حصريا لمرايانا: ليلى الرحيوي، ممثلة هيأة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب: كيف يمكننا الاستمرار في التركيز على النساء، دون تعميق معرفتنا بالرجال والأسباب الجذرية لهيمنة الذكور؟ - Marayana - مرايانا
×
×

حصريا لمرايانا: ليلى الرحيوي، ممثلة هيأة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب: كيف يمكننا الاستمرار في التركيز على النساء، دون تعميق معرفتنا بالرجال والأسباب الجذرية لهيمنة الذكور؟

إذا كان كون المرء رجلاً يشكل نوعًا من الامتياز في المجتمعات الأبوية، فإن كونه رجلاً يمكن أن يشكل أيضًا عائقاً رئيسيًا ويفرض عليه إنتظارات اجتماعية وثقافية ومجتمعية للذكورة النمطية، مشكلة ضغطًا حقيقيًا على الرجال.

منذ ما يقرب 7 سنوات، وبشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نظمنا ندوة حول موضوع “الذكوريات الإيجابية”، ناقشنا خلالها مسؤولية الرجال في المساواة بين الجنسين والاهتمام بالذكورية الإيجابية الذي اعتُبر في ذلك الوقت نهجًا جديدًا أكثر شمولاً للتعامل مع المساواة بين الجنسين والعمل على تحقيقها، حيث لاحظنا الفجوة المذهلة بين المركز المهيمن للرجال في المجتمعات الأبوية، وتهميشهم في البحوث والإجراءات والمبادرات الهادفة إلى تعزيز المساواة بين الجنسين.

كان هناك شيء مثير للإنتباه:

كيف يمكننا الاستمرار في التركيز على النساء، دون تعميق معرفتنا بالرجال والأسباب الجذرية لهيمنة الذكور التي يكرسونها؟

أيضًا، وبعد عام من ذلك (في 2016)، أطلقت هيئة الأمم المتحدة للمرأة مسح إيماج (SIMAGE) في منطقة الرباط  سلا والقنيطرة ، وهو مسح غير مسبوق أتاح استكشاف تصورات ومواقف وسلوكيات الرجال فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين؛ و ذلك لتوضيح، لأول مرة، التناقض في وجهات نظر ومواقف وخبرات الرجال تجاه المساواة وهذا الموقف المزدوج بين التمسك بأدوار نمطية للجنسين وفي نفس الوقت المطالبة بعالم أكثر مساواة.

يسعدني اليوم أن أرى أن هذا الموضوع يثير اهتمامًا كبيرًا ويجلب مبادرات مختلفة في المغرب.

الذكورية هي شكل يبنيه المجتمع وتجعله الثقافات “مثاليا” ويكون على أساسه الرجال في علاقة اجتماعية هرمية مع النساء. كما أن الاهتمام بالذكورية وقضاياها ينطوي على تفكيك وتدقيق دعامة النظام الأبوي وكذا بناء تاريخ للمجتمعات يحترم التنوع وحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الإنسان للمرأة.

بالتالي، فإن معالجة مسألة الذكورية على هامش الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق المرأة ليس خيارًا إعتباطياً. بعد 27 عامًا من تنفيذ منهاج عمل بيجين، وعلى الرغم من الجهود المبذولة، فلا تزال أوجه عدم المساواة بين الجنسين قائمة ولا يزال استمرار النظام الأبوي والقوالب النمطية والتوقعات التي يفرضها على النساء والرجال على حد سواء، أحد الأسباب الرئيسية للتمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي؛ حيث يشكل عقبة رئيسية أمام المساواة الفعالة والتمتع الكامل للمرأة بحقوقها واستقلاليتها ومشاركتها في الحياة العامة والسياسية والاقتصادية والثقافية.

أيضًا، يتطلب العمل من أجل حقوق المرأة ومكافحة عدم المساواة بين الجنسين الاهتمام بما يفكر فيه الرجال وتحليله، وماذا يفعلون وما يعيشونه.

إنها مسألة عكس النهج الذي يعتبر الرجال كأحد أسباب عدم المساواة، بل يتعين العمل معهم ليكونوا جزءًا من الحل.

المساواة بين الجنسين ليست قضية أنثوية حصرًا، بل يتعلق الأمر بالرجال والنساء والفتيات والفتيان على حد سواء ويؤثر عليهم. لذلك، من المهم التأكيد على أن الرجال يمكنهم أيضًا الخضوع أو رفض المنصب أو الدور المنوط بهم.

إذا كان كون المرء رجلاً يشكل نوعًا من الامتياز في المجتمعات الأبوية، فإن كونه رجلاً يمكن أن يشكل أيضًا عائقاً رئيسيًا ويفرض عليه إنتظارات اجتماعية وثقافية ومجتمعية للذكورة النمطية، مشكلة ضغطًا حقيقيًا على الرجال.

بالتالي، فإنه من خلال النظر في نقاط الضعف والاحتياجات الخاصة للرجال، سيكون من الممكن إشراكهم كأطراف فاعلة رئيسية في الكفاح من أجل المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.

لطالما كانت منهجية معالجة الذكورية أولوية متزايدة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة على مستوى العالم وفي المغرب. بينما أتاح مسح إيماج IMAGES تسليط الضوء على المواقف والسلوكيات المقلقة للرجال، وخاصة الشباب، فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، فقد أكد أيضًا أن المجتمع المغربي يمر بفترة “انتقال النماذج”: الانتقال الذي يولد عدم اليقين لكل من الرجال والنساء في بناء هوياتهم الجندرية.

لهذا السبب، أطلقت هيئة الأمم المتحدة للمرأة مع شركائها من المجتمع المدني ووسائل الإعلام استراتيجية عمل تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية لعدم المساواة بين الجنسين من خلال تعزيز الذكورية الإيجابية وإشراك الرجال والنساء والأولاد في تعزيز المساواة. و قد مكنت المشاريع المبتكرة في مناطق مختلفة من المغرب من إشراك كل من النساء والرجال في تفكيك معايير النوع الاجتماعي وفي التشكيك في تصوراتهم وأحكامهم المسبقة وفي تحديد المداخل لتغيير العقليات على مستوى أسرهم ومجتمعهم.

تطورت استراتيجيتنا تدريجياً من إشراك الرجال والفتيان كحلفاء استراتيجيين لتحقيق المساواة، إلى عملية أكثر تعقيدًا لإشراك الرجال في التساؤل حول بناء هويتهم الذكورية وكيف تشكل مواقفهم وخياراتهم وسلوكياتهم في المجتمع ومع أسرهم واستكشاف الذكورية البديلة التي من شأنها أن تسهم في رفاه وإشباع أنفسهم وبيئتهم.

عملت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أيضًا على تعزيز الأبوة المسؤولة وإشراك الرجال في الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية، ليس فقط من خلال حملات التوعية والدعوة ولكن أيضًا من خلال المشاريع التجريبية التي ستتيح لنا فرصة لتبادل الآراء بشأنها بمزيد من التفاصيل خلال المائدة المستديرة مع المتدخلين و المتدخلات.

آمل أن يُسمح لنا اليوم بالتفكير وتبادل الآراء حول الذكورية الإيجابية بفتح النقاش حول الأسباب الجذرية والحلول التي سيتم تنفيذها لتحقيق هدفنا المشترك المتمثل في تعزيز حقوق الإنسان للمرأة والمساواة بين الجنسين.

 

(*) كلمة ليلى الرحيوي، ممثلة هيأة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب، خلال اللقاء الذي نظمته منظمة الأمم المتحدة للمرأة عن “الذكوريات الإيجابية” يوم 7 مارس 2022 بالرباط (بتصرف)

مواضيع قد تهمك:

حصريا لمرايانا: سيلفيا لوبيز إيكرا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في المغرب: المساواة بين الجنسين ليست قضية أنثوية حصرًا، بل يجب أن تهمنا جميعًا

 

يمكنكم الآن تحميل العدد الأول من منشورات مرايانا، مجانا، على هذا الرابط: منشورات مرايانا: نساء في حكاية مملكة

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *