الأطفال المتخلى عنهم في المغرب: حين يصبح الحب جريمة بأرقام مرعبة 1/2
الأطفال المتخلى عنهم، ظاهرة ما فتئت تتنامى بالمجتمع المغربي، في ظل التغيرات المجتمعية والانفتاح الذي جعل العلاقات الرضائية واقعا لا يرتفع، رغم ثبات المنظومة الأخلاقية الدينية التي تعتبرها “شذوذا عن الأصل” وتتوعد مقترفيها بالجلد والرجم والعذاب الأليم في الآخرة.
لكن هذه المنظومة الأخلاقية، وإن كانت متجاوزة في الممارسة اليومية، لكنها لازالت ترخي بظلالها كمرجع للأحكام القانونية المتعلقة بالأسرة ومقصدا لاستقاء الأحكام الفقهية من أجل الحكم على آثار العلاقات الرضائية وما ينجم عنها من أرقام مرعبة لأطفال، ليس لهم ذنب فيما تمتع به آباؤهم من لحظات حميمية.
أن تُعالج لوعة الحب وسهاده ليس عيبا. أن تفنى في ذات المحبوب تمام الفناء ليس جريمة. أن تستجيب لنداء الغرائز الملتهبة هو التناغم الحق مع الذات والطبائع الإنسانية في أبهى التجليات والفتوحات الروحانية.
لكن، كيف تتحول لحظة عشق إلى مشكلة ممتدة في الزمان؟ كيف تنقلب دقائق من الحميمية إلى معضلة اجتماعية ومآسٍ إنسانية يصعب حلها في ظل منظومة أخلاقية محكومة بالحلال والحرام و”عيبْ” و”حشومة”، جاعلة من الشرف والعار الفيصل في التعامل مع الآثار الناجمة عن العلاقات الرضائية؟
في دراسة ميدانية بعنوان: “مغرب الأمهات العازبات”، يطالعنا رقم مفاده أن 153 طفلا يولدون يوميا خارج مؤسسة الزواج في المغرب. في نفس الدراسة، تعطي جمعية “بيبي ماروك” أرقاما إضافية، حيث تتوزع نسبة الأمهات العازبات بين 75 في المائة في المدن، و24 في المائة في القرى.
في مؤسسات منسية على هامش المدن الكبرى، يعيش مئات من المستفيدين، وجدوا أنفسهم نزلاءَ في مؤسسات اجتماعية تحتضن المتخلى عنهم أو أشخاصا دون سند أسري – حسب التوصيف الجديد للبرنامج الوطني للنهوض بالكفالة -. أشخاص نشؤوا هناك منذ أن فتحوا أعينهم على الدنيا وتدرجوا في مسارهم الدراسي والتكويني. منهم من نجح في الاندماج في المجتمع ومنهم من حالت ظروف كثيرة دون أن يتمكن من الاستقلالية بذاته عن خدمات دور الرعاية الاجتماعية.
الأطفال المتخلى عنهم، ظاهرة ما فتئت تتنامى بالمجتمع المغربي، في ظل التغيرات المجتمعية والانفتاح الذي جعل العلاقات الرضائية واقعا لا يرتفع، رغم ثبات المنظومة الأخلاقية الدينية التي تعتبرها “شذوذا عن الأصل” وتتوعد مقترفيها بالجلد والرجم والعذاب الأليم في الآخرة.
هذه المنظومة الأخلاقية، وإن كانت متجاوزة في الممارسة اليومية، لكنها لازالت ترخي بظلالها كمرجع للأحكام القانونية المتعلقة بالأسرة ومقصدا لاستقاء الأحكام الفقهية من أجل الحكم على آثار العلاقات الرضائية وما ينجم عنها من أطفال ليس لهم ذنب فيما تمتع به آباؤهم من لحظات حميمية.
قبل أن نجرد بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالأطفال المهملين، لا بأس من ذكر بعض الأرقام المرعبة لعدد الأطفال المتخلى عنهم، واتساع الظاهرة لتشمل في المستقبل المنظور… نصف المواليد الجدد بالمغرب.
أرقام مرعبة
في دراسة أجرتها الجمعية الوطنية للتضامن مع النساء في وضعية صعبة، المعروفة اختصارا بجمعية “إنصاف“، خلصت أن مجموع النساء العازبات بين سنة 2003 و2010 بلغ 270 ألف أم عازبة، و24 طفلا متخلى عنه يوميا. كما بلغ عدد الأطفال المتخلى عنهم بين سنتي 2004 الي 2014 ما مجموعه 9400 طفل.
المركز المغربي لحقوق الإنسان حدد عدد الأطفال الذين يولدون يوميا بالمغرب خارج مؤسسة الزواج في 100 طفل بدون هوية الأب. نصف هؤلاء الأطفال يعتبرون “أطفال شوارع”.
جمعية “الائتلاف المغربي” تقدم رقما آخر بناءً على تقرير “الطفل المهجور بالمغرب“، الصادر عن “اليونيسيف” و “الرابطة المغربية لحماية الطفولة“، حيث كشف التقرير أن المغرب يعرف على رأس كل ساعة طفلا متخلى عنه.
الرقم سيتضاعف حسب المركز المغربي لحقوق الإنسان الذي حدد عدد الأطفال الذين يولدون يوميا بالمغرب خارج مؤسسة الزواج في 100 طفل بدون هوية الأب. نصف هؤلاء الأطفال يعتبرون “أطفال شوارع”.
في دراسة ميدانية بعنوان: “مغرب الأمهات العازبات“، يطالعنا رقم جديد مفاده أن 153 طفلا يولدون يوميا خارج مؤسسة الزواج في المغرب. في نفس الدراسة، تعطي جمعية “بيبي ماروك” أرقاما إضافية، حيث تتوزع نسبة الأمهات العازبات بين 75 في المائة في المدن، و24 في المائة في القرى.
وزارة الأسرة والتضامن بدورها، في أحدث الإحصائيات التي ضمنتها في “المسودة الأولى لبرنامج وطني مندمج للنهوض بكفالة ورعاية الأطفال المحرومين من السند الأسري“، تصرح بما يلي: “يتبين من خلال آخر تقريرين لرئاسة النيابة، أن مجموع عدد الأطفال المهملين قد بلغ، خلال سنة 2018 و 2019، حسب تدخل النيابة العامة، 4458 طفلا، حيث تم سنة 2018 تسجيل 2009 طفل، كما تم برسم سنة 2019 تسجيل 2449 طفل؛ ومن مجموع الأطفال المهملين البالغ عددهم 4458 طفل، فقد تم العثور على 644 طفل حديث الولادة، حيث تم سنة 2018 تسجيل 360 حالة، و284 حالة خلال سنة 2019.
أما بخصوص الأطفال المتخلى عنهم، فقد تم تسجيل 1649 حالة سنة 2018، وتسجيل 2165 حالة سنة 2019…”.
لقراءة الجزء الثاني: الأطفال المتخلى عنهم في المغرب… أحكام فقهية تهدد مصير نصف المواليد خلال العشرين سنة المقبلة 2/2
مقالات قد تهمك:
- كفالة الأطفال: حين يتّفق المجتمع والقانون على… أن تكون ضحيّة حياة!
- حقوق النساء: مقترحات “أنفاس” لتقنين الإيقاف الإرادي للحمل
- قرى الأطفال SOS المغرب… حين تمنح الحياة للأيتام والمتخلى عنهم فرصة “العائلة” مرة ثانية! 2/1
- مديرة قرية الأطفال SOS بإمزورن: هكذا تشتغل قرى الأطفال المغرب وهذا مصير هؤلاء بعد سن الرشد… 2/2
- سناء العاجي تكتب: صوفيا تغتصب الأمهات العازبات
- إلى جانب الفقر… “أستاذ بيدوفيل” يفجع أطفال أكثر المناطق تهميشاً بالجنُوب الشّرقي