الطوفان الرقمي وإرهاق التعليم عن بعد أمام ضُعفِ البنية التحية بالجامعة المغربية 1 - Marayana - مرايانا
×
×

الطوفان الرقمي وإرهاق التعليم عن بعد أمام ضُعفِ البنية التحية بالجامعة المغربية 1\2

ذهبَ العديدُ من المتتبعين، إلى أنّ التعليم الجامعي عن بعد في المغرب، انطلق بشكل “ترقيعي” و”مرتجل”، لا يرقى إلى الشروط الكفيلة بإنجاحه.
الإقبال على الأنترنيت لم يكن بالشكل المراد له، لأنهُ طرح إشكال الجودة والمساواة، فهناك طلبة جامعيون عادوا إلى بيوتهم في الجبال، التي لا تتوّفر على صبيبٍ عالٍ من الأنترنت، إضافة إلى مشكل الاشتراك ومعضلة الولوج إلى الأنترنيت من الأساس

كان، ربّما، واضحاً أن الجامعات المغربية كانت مرتاحة في علاقتها مع التعليم الكلاسيكي والمحاضرات، قبل أن تصفعها جائحةُ كورونا وتعرّي “هشاشة” لوجستيكية وانعداما للبنية التحتية لرقمنة الجامعات، وفق ما بيّنه مختصّون لمرايانا.

منذُ مننصف مَارِس 2020، تم تعليق الدراسة الحضورية بجميع المؤسسات التعليمية، بما فيها الجامعية، عشيّةَ أن قررت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، اعتماد منصة رقمية للتعليم عن بُعد. كان ذلك في إطار إجراءات احتواء فيروس “كورونا” المستجد.

الموجة الأولى من التعليم الجامعي عن بعد صادفتها، مثل غيرها، رغبات بإيقافها، بفعل الاختلاف في الاستفادة منها، سيما بالمعاهد ذات الاستقطاب المحدود، عكس الجامعة.

بعض الفصائل الطلابية رفضت صيغة التعليم عن بعد، نظراً لمبدأ اللاتكافؤ الاجتماعي، و”ضعف مردودية هذا التحصيل”، فخرجت في مراكش لتخوض مسيرات احتجاجية مشددة على اعتماد الدروس الحُضورية.

رب ضارّة نافعة!

في حديثٍ مع “مرايانا”، يقول مهدي عامري، المتخصص في التعليم والتواصل الرقميين، إن التعليم الرقمي من حسَنات الجائحة، ومن البلادة التراجع عنه فيما بعد، لأنه مكسب، وينبغي أن نتحرر من النظم الكلاسيكية في كل شيء حتى في التعليم.

التعليم عن بعد لا يمكن أن ينجح بالارتجال، ولا يمكن أن يكون ناجعا في ظل الوضعية الحالية، حيث يسجل الأستاذ محاضرة بواسطة هاتفه المحمول.

عامري يرفض السقوط في فخ العدمية، ويقول بأن اللجوء إلى التعليم عن بعد، لضمان السيرورة البيداغوجية، أمر جيد رغم صعوبات التنزيل وغياب التأطير. ورغم سقوط هذا النمط في أخطاء جسام، جعلت الطلبة يقاطعون الدروس عن بعد، وحتى الخروج للاحتجاج لإيقافه.

لكن ثقافة الديجيتال هي ثقافة جديدة ووافدة، ولا يمكنُ التشكيكُ في نجاعتها، لأن الجيل الحالي هو جيل “أبناء الأنترنيت”، ونسبة كاسحة من هذا الجيل متمكنة وعلى دراية بالمضامين الرقمية وتستهلكها بكثرة، يقولُ عامري.

بين العدالة والفجوة الرقميتين…

ذهبَ العديدُ من المتتبعين، إلى أنّ التعليم الجامعي عن بعد في المغرب، انطلق بشكل “ترقيعي” و”مرتجل”، لا يرقى إلى الشروط الكفيلة بإنجاحه.

الإقبال على الأنترنيت لم يكن بالشكل المراد له، لأنهُ طرح إشكال الجودة والمساواة. فهناك طلبة جامعيون عادوا إلى بيوتهم في الجبال، التي لا تتوّفر على صبيبٍ عالٍ من الأنترنت. إضافة إلى مشكل الاشتراك ومعضلة الولوج إلى الأنترنيت من الأساس، حسب ما يذكره مهدي عامري.

لذلك، قال الباحث رشيد باجي، إن الدولة لم تضمن كل الوسائل لإنجاح التجربة في شموليتها.

يرى بعض الخبراء بالمغرب أن معظمُ الأساتذة الجامعيين سقَطوا تحتَ سطوة النّسق الكلاسيكي البيداغوجي، الذي يحافظُ على المضمون وإلقائه باستعمال آليات حديثة ورقمية، بمعنى أنهم فقط يشرحون الوثائق للطلبة ويصورونها وينَاقشوها بنفَسِ المحاضرات الواقعية.

احتجّ مختصّون بأنّ التعليم عن بعد لا يمكن أن ينجح بهذا الارتجال. ولا يمكن أن يكون ناجعا في ظل الوضعية الحالية، حيث يسجل الأستاذ محاضرة بواسطة هاتفه المحمول.

إلى جانب هذا، اتضحَ، لدى المتتبعين، الجهل من طرف الكثيرين باستخدام الأجهزة الإلكترونية للتواصل عن بُعد، فثمّة العديد من الطلبة والأساتذة، لا يعرفون كيفية استعمال التطبيقات على الأجهزة الإلكترونية للتواصل عن بُعد.

أكثر من ذلك، فإنه أمام هذه الفجوة الرقمية، وجدت بعض المعاهد المتخصصة، مثلاً، في تكوين الصحافيينَ بالمغرب صعوبة في تقديم الدّروس التطبيقية عن بعد، واقتصرت على الجانب النظري فقط… فالجوانب التطبيقية، حسب بعض الأطر، يكاد يكون مستحيلا التطرق إليها وإجراؤُها عن بُعد.

سطوَة النّسق الكلاَسِيكي؟

يرى بعض الخبراء بالمغرب، ومعهم مهدي عامري، أن معظمُ الأساتذة الجامعيين سقَطوا تحتَ سطوة النّسق الكلاسيكي البيداغوجي، الذي يحافظُ على المضمون وإلقائه باستعمال آليات حديثة ورقمية. بمعنى أنهم فقط يشرحون الوثائق للطلبة ويصورونها وينَاقشوها بنفَسِ المحاضرات الواقعية.

في حين، يفرض التعليم الرقمي، حسب الخبير عامري، ضرورة اعتماد أساليب تتوافق والمضامين الرقمية، كالاختصار، واعتماد الجانب البصري، والصورة والفيديو والتفاعلية.

حينها، لن يكونَ بوسع الأستاذ فقَط أن يُنجِحَ تبليغ رسائله للطلبة، بل قد يرقى إلى إنتاج مضامين تفاعلية هادفة، تنافسُ صُناع المحتويات التربوية الذين يقدمُون معارف ومعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي.

في نهاية حديثه، تنبّأَ أستاذُ التواصل الرقمي عامري، بظهور وظائف جديدة كـ”أستاذ تعليم عالي عن بعد”، متخصص، لأن مراكز تكوين الأساتذة في المغرب تفتقرُ لحصص للتّكوين الرقمي، أو التعامل مع التعليم عن طريق الأنترنيت. لهذا، لم يفهم العديد من الأساتذة عمق التجربة، ومنهم من سارع إلى التّعلم الذاتي.

فهل هناكَ طريقة ناجعة لتوحيد الكيفيات البيداغوجية للتعليم عن بعد؟ وما هي الفرص الذي قد يتيحها؟

هذا ما سنراهُ الجزء الثاني من هذا الملف.

اقرأ أيضا:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *