هشام روزاق، يكتب: أنا حضرت الحلم… ثم هَتَفت: حبيبي زياش! (الحلقة الثالثة) - Marayana - مرايانا
×
×

هشام روزاق، يكتب: أنا حضرت الحلم… ثم هَتَفت: حبيبي زياش! (الحلقة الثالثة)

الذي حدث… أنه صار لدينا مدرب كرة، يتحدث بطريقة لم نألفها في صناع الكرة عندنا، بل قل… لم نألفها في كل لغات الخشب والإنشاء التي كتبت على الدوام، يوميات السياسة في بلدي.
كان المدرب، يصدمنا كل مرة، بلغة لم نجد لها بعد توصيفا… في النهاية، لم تكن لغة عقل، ولا لغة منطق … كانت فقط، لغة غير معتادة، تخاطب ذلك المغربي/ الإفريقي الذي أدمن الانهزام، وتقول له، إننا، كما كل البشر، قادرون على الفرح.

هشام روزاق
هشام روزاق

… الكرة، كوكب غير الذي نعرف. حين ترحل في اتجاه هذا الكوكب، اترك عقلك في حقيبة السفر، وارم بقلبك عند أول ناصية.

في الكرة، القانون الأسمى، هو أن لا قانون يرسم حدود العيش.

لم تكن مباراة بلجيكا مجرد مقابلة في كرة القدم… كانت بطاقة سفرنا نحو هذا الكوكب الذي استعصى علينا منذ زمن.

لم يلعب “الوليدات” مباراة… لقد لعبوا في عقولنا، في قلوبنا، في غرائزنا. لعبوا في حمضنا النووي، في رؤيتنا لذواتنا، في نظرتنا لبعض، وفي تصورنا للآخرين… كل الآخرين.

الذي حدث… أنه صار لدينا مدرب كرة، يتحدث بطريقة لم نألفها في صناع الكرة عندنا، بل قل… لم نألفها في كل لغات الخشب والإنشاء التي كتبت على الدوام، يوميات السياسة في بلدي.

كان المدرب، يصدمنا كل مرة، بلغة لم نجد لها بعد توصيفا… في النهاية، لم تكن لغة عقل، ولا لغة منطق … كانت فقط، لغة غير معتادة، تخاطب ذلك المغربي/ الإفريقي الذي أدمن الانهزام، وتقول له، إننا، كما كل البشر، قادرون على الفرح.

… طبعا، وفي الأثناء، كان مدمنو الهزائم، يواصلون معاركهم التي ترى في فريق كرة، عنوان عروبة وإسلام، وأن “الوليدات” يفوزون من أجل فلسطين وأفغانستان و… (نسي الجميع قضية كشمير، ربما لأنها ليست تريند هذه الأيام، وإلا أضافوها للائحة).

وطبعا… احتج الآخرون على وصف المنتخب بالعربي، ليس احتجاجا على عنصرية تنبني على القومية، بل فقط انتصارا لعنصرية تنبني على قومية أخرى اعتبروها أسمى وأولى بالعبادة.

كان كل العالم يشجع ويتعاطف مع فريق كرة، وكان بعض المعتوهين يوزعون بطائق الانخراط في العشق، على من شاؤوا ومن قبلوا…

في النهاية، كان “الركراكي” و”الوليدات”، يعيدون تشكيل فهمنا لذواتنا، لرؤيتنا للعالم، وكان بعضهم، يصر على استضافتنا في القعر الذي أدمنه.

جاد، كلثوم وكمال

… يوما ما، حين سنعود لبعض عقل، حين سنعود لكوكب الأرض الذي حملنا “الوليدات” خارجه، سنفهم أن مباراة بلجيكا، والانتصار الذي حققه المنتخب فيها، كانت الكلمة المفتاح.

كانت الكلمة المفتاح، للمغربي الذي خرج بعد المباراة، وهو متأكد أن هذا الفريق مختلف… أنه يلعب الكرة كما يلعبها الكبار.

… كانت الكلمة المفتاح، التي جعلتنا ننتصر على المغربي المنهزم الذي سكننا منذ زمن، ونخرج للعالم بوجهِ منتصر. وهذا أقصى ما يمكن أن يكون لغة عقل في الحكاية. بعدها، سنعود لعوالم الكرة… عوالم “الفأل الحسن” و “التطير” من كل من… وكل ما يمكن أن يجلب “النحس”.

كالعادة… وجدنا أنفسنا، الطيب وأنا، وقد سبقنا الجميع… مباراتنا انطلقت قبل مباراة المغرب وكندا بساعات… لكن…

من لم تعلمه الكرة، وعشق الكرة، أن ينتصر على الكائن العاقل فيه، لا كرة له…

قبل التوجه نحو “ملعب دار الطيب”، حرصت على كل التفاصيل. حرصت على أن أعيد كل ما فعلته قبل مباراة بلجيكا التي فزنا بها بحذافيره، كي نضمن الفوز مع كندا.

ارتديت نفس الألوان التي ارتديت يوم بلجيكا، خرجت من البيت، قصدت مقهى الدرب، أخدت “قهوة كحلة” و”شويبس”، ثم… قصدت بائع السجائر، اشتريت نفس عدد علب السجائر التي اقتنيت قبل مباراة بلجيكا، رغم أنني كنت أتوفر على ما يكفي… أخذت سيارتي، وضعت بها بنزينا بنفس المبلغ، رغما أنها لم تكن في حاجة لذلك… ووصلت عند الطيب قبل الجميع.

في النهاية… كللت كل مجهوداتي وكل حرصي على “الفأل الحسن” بالنجاح، وكان زياش يحررنا مع بداية المقابلة بهدف…

مرة أخرى… المجد لهذا الجنون الذي تمنحه لنا الكرة. المجد لهذا العشق الذي يخرج أجمل ما فينا.

خلال هذه المباراة، كنت أتذكر ما كان “عمر لبشيريت” يكتبه عن منتخب كندا وتقنية لاعبيه وقدراتهم البدنية. كنت أود أن أكلمه كي نفرح معا فقط، ولكن… “ومن قال أنني غير نعيط ليه نصدقو خاسرين؟!”. القاعدة في النهاية… أن لا تغير عاداتك أبدا، إلى أن ينتهي المونديال.

أمام كندا… كان العنوان الأسمى للجنون، جملة بسيطة تكررها إحدى صديقاتنا، دون كثير حسابات أو تفكير. كانت بين الكرة والأخرى… بين اللمسة والأخرى، تصيح فقط: “حبيبي زياش… حبيبي”. هذه الجملة، ستصير لازمة كل الفرح الآتي… صرنا جميعا نردد: “حبيبي زياش”.

انتهت المباراة، ولم يقطع جنوننا سوى الطيب. قال: المقابلة المقبلة، سنواجه إسبانيا.

بصراحة… عم المكان بعض صمت، لكنه لم يدم أكثر من بعض ثوان.

كمال وجاد، كانا متأكدين أننا سنربح إسبانيا…

والمقابلة… سنشاهدها في “ملعب دار الطيب”.

إيوا…

ومال هاد اسبانيا زعما غا تخلعنا؟

 

تعليقات

  1. rachid

    top site

  2. عبد الحفيظ الشعشوعي

    مقالات رائعة من الناحية اللغوية والأسلوبية، والبناء المنهجي، وتسلسل الأفكار والأحداث.
    فعلا لقد فعلت الكرة بنا ما لا يفعله أمر آخر، وطهرت فينا ما لوثته أمور أخرى.
    ليت الكرة تستمر إلى أن تغير فيك حقدا دفينا على الثوابت لا مبرر له إلا في لا وعيك، وإلى أن توقظ فيك ما يستحق أن تهتف به أكثر. من الأشياء الأخرى التي هتفت بها.
    اعلم أن ما تتخذه عدوا لتهاجمه ليس عدوا لك، وأن ما تحقد عليه ليس حاقدا عليك.
    عموما طبت وطابت مقالاتك.

  3. mohamed

    dkm

  4. AZIZI

    This is Best article”

  5. MOHAMED

    TOP ECRIT

  6. azeddine

    vive le maroc

  7. redwell

    the best

  8. mehdi louchini

    nice i like this

  9. Hamid

    SUPER BONO

  10. Mustapha

    Super bono

  11. ff

    wow

  12. achraf

    tres bon article

  13. achraf

    tres bon article

  14. Mohammed

    Merci

  15. ayman

    good

  16. safi

    ooog

  17. Hamid

    Mercie

  18. hind

    good

اترك رداً على azeddine إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *