دراسة حديثة: “تزويج القاصرات” يقترب من تعريف الاتجار بالبشر، ومعظم “الطفلات” المتزوجات غير راضيات عن حياتهن! 2/2
تثبت نتائج الدراسة أن تزويج القاصرات ممارسة معروفة وشائعة في المجتمع، وبشكل أدق في المناطق القروية، حيث يبدو معمولا به منذ سن 15 سنة.
يعد العامل الاقتصادي الأكثر ضلوعا في انتشار تزويج القاصرات. حسب اليونيسيف، من المحتمل أن تُزوج الأسر الأكثر فقرا بناتها، قبل سن 18 سنة، بنسبة الضِعف مقارنة مع الأسر الأقل فقرا أو تلك التي تقطن في الوسط الحضري.
هاجس تقليص الأفواه التي ينبغي إطعامها، والفائدة التي يجلبها الصداق، بجانب انخفاض مستوى التعليم، يمكن أن يدفع بالأسر إلى تزويج بناتها في وقت مبكر.
بعدما تابعنا في الجزء الأول بعض أبرز خلاصات الدراسة التي نشرتها جمعية “حقوق وعدالة”، بداية مارس 2020، بعنوان “دراسة وطنية حول تزويج القاصرات في المغرب”… في هذا الجزء الثاني والأخير، نواصل هذا التقرير حيث نتعرف على خلاصات أخرى.
نشير قبل ذلك إلى أن مرايانا أعدت سابقا ملفا عن “تزويج القاصرات“، حيث لاحظت وجود ثغرات في مدونة الأسرة، تسمح للظاهرة أن تتفاقم عوض أن تحاصرها، بما يوجب تعديلها بحسب بعض الحقوقيين.
ممارسة شائعة
32 بالمائة من المبحوث معهن، يعرفن “طفلات” تزوجن قبل سن 15 سنة، و68 بالمائة يعرفن “طفلات” تزوجن بين 15 و18 سنة.
هذه النتائج تثبت، بحسب الدراسة، أن تزويج القاصرات ممارسة معروفة في المجتمع، وبشكل أدق في المناطق القروية، حيث يبدو معمولا به منذ سن 15 سنة.
إحدى الأسئلة الموجهة إلى المبحوث معهن، كان المصير الذي ينتظر الفتيات اللائي لم يتزوجن بعد عن سن الـ18.
هاجس تقليص الأفواه التي ينبغي إطعامها، والفائدة التي يجلبها الصداق، بجانب انخفاض مستوى التعليم، يمكن أن يدفع بالأسر إلى تزويج بناتها في وقت مبكر.
تشير الإجابات إلى أن أكثر من 32.34 بالمائة يفضلن الزواج بعد 18 سنة. الواقع أن الزواج بعد سن 18 يعد الطبيعي، ذلك أنه يتيح للفتاة القيام بعمل يرضيها أو إنهاء دراستها.
غير أن أكثر من 24.94 بالمائة يعتبرن أن الزواج بعد سن الـ18، يحكم على الفتاة بالبقاء عازبة إلى الأبد، وبسبب ذلك، ينبغي عليها الزواج قبل ذلك.
اقرأ أيضا: سناء العاجي تكتب: أن تكوني أُمّا… أو أن لا تكوني!
أكثر من هذا، هؤلاء يعتقدن أن الفتاة إن لم تتزوج في سن الـ18 أو قبله، يمكن أن تتعرض لمشاكل خطيرة، يمكن أن تصل إلى حد بيع الجنس، أو “الدعارة” بتعبير الدراسة.
هذه المشاكل الخطيرة تتمثل، تقول الدراسة، في عدم احترام محيطها لها، مع الإشارة التحقيرية: “بايرة”، أو الخوف من معاناة والديها، أو السعي وراء حياة رتيبة مثقلة بالمهام، أو الحرمان من “متعة” أن تصير أُمّا.
والحال هذه، ترى الدراسة، أن أي استراتيجية لمكافحة ممارسة زواج القاصرات، ينبغي أن تأخذ كل هذه المعايير بعين الاعتبار.
غير راضيات
إجمالا، 32.02 بالمائة من المبحوث معهن، يعشن مع أبوي الزوج. 45.32 بالمائة تعيش في منزل يملكه الزوج، و20.69 بالمائة في منزل مستأجر، و1.97 في مكان آخر غير الأنواع السالف ذكرها.
معظم أزواج الزوجات القاصرات يشتغلون، فقط 11.09 بالمائة منهم عاطلون عن العمل.
88 بالمائة منهم يشتغلون قرب منازلهم، و12 بالمائة بعيدا عنها، فيما يشتغل 4.43 بالمائة في الخارج.
تعيش القاصر المتزوجة، وفقا للدراسة، في عالم مقيد بقدَرِ المنزل الذي تقضي فيه حياتها، حيث تقتصر طموحاتها على… الإنجاز المثالي للمهام المنزلية وتفقد كل رغبة في التعلم.
نصف الأزواج البعيدين يزورون زوجاتهم من حين لآخر، وربعهم في كثير من الأحيان، بينما الأقلية، نادرا ما تقوم بذلك.
معظم هؤلاء الأزواج يرسلون نفقة شهرية إلى أسرهم، في حين أن 28.13 بالمائة لا يرسلون أي شيء لزوجاتهم، وهو ما يمثل مشكلة حقيقية بحسب الدراسة.
وفقا للدراسة، تلجأ الزوجات القاصرات لإدارة هذه الوضعية إلى آبائهن أولا، ثم إلى العمل المنزلي، والتسول، وربما في بعض الحالات إلى بيع الجنس.
اقرأ أيضا: العنف الاقتصادي… الوجه الآخر لاستبداد الرجل بالمرأة!
فهل الزوجات/الطفلات القاصرات راضيات عن حياتهن الجديدة هذه؟
تؤكد 73.04 بالمائة منهن أنهن غير راضيات عن حياتهن اليومية، فيما تقول 26.96 بالمائة أنها راضية. تلاحظ الدراسة أن الزوجات القاصرات في المناطق القروية نادرا ما يشتكين.
بصفة عامة، تؤكد 76.05 بالمائة من الطفلات اللائي تم تزويجهن، أنهن ليست لديهن انشغالات أخرى غير المنزل، في حين صرحت 23.95 بالمائة منهن… أن لديهن انشغالات أخرى.
أقصى الطموح… الإنجاز المثالي للمهام المنزلية!
تمكنت 34 فتاة/طفلة من العينة المبحوثة من إحراز تقدم في تكوينهن بعد الزواج، إلا أن مستواهن الدراسي بقي كما هو. في حين تمكنت 9 فتيات من التقدم في دراستهن بعد الزواج، وذلك بمرورهن من سلك تكويني إلى آخر.
وفقا لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، يقترب تزويج القاصرات أو الزواج القسري، في بعض الحالات، من تعريف الاتجار بالبشر.
لأسباب متعددة، لا تتمكن القاصرات من متابعة دراستهن بعد تزويجهن.
أسباب تعددها الدراسة في المهام المنزلية، الأمراض، إعالة الأطفال، وأيضا استبداد بعض الأزواج الذين يمنعون زوجاتهم من متابعة دراستهن. في بعض المناطق القروية، يمنعونهن من مغادرة عتبة الباب حتى.
اقرأ أيضا: أطفال مغرب اليوم… لكل زمن بيئته ولكل بيئة سلوكاتها! 2/1
ونظرا لكونها تزوجت في سن مبكرة، وغالبا تكون غير متعلمة، تعيش القاصر المتزوجة، وفقا للدراسة، في عالم مقيد بقدَرِ المنزل الذي تقضي فيه حياتها، حيث تقتصر طموحاتها على… الإنجاز المثالي للمهام المنزلية وتفقد كل رغبة في التعلم.
كالاتجار بالبشر أحيانا!
الجنس في المغرب من المواضيع المحرمة. كثيرون هم أولئك الذين يدافعون عن الحفاظ على العذرية قبل الزواج، وكذا منع ممارسة علاقات جنسية خارج إطار الزواج.
الدراسة تخلص إلى أن… خوف الآباء من فقدان ابنتهما عذريتها، وربما الحمل، يدفعهم إلى تزويج ابنتهم، حتى ولو كانت قاصرة وربما صغيرة جدا.
28.13 بالمائة من الأزواج البعيدين لا يرسلون أي نفقة لزوجاتهم، وهو ما يمثل مشكلة حقيقية بحسب الدراسة، إذ لإدارة هذه الوضعية، يلجأن إلى آبائهن أولا، ثم إلى العمل المنزلي، والتسول، وربما في بعض الحالات إلى بيع الجنس.
لكن الذي لا يعرفه هؤلاء الآباء، أو يغضون الطرف عنه، هو مآل الطفلة التي تم تزويجها… والذي يكون رديفا أحيانا، للعنف والاستغلال الجنسي.
ليست كل زيجات القاصرات تؤدي إلى العنف، تؤكد الدراسة، إلا أن الأبحاث بينت أن ذلك يحدث، وأحيانا يمكن أن يؤدي إلى حالات حقيقية من الاتجار في البشر.
اقرأ أيضا: ملايين “العبيد” يعيشون بيننا في عالم اليوم… 2/1
وفقا لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، يقترب تزويج القاصرات أو الزواج القسري، في بعض الحالات، من تعريف الاتجار بالبشر.
نشير في الأخير إلى أن 22.56 بالمائة من المبحوث معهن، قلن إن قرار الحمل وعدد الأطفال خارج عن سيطرتهن تماما. بالنسبة لـ12.24 بالمائة، يقرر الزوج لوحده، فيما بالنسبة لـ10.32 بالمائة، عائلته هي من تقرر!
لقراءة الجزء الأول: “تزويج القاصرات”… دراسة حديثة: الاستثناء المخول للقاضي في مدونة الأسرة أصبح قاعدة! 2/1