من مصر، أحمد حجاب يكتب: التربية الجنسية – الفيل أمام باب الغرفة - Marayana - مرايانا
×
×

من مصر، أحمد حجاب يكتب: التربية الجنسية – الفيل أمام باب الغرفة

علينا أن نعترف أمام أنفسنا أن التربية الجنسية تتعلق بصحتنا الشخصية. التربية الجنسية ليست عيباً أو عارا، بداية من حماية أجساد أطفالنا وتزويدهم بالمعرفة العامة عن مرحلة البلوغ حتى وسائل الحماية أثناء ممارسة العلاقة الجنسية والحماية من أمراض تنتقل عن طريق الجنس

أحمد حجاب، مدون وباحث مصري

حوار قصير مع موظف الاستقبال في معمل التحاليل الطبية يخبره فيه أحدهم أن حفل زفافه بعد يومين وأن خطيبته لا تعلم أنه يقوم بتلك التحاليل وأنه قام بها فقط للاطمئنان على صحته…

النتيجة: إيجابي مرض نقص المناعة المُكتسبة (الايدز).

ينظر في عين الموظف بقوة. يكاد يصرخ. ينظر حوله غير مُصدق… تمر دقيقة من الدهشة، ثم ينطلق مُسرعاً باتجاه الباب الخارجي مغادراً المعمل ليكمل سباق الجري في الشارع وكأنه يهرب من نتيجة التحليل.

في سنين مراهقتي، أتذكر عند ذهابي للسينما في المرة الأولى مع أصدقائي. نبهني حينها أبي أن أتوخى الحذر من الحمامات في السينما، فسألته مستفسراً وأنا على عجلة من أمري: “ماذا تقصد؟”. حذرني مرة أخرى أنني يجب أن أتوخى الحذر!

في فترة الاستراحة، قررت أن أزور حمام السينما، التي كانت واحدة من أقدم سينمات وسط البلد في القاهرة، لأجد الكثير من دخان السجائر وزحاما شديدا وطوابيرا على الحمامات. بحثت بعيني عن تحذير أبي، فوجدته واقفا عند أحد الحمامات: رجل ضخم يقف على باب أحد الحمامات، يحتجزه لنفسه ويمنع أي شخص آخر من الدخول. يتفحص الأطفال!!!

رجعنا إلى مشاهدة الفيلم وكل ما تصورته وقتها أن ذلك الشخص كان “بلطجي” أو لصا …. أدركت بعد سنين أن ذلك الشخص كان مُعتديا جنسيا.

أغلبنا تربوا على كراهية الجنس باعتباره عيبا. تربينا على كراهية سبب وجودنا. نسب بعضنا بأسماء الأعضاء التناسلية. لا نسمع لمن يشتكي من حولنا. نتخيل أن سكوتنا وعدم حديثنا عن الموضوع يجعله يختفي…

أول ما يخطر ببال الغالبية الساحقة عند سماع كلمات مثل التربية الجنسية، أنها تعني تعليم المراهقين كيف يقومون بالعملية الجنسية؛ والمفاجأة أن غالبية المراهقين في وقتنا هذا يعلمون كيف يحدث الجنس عن طريق الأفلام الجنسية التي تعطي لكلا الجنسين تصورا مغلوطا عن الممارسة الجنسية. لذا، دعنا نعيد ترتيب أفكارنا عن ماهية التربية الجنسية، التي هي مجموعة من المعارف ترتبط بالنقاط التالية:

أولا: حماية جسم الطفل،

ثانياً: توضيح تطور الجسد عند البلوغ،

ثالثاً: العملية الجنسية وطرق الحماية من الأمراض المرتبطة بها.

لماذا كل هذا العداء لموضوع يخص صحتنا؟

ناهيك عن ربطنا للتربية الجنسية بالجنس فقط، أيضا لأن أغلبنا تربوا على كراهية الجنس باعتباره عيبا. تربينا على كراهية سبب وجودنا. نسب بعضنا بأسماء الأعضاء التناسلية. لا نسمع لمن يشتكي من حولنا. نتخيل أن سكوتنا وعدم حديثنا عن الموضوع يجعله يختفي…

يمكننا وصف احتياجنا للتربية الجنسية في مجتمعاتنا بالفيل الذي يقف أمام باب الغرفة ولا نسمح له بالدخول، حتى ندعى أننا لا نراه!

دعنا نسأل أنفسنا، من تحدث إلينا في صغرنا عن حماية أجسامنا من التحرش؟ بالنسبة للفتيات بيننا، ماذا فعلنا عندما جاءتنا الدورة الشهرية لأول مرة؟ عندما وصلنا إلى سن البلوغ؟ كم من المرات سمعنا عن صديقات حملن أو أصدقاء حملت شريكاتهن عن طريق الخطأ لأنهم لم يستخدموا وسائل منع الحمل؟ ماذا كانت مصادرنا الشخصية للمعرفة الجنسية؟ حكايات الاصدقاء؟ وصية الأم لابنتها يوم زفافها؟ الأفلام الجنسية والمجلات الجنسية؟ وصية رجل الدين بالصيام حتى لا نفكر في الجنس؟

هل نريد نفس التجربة لأولادنا؟

علينا أن نعترف أمام أنفسنا أن التربية الجنسية تتعلق بصحتنا الشخصية. التربية الجنسية ليست عيباً أو عارا، بداية من حماية أجساد أطفالنا وتزويدهم بالمعرفة العامة عن مرحلة البلوغ حتى وسائل الحماية أثناء ممارسة العلاقة الجنسية والحماية من أمراض تنتقل عن طريق الجنس.

التربية الجنسية مسؤولية العائلة تجاه أطفالها أولاً، وثانيا هي مسؤولية مؤسسات الدولة مثل وزارات الصحة والتعليم.

حتى يحدث ذلك، يجب على كل عائلة أن تضمن أن يحصل أطفالها على معرفة آمنة عن الجنس.

مقالات قد تهمك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *