.

للذكريات عطر فريد… خاص.. لا يتكرر !

الذاكرة شيء عجيب، كل حواسنا خادمة لها، وأقوى مهيجها شم الروائح. حين ترى منظرا مشابها للماضي فإن قلبك يحن ويرهف. حين تسمع صوتا يذكرك بأحد التقطته في ذاكرتك وكان حاضرك قد صيره شبحا، فإن قلبك سيحن أيضا. لكن، حين تشم رائحة التراب الممزوج بالمطر.. رائحة عطر صديق أو حبيب.. رائحة عطور امتزجت في لحظة ما.. رائحة طعام ذكرك بلحظات الطفولة حين عودتك من اللعب مع أقرانك أو من الدراسة.. حينها، ستستعيد مزيجا من أحاسيس الذكريات، ممتزجة بل ومتضاربة أحيانا .. تأسرك ثم تراودك رائحة عطر لا تنسى: عطر الذاكرة.

ما سر هذه الذكريات التي تحبس الأنفاس؟ ما سر هذه الحلاوة الفريدة؟ ما سر هذه الرائحة الخاصة؟

نحن نحِن إلى أبسط لحظات الماضي حتى وإن كانت عادية.. نحِن إلى تفاصيل الماضي حتى وإن كانت مملة.. نحن إلى أولئك الأشخاص الذين كانوا ولم يعودوا حتى وإن كانوا تافهين..

ما سرك أيها الماضي؟ ما سرك أيتها الذكريات؟

صدق بليز باسكال حين قال:

“نحن نحب الماضي لإنه ذهب… لكن، لو عاد لكرهناه”

السر يكمن في كلمة وحيدة: الماضي.

أنت تحِن إلى ذلك الشخص الجميل، والشخص الفظ، إلى الشخص الطويل والشخص القصير، وإلى أي شخص علق في ماضيك.. لأنه جزء من الماضي.

أنت تحِن إلى تلك الأيام الحلوة والمرة، البسيطة والعادية، المتعبة والمريحة.. وإلى أي لحظة علقت في الماضي .. لأنها جزء من الماضي.

أنت ستحن أيضا إلى ذلك الشخص الذي كنت عليه. ستحن إلى شعرك القصير الذي أصبح طويلا اليوم، أو إلى شعرك الطويل الذي قصصته اليوم.. ستحن إلى ملامحك البريئة التي صارت حادة اليوم .. ستحن إلى ابتسامتك الرخوة التي صارت مشدودة اليوم .. ستحن لا محالة إلى أبسط دقائق الماضي وذكرياته. ستحِن إلى الماضي بكل تفاصيله لأنه مضى.. صار قطعة لا يمكن إرجاعها.. ولو رجعت لكرهتها.

ستحن إلى أبعد لحظات ذكرياتك حتى أقربها.. ستحن إلى اللحظات الأولى من طفولتك حتى لحظة البارحة.. ستحن إلى ذلك الطفل الذي كان يلعب ولا يمل.. كما ستحن إلى لحظات المونديال التي صارت اليوم ضمن ثنايا الذاكرة.

ستظل دوما ذلك الطفل الذي تأسره لحظات الذاكرة.. الطفل الذي يضعف أمام دقائق الماضي.. وأمام كل اللحظات التي ذهبت ولم يبق منها سوى عطرها يدغدغ الكيان.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *