المؤلفات المدرسية… عندما تعجزُ المدرسة، تفشلُ وظيفة المؤلفات! 3/3 - Marayana - مرايانا
×
×

المؤلفات المدرسية… عندما تعجزُ المدرسة، تفشلُ وظيفة المؤلفات! 3/3

هل سيتمكّنُ النظام التعليمي المغربي من رفع الوعي لدى التلاميذ، منذ المرحلة الابتدائية، بأن القراءة شأنٌ مجتمعي وخلاصٌ من مخالب الأمية التي تحكم المُجتمع؟ أم أنّ المؤسسات التعليمية، على المستوى الإجرائي، ستَبقى تتعَاملُ مع دَرس “المُؤلفات” في مادّة اللغة العربية على أساس أنّهُ مجرّد وسيلة لكَسب النّقط، وليس كغَاية في حدّ ذاتها؟

هي فعلاً غايات جيّدة تسعى إلى تَنمية الكفاية القرائية وتمكين المتعلمين من قراءة المؤلفات الكاملة واكتسابهم الآليات المنهجية للقراءة الذاتية، لتتجاوز الانطباعات الذاتية العامة وبلوغ مستوى القراءة النقدية المتسائلة، إلخ.

لكن، لماذا فشلتْ هذه الغاية؟

بعد أن رصدنا النّقاش بخصوص المؤلفات المدرسية منذُ التسعينات في الجزء الأول، وساءلنا الوظيفة البيداغوجية لهذه المؤلفات في الجزء الثاني، نعود في هذا الجزء إلى السياقات التي أفضت إلى قصور دور المؤلفات المدرسية، وأحياناً انعدام الأفق الذي أقحمت لأجله….

المدرسة ورهان محو الأمية

في حديثه لــ “مرايانا”، يذهب الباحث أحمد حميد، الخبير في مجال التدريس، إلى أن “المؤسسات التعليمية بالمَملكة ، ما يزال أكبرُ همّها، على المدى المتوسط على الأقل، هو محو الأمية اللغوية دون سواها من الأميات التي استحدثها عصر الثورة الرقمية وثقافة الصورة؛ بدليل أن نتائج العديد من تقارير الدراسات الميدانية المنجزة في السنوات القليلة الماضية، أجمعت على انحطاط وتدني مستويات القراءة اللغوية لدى تلامذتنا بمختلف فئاتهم العمرية ومسالكهم الدراسية”.

أكثر من ذلك، يكشفُ أحمد حميد أن… “نسباً جدّ مُرتفِعة من هؤلاء في الأقسام العُليا من المرحلة الابتدائية، يتعثرون في أداء القراءة الجهرية للنصوص العربية المقررة في الكتب المدرسية، ولا يؤدونها بشكل سليم. وهم، بسبب صرف جل تركيزهم للتعرف على طبيعة رموز المقروء بصريا قبل النطق بها وتحقيقها صوتيا، يتخبطون في فهم مدلولات الدوال مفردة أو مركبة، بحيث لا يبلغون مدارك القراءة العليا؛ من فهم وتحليل ونقد ومقارنة وتفسير وتأويل”.

من هؤلاء، يضيفُ المتحدثُ، “من تُلازمه هذه النّقيصة إلى مرحلة الثانوي التأهيلي التي تُشكّل جسرا للعُبور إلى التعليم العالي. بل إن أعطاب القراءة وعللها في مختلف مستويات تحققها، كثيرا ما تصاحب الطلبة الجامعيين، تلهج بها ألسنتهم، وتكشفها محاوراتهم الشفهية ومنجزاتهم الكتابية. ويمكن عدُّ هذه الآفة من أخطر وأجلّ المظاهر التي تطبع ثقافتنا اليوم، وتنعكس سلبا على إنتاجنا وتَسِمُه بصفات الضَّحالة والسطحية والاجْتِرار”.

نخلصُ هنا إلى أنّ تراجع القراءة، لا يمكنُ أن تسدّهُ “المؤلفات” ما دام هناك ما هو أعمق؛ ما يصعبُ على الكثير من خبراء علوم التربية النفاذَ إليه لفهم سبل الرقي بالقراءة… وهو فشل القراءة من الأساس، من الجذور التربوية.

المقاربة البراغماتية للقراءة!

لن يكون بمقدورنا، يرى أحمد حميد، خلق مزيد من الاهتمام بجدوى وقيمة القراءة لدى المتعلم دون تبني مقاربة براغماتية نفعية…

هذه “المقاربة، حسب ذات المتحدث، تروم جعل مشاريع القراءة أساسا للنجاح في الحياة، وليس فقط أداة للنّجاح في اختبارات المقررات القرائية”.

لقد “ثبُت وتبيّن عِلميا أن تطوّر أنشِطة الإنسان داخل بيئته الاجتماعية يستلزم وجود نظام إشاري نامٍ ومتحول على الدوام. وقد لعبت اللّغة هذا الدور بامتياز، باعتبارها نسقاً متطوراً للتّواصل، على قدرٍ هائِل مِن المُرونَة والخصوبة والسّعة”، يقولُ الباحث أحمد حميد.

كما أن اللغة، يختِم حميد، تُتِيح عناصرها المعجمية، الصوتية، الصرفية والتركيبية، إمكانات لا تُحصى في إطار الوفاء بحَاجات الإنسان المتزايدة، وتنظيم علاقاته بمحيطه، وتنشيط ذاكرته، وتطوير تمثلاته عن الحياة والكون والوجود.

السّؤال المطروح إذن: هل سيتمكّنُ النظام التعليمي المغربي من رفع الوعي لدى التلاميذ، منذ المرحلة الابتدائية، بأن القراءة شأنٌ مجتمعي وخلاصٌ من مخالب الأمية التي تحكم المُجتمع؟ أم أنّ المؤسسات التعليمية، على المستوى الإجرائي، ستَبقى تتعَاملُ مع دَرس “المُؤلفات” في مادّة اللغة العربية على أساس أنّهُ مجرّد وسيلة لكَسب النّقط، وليس كغَاية في حدّ ذاتها؟

مقالات قد تثير اهتمامك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *