العُنف ضد النساء في المغربِ… إحصائيات رسمية مُؤرِقة!
أمام انعدام إحصائيات مُحَيّنة بخصوص العنف ضد النساء، يمكنُ أن تعتمدَهَا الحَملة الوَطنية الثّامنة عشر لوقف العُنف ضد النّساء، فإن الحملة تتناول هذه السنة موضوع التكفل بالنساء ضحايا العنف تحت شعَار “مغَاربة متحدين وللعنف ضد النساء رافضين”… معتمدة على آخر إحصائيات رسمية صادرة عن المندُوبية السّامية للتخطيط لسنة 2019.
بالرغم من كل الجهود التي بذلتها الدّولة المَغربية، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني في مجال محاربة العنف ضد المرأة، فإن هذه الظاهرة لا تزال متفشية وتقاوم النضوبَ داخِل الأسر المَغربية. تعاني المرأة من تداعياتها جسديا، قانونياً اقتصادياً، وكذلك نفسياً…
أكثر من ذلك، أصبحنا اليوم نواجه “العنف الإلكتروني” أيضاً…
حالات العنف ضد النساء المغربيات عرفت ارتفاعاً مقلقاً خلال فترة الحجر الصحي، المفروض منذ 20 مارس 2020 إلى يونيو من نفس السنة، بعد أن رصَد تقرير لاتحاد العمل النسائي، المنظمة غير الحكومية، أكثر من ألف حالة عنف في صفوف النساء استقبلها 13 مركزا تابعا للهيئة عبر المكالمات الهاتفية والتسجيلات الصوتية وعبر رسائل نصية بالواتساب.
مع أنّهُ إشكالٌ بنيوي بالمغرب منذ عقود، فالعنفُ بشكل عام، وفق المندوبية السامية للتخطيط، سجلّ تراجعا بين 2009 و2019، حيث انخفضت حصة النساء اللائي تعرضن لفعل واحد من العنف على الأقل، بـ 6 نقاط، منتقلة من 63 ٪ إلى 57٪، إذا ما اعتبرنا الفئة العمرية 18-64 سنة من النساء موضوع بحث 2009 … لكن الظاهرة لا تزالُ عالقة ومؤرقة وفق المختصين.
أمام انعدام إحصائيات مُحَيّنة بخصوص العنف ضد النساء، يمكنُ أن تعتمدَهَا الحَملة الوَطنية الثّامنة عشر لوقف العُنف ضد النّساء، فإن الحملة تتناول هذه السنة موضوع التكفل بالنساء ضحايا العنف تحت شعَار “مغَاربة متحدين وللعنف ضد النساء رافضين”… معتمدة على آخر إحصائيات رسمية صادرة عن المندُوبية السّامية للتخطيط لسنة 2019.
اقرأ أيضا: العنف الاقتصادي… الوجه الآخر لاستبداد الرجل بالمرأة!
في التقرير الرسمي المذكور، أشارت المندوبية إلى أن معدل انتشار العنف ضد المرأة يبلغ 58% في الوسط الحضري (5,1 مليون امرأة) و55% في الوسط القروي (2,5 مليون امرأة)، حسب البحث الذي تم إنجازه على صعيد جميع جهات المملكة، خلال الفترة الممتدة بين فبراير ويوليوز 2019، حيث شمل عينة من 12000 فتاة وامرأة و3000 فتى ورجل تتراوح أعمارهم بين 15 و74 سنة.
التحرّش الجِنسي… الظّاهرة الأكثر تجذراً في الفضاء العام!
رغم أن المغرب اعتمد القانون (103.13)، المتعلّق بمحاربة العنف ضد النساء منذ فبراير 2018، إلاّ أن معضلة التحرش الجنسي لازالت تؤرقُ النساء في الشارع العام وغيره.
وفقَ ذات الإحصائيات، تعرضت 13% من النساء للعنف خلال الـ12 شهرا السابقة لإصدار التقرير، ما يعادل 1,7 مليون امرأة في الأماكن العامة، 16% في المناطق الحضرية و7% في المناطق القروية.
نسبة تطور هذا العنف، تنتشرُ، كما ورد في التقرير، بين النّساء الشابات المتراوحة أعمارهن ما بين 15 و24 سنة (22%) والعازبات (27%) والنساء ذات المستوى التعليمي العالي (23%) والعاملات (23%).
تعزى 49 % من حالات العنف المرتكبة في هذه الأماكن إلى التحرش الجنسي و32 % منها إلى العنف النفسي و19% إلى العنف الجسدي…
اقرأ أيضا: العنف الجنسي… الظاهرة الخفية!
الأنترنيت ليس آمناً؟
التقرير التفتَ لنوع هام من التحرشّ الجنسي لا يقلّ خطورة… وهو العنف الرقمي والتحرش الجنسي الذي قد تتعرضُ له النساء في الفضاء الافتراضي…
نسبةُ النساء ضحايا العنف الإلكتروني بلغت 14 %؛ أي ما يقَارب 1,5 مليون امرأة ضحايا للعنف الإلكتروني، من خلال البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والرسائل النصية القصيرة، إلخ… ولكن!
هذا النوع من العنف يرتكبُ في 77 % من الحالات، من قبل شخص مجهول، فيما تتوزع الحالات المتبقية بنسب متساوية تقارب 4%، بين أشخاص لديهم علاقة مع الضحية؛ خاصة منهم الشريك، أحد أفراد الأسرة، زميل في العمل، شخص في مجال الدراسة، صديق أو صديقة.
نساءُ المدن أكثرُ احتمالاً، حسب التقرير، للوقوع ضحية لهذا النوع من العنف، بناءً على نتائج البحث، بنسبةٍ تصلُ إلى 16 % وتصل إلى 29 % بين النساء الشابات المتراوحة أعمارهن ما بين 15 و19 سنة وإلى 25% بين النساء الحاصلات على مستوى تعليمي عالي وإلى 30% بين العازبات وإلى 34% بين التلميذات والطالبات.
العنف المنزلي… ذلك العُنف “الطّبيعي” مجتمعياً!
باستثناء الأماكن العامة، يظل العنف الممارس في الفضاء المنزلي، الذي يشمل العنف المرتكب من لدن الشريك والأسرة (بما في ذلك أسرة الشريك) الأكثر انتشاراً بنسبة 52٪ (6,1 مليون امرأة) وذلك بزيادة نقطة واحدة مقارنة مع 2009، في حين شهدت مجالات الحياة الأخرى تراجعا في نسبة انتشار العنف، خاصة في الأماكن العامة من 33٪ إلى 13٪ ، وفي فضاء التعليم من 24 ٪ إلى 19 ٪.
خلال الـ12 شهرا التي سبقت صدور التقرير، قامَت 10,5% من النساء ضحايا العنف، أي ما يقرب من 18 % ممن تعرضن للعنف الجسدي وأقل من 3 % للعنف الجنسي، بتقديم شكاية إلى الشرطة أو إلى سلطات مختصة أخرى مقابل 3% سنة 2009. لا تتجاوز هذه النسبة 8 % في حالة العنف الزوجي مقابل 11% في حالة العنف غير الزوجي.
عادةً، يتمّ حل النزاع عن طريق التسوية والتدخل الأسري وكذلك بسبب الخوف من الانتقام من طرف الجاني. في حين تبقى مشاعر الخجل أو الحرج، خاصة في حالات العنف الجنسي، من بين الأسباب الرئيسية التي تمنع الضحايا من تقديم شكاية إلى الجهات المختصة.
الأخطر في الحكاية، أن 21% من النساء و25 % من الرجال يعتقدونَ أنه من حق الزوج ضرب أو تعنيف زوجته في حال خروجها من البيت دون إذنه. وتصل هذه النسبة الى أعلى مستوى لدى النساء القرويات (31 %) والرجال القرويين (30 %) والنساء بدون مستوى تعليمي (31%).
بفعل جائحة كوفيد19، يتوقع الخبراء نتائج إحصائية خطيرة تسبب فيها التأثير النفسي والاقتصادي، وانعكس سلباً على الأسر، فتفاقم العنف ضد المرأة !