رئيساتٌ مسلمات… لماذا لا نجد بينهن عربيات؟
يظهر أن عدم تولية المرأة منصب الرئاسة أو رئاسة الوزراء في العالم الإسلامي، طابعٌ عربي خالص، ففي مناطق أخرى حيث يوجد مسلمون، سواء كأقلية أو أغلبية، قد تمكّنت المرأة فعلا من الوصول إلى سدة الحكم.
أن ترى امرأة تتولى منصب الرئاسة أو رئاسة الوزراء في “البلاد العربية”، أمرٌ يكاد يكون ضربا من المستحيل. صار المنصبان منذ زمن… حكرا على الرجال.
أما إذا فتحنا كتب التاريخ وعدنا إلى أزمنة قديمة شيئا ما، فالنساء كان لهن أيضا أن يقدن دفة الحكم في هذه البلاد.
أظهر تقرير نشرته الأمم المتحدة حول أوضاع المرأة، عام 2017، أن 16 دولة آنذاك فقط تحكمها نساء؛ أي 8.3 بالمائة من دول العالم.
… ولنا في كتاب “أعلام النساء في بلاد العرب والإسلام” للمؤرخ السوري عمر كحالة، وكتاب “سلطانات منسيات” للسوسيولوجية المغربية فاطمة المرنيسي، أمثلة عديدة.
أمثلة من قبيل السيدة الحرة؛ حاكمة تطوان، ستّ الملك التي تولت مقاليد الحكم في مصر الفاطمية، شجرة الدر؛ الملكة المصرية في عصر الدولة الأيوبية، بلقيس الصغرى ملكة صنعاء…
اقرأ أيضا: زينب النفزاوية: زوجة ابن تاشفين ومهندسة توسع دولة المرابطين! 2/1
بالنظر إلى أنظمة الحكم آنذاك، كان للمرأة إن لم تُولّ أي منصب سياسي، أن تلعب على الأقل أدوار ظل كزوجة للحاكم تُشير عليه في شؤون الدولة.
أما في العصر الحديث، فقد عادت الحكاية إلى الصفر… خاضت النساء نضالات عديدة من أجل التمكين السياسي وحقوق تبدو اليوم بديهية مثل الانتخاب…
وقد شاهدنا في دول “عربية” كثيرة نساءً يصلن إلى مراتب سياسية متقدمة… لكن المناصب التنفيذية تظل دوما خطا أحمر!
نشر عقائد تخريفية تقزم مكانة المرأة باسم الدين الإسلامي يحرمها من تولي هذه المناصب في البلدان “العربية”.
على أن منصب الرئاسة يظل كذلك بعيد المنال في مجمل العالم. تقريرٌ نشرته الأمم المتحدة حول أوضاع المرأة، عام 2017، أظهر أن 16 دولة آنذاك تحكمها نساء.
الرقم سيبدو هزيلا حقا حين نعرف أنه لا يمثل سوى 8.3 بالمائة من دول العالم، التي يبلغ عددها بحسب المنظمة 193 دولة.
تعليقا على الرقم آنذاك، قال رئيس اتحاد البرلمان الدولي، مارتن تشوجونج، إن صعود المرأة إلى أعلى منصب في الدولة “بطيء بصورة مؤلمة”، مؤكدا أنه لو سار بهذه الوتيرة سيستغرق 50 عاما لتحقيق التكافؤ بين النساء والرجال.
اقرأ أيضا: حسين الوادعي: كراهية النساء.. ذلك الاضطراب النفسي المجهول!
بالعودة إلى “المنطقة العربية”، يبرز الباحثون أن المرأة لم تتول السلطة في عصرنا وما اقترب منه لسببين أساسيين.
الأول أن غالبية النظم السياسية “العربية”، قامت على الانقلابات والثورات العسكرية المسلحة، ولم تكن فيها المرأة منخرطة أو تتولى القيادة في الجيوش.
إذا فتحنا كتب التاريخ وعدنا إلى أزمنة قديمة شيئا ما، فالنساء كان لهن أيضا أن يقدن دفة الحكم في البلاد “العربية”.
أما السبب الثاني، والأساسي، فنشر عقائد تخريفية، باسم الدين الإسلامي، تقزم مكانة المرأة… حتى ذاع أنها ناقصة عقل ودين، وأن للرجل الولاية عليها، ونثروا على الفكرة بعض البهارات مثل أن المرأة عاطفية لا تصلح للحكم.
… ثم إن جودلوا في ذلك، حسموا بالحديث الذي ينسبونه إلى النبي: “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة”.
اقرأ أيضا: من مصر، محمد حميدة يكتب: إنهم يأكلون النساء يا رسول الله
الواقع أن أفكارا مثل هذه يظهر أنها طابع عربي خالص، أما في مناطق أخرى حيث يوجد مسلمون، سواء كأقلية أو أغلبية، فالنساء قد تمكنّ فعلا من الوصول إلى سدة الحكم.
خُضن في السياسة والسياسة معترك، لكن على الأقل، لا أحد منعهن من ذلك لمجرد أنهن نساء… وفي ما يلي بعض الأمثلة:
أمينة غريب فقيم… موريشيوس
ولدت أمينة عام 1959، وتعد في بلادها عالمة بارزة في التنوع البيولوجي.
تعمل أساسا أستاذة محاضرة في مادة الكيمياء العضوية، كما شغلت منصب عميد كلية العلوم بجامعة موريشيوس، ولها مؤلفات عديدة في مجال حفظ التنوع البيولوجي.
ثم عام 2015، انتخب البرلمان أمينة رئيسة للبلاد كأول امرأة تشغل هذا المنصب الفخري في موريشيوس.
اقرأ أيضا: هذه 7 أسماء مغربية لمعت عالميا في مجال العلوم
عاطفة يحيى آغا… كوسوفو
ولدت عاطفة عام 1975. أهّلتها دراستها لإدارة الشرطة والقانون الجنائي في الجامعة، لتشغل منصب نائب قائد الشرطة الوطنية، والقائم بأعمال رئيس شرطة كوسوفو.
ظلت كذلك حتى انتخبها البرلمان عام 2011 رئيسة للبلاد، كأول امرأة تشغل هذا المنصب في كوسوفو؛ الدولة ذات الأغلبية المسلمة.
حازت الثقة بعدم انتمائها لأي تيار سياسي، وقد اعتبرت آنذاك، في سن الـ36، أصغر من يتولى منصبا من هذا القبيل في العالم.
اقرأ أيضا: هل ولى عمر بن الخطاب، الشفاء، قاضية للحسبة في عهده؟
حليمة يعقوب… سنغافورة
ولدت حليمة عام 1954. درست القانون في الجامعة، ثم أدارت بعدها عدة مؤسسات، مثل معهد سنغافورة لدراسات سوق العمل، قبل أن تدخل غمار السياسية عام 2001.
أصبحت عام 2012 وزيرة دولة في وزارة التنمية الاجتماعية والأسرية. بعد عام عُيّنت متحدثة باسم البرلمان، ثم رئيسة له على مدى أربع سنوات كأول امرأة في تاريخ البلاد تشغل هذا المنصب.
منصبٌ استقالت منه عام 2017 لتتمكن من خوض سباق الانتخابات الرئاسية… لكن عدم استيفاء المرشحين لشروط شغل المنصب، أدى إلى تعيينها رئيسة بالتزكية، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب الفخري.
اقرأ أيضا: المساواة في الإرث في المغرب: هل نحن فعلا أمام آيات قطعية؟ 1/3
حسينة واجد… بنغلاديش
ولدت حسينة عام 1947، وهي ابنة مؤسس بنغلاديش الشيخ مجيب الرحمن.
خاضت في السياسة منذ عهدها بالجامعة إذ انتخبت نائبة لرئيس اتحاد الطلبة، عام 1966، ثم عاشت بعد ذلك في المنفى إثر اغتيال جميع أفراد أسرتها.
عادت إلى البلاد عام 1981، ثم بعد 15 سنة انتخبت رئيسة للوزراء عن حزب “رابطة عوامي”.
منصب خسرته عام 2001، قبل أن تعود إليه عام 2008، وظلت تشغله إلى اليوم على مدى انتخابات عدة.
نجت حسينة من محاولات اغتيال متعددة، إحداها أفقدتها السمع جزئيا عام 2004.
اقرأ أيضا: سحابة الرحمانية… مؤسِّسة ازدهار الدولة السعدية!
بينظير بوتو… باكستان
ولدت بينظر عام 1953. درست العلوم السياسية والاقتصاد في جامعتي هارفارد وأوكسفورد، وتنتمي لعائلية سياسية شهيرة في باكستان.
دخلت بينظير معترك السياسة بعد الانقلاب على والدها الذي كان رئيسا للبلاد، وإعدامه عام 1979.
تولت قيادة حزب الشعب، ثم عام 1988 وإثر انتخابات برلمانية، عينت رئيسة للوزراء. عن عمر ناهز 35 عاما، وصفت بأول وأصغر امرأة تتولى المنصب في دولة إسلامية.
واجهت بينظير العديد من المشاكل والاتهامات في المنصب الذي تولته مرتين، انتهت باغتيالها عام 2008.