حرية التعبير في المغرب: رقابة ضد الفكر والإبداع وبرلمانيون يطالبون بمزيد من المراقبة 2/2
عطفا على التقارير الوطنية والدولية التي تدين الصورة القاتمة لحرية الرأي والتعبير، نتابع في هذا الجزء بعض الحالات التي وضعت هذه الحرية في مرمى الجدل بالمغرب في السنوات الأخيرة.
رأينا في الجزء الأول أن التقارير الوطنية والدولية ترسم صورة قاتمة عن حرية الرأي والتعبير في المغرب، وهو ما ترد عليه الحكومة بـ”الإجحاف”… في هذا الجزء، الثاني والأخير، نتناول بعض النماذج التي يعتبرها البعض سمات واضحة للتضييق الذي تعرفه حرية الرأي والتعبير بالمغرب.
منع الكتب واللوحات والصالونات الثقافية… سمات أخرى لـ”التضييق”؟
حالات كثيرة وضعت حرية الرأي والتعبير في مرمى الجدل بالمغرب، في السنوات الأخيرة. أبرز هذه الحالات، منع محكمتين مغربيتين لكتاب رشيد أيلال، “صحيح البخاري… نهاية أسطورة”، من التداول والعرض، لكونه “يتضمن مسا بالأمن الروحي للمواطنين ومخالفة للثوابت الدينية المتفق عليها”.
حالة أخرى استأثرت باهتمام الرأي العام المغربي، وتتعلق بمنع عمل إبداعي من العرض، إذ سحبت لوحة بعنوان “كاماسوترا”، للفنانة التشكيلية خديجة طنانة، من متحف الفن المعاصر بمدينة تطوان. وقد سحبت اللوحة بسبب تناولها لأوضاع جنسية مستوحاة من كتاب “الروض العاطر في نزهة الخاطر”.
في الوقت الذي تعد فيه الشبكات الاجتماعية عبر العالم، فضاءات تتيح للمواطنين هامشا واسعا من الحرية يمكنهم من التعبير عن آرائهم بكل حرية ودون قيد، فاجأ الفريق الاشتراكي في مجلس المستشارين رواد شبكات التواصل الاجتماعي بالمغرب، حين وجه سؤالا شفويا للحكومة نهاية ماي 2018 عن مراقبة هذه الشبكات.
في تصريح سابق لرشيد أيلال، اعتبر أن الحكم بمنع تداوله، “قرار مجحف في حق حرية التعبير، فمصادرة الكتاب تعني تكميم الأفواه حتى تتناغم مع رأي واحد ووحيد، وإلغاء التعددية التي هي أساس كل حرية”.
من جانبها، قالت صاحبة اللوحة الممنوعة من العرض، في تصريح لها، إنها “لم تكن تتصور أننا سنعود مرة أخرى إلى زمن الرقابة، إنه انتصار للفكر الظلامي وفكر القرون الوسطى”.
اقرأ أيضا: “التضليلُ أشد أنواعِ القمع”، والذئابُ لا ترعى الغنم…!
وكان فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة مراكش قد أصدر على خلفية منع كتاب “صحيح البخاري… نهاية أسطورة”، بيانا يقول فيه إنه، بغض النظر عن مضامين الكتاب التي تعبر عن رأي لم يحرض على العنف ولم يدعُ للكراهية، فإن المنع من شأنه تقييد حرية الرأي والتعبير والابداع، ويدفع في اتجاه تضييق المجال على الحق في الاختلاف في قضايا تهم الشأن الديني، ويوسع ويقوي مجال المقدسات والثوابث”.
إلى ذلك، يعرف المغرب بين الفينة والأخرى، حالات منع بعض الأنشطة الثقافية والفكرية، مثلما حدث مع لقاء ثقافي بسطات عام 2017 حول كتاب بعنوان “مملكة الكراهية، كيف دعمت العربية السعودية الإرهاب العالمي الجديد”؛ وأيضا ندوة فكرية ببنسليمان لأساتذة جامعيين وشعراء، حول المقاومة المغربية ورموزها بمنطقة الشاوية.
في خطوة “مثيرة”، فريق برلماني يدعو الحكومة إلى مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي!
في الوقت الذي تعد فيه الشبكات الاجتماعية عبر العالم، فضاءات تتيح للمواطنين هامشا واسعا من الحرية يمكنهم من التعبير عن آرائهم بكل حرية ودون قيد، فاجأ الفريق الاشتراكي في مجلس المستشارين رواد شبكات التواصل الاجتماعي بالمغرب، حين وجه سؤالا شفويا للحكومة نهاية ماي 2018 عن مراقبة هذه الشبكات، ما أثار موجة استهجان عارمة لدى هؤلاء.
اقرأ أيضا: الشبكات الاجتماعية… فضاءات حرة لسلطة مضادة عمادها المواطنون! 1\3
عبد الحميد الفاتحي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، تساءل عن تصور الحكومة لمحاصرة مد هذه الشبكات التي لا تخدم، حسب قوله، الديمقراطية في شيء؛ مبررا ذلك بأنها “تعرف تجاوزات لا أخلاقية بصفة عامة، تمس الأشخاص في أعراضهم، والمؤسسات الدستورية والأحزاب والنقابات بشكل مضبوط يبخس كل القيم المتعارف عليها”.
يعرف المغرب بين الفينة والأخرى، حالات منع بعض الأنشطة الثقافية والفكرية، مثلما حدث مع لقاء ثقافي بسطات عام 2017 حول كتاب بعنوان “مملكة الكراهية، كيف دعمت العربية السعودية الإرهاب العالمي الجديد”.
الشبكات الاجتماعية تعرف في الآونة الأخيرة نشاطا مكثفا يتمثل في دعوات مقاطعة بعض المنتوجات. وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، رد على تساؤل المستشار الاشتراكي، بأن هذه الشبكات هي موضوع ساعة، وتطرح العديد من النقاشات داخل المجتمع، والفضاء السياسي.
الأعرج أكد أن شبكات التواصل الاجتماعي “تعتبر فضاءات خاصة لممارسة حرية الرأي والتعبير وأنه، من منطلق حرص المغرب على هذه الحرية، كما يضمنه الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، فإننا نحرص أن تمارس حرية التعبير، في إطار القانون”.
اقرأ أيضا: منع الكتب: سلاح الاستبداد في محاربة التحرر
كما أضاف الوزير الوصي أن “أي ممارسة يعاقبها القانون ضمن هذا النطاق، تحرك النيابة العامة بخصوصها المتابعة، كما يمكن أن يتقدم بشكاية من شعر بالمس بحياته الخاصة أو بشرفه”.
ختاما، يظهر وفق الكثير أنه لا يزال أمام حرية الرأي والتعبير في المغرب طريق طويل نحو الانعتاق التام… ذاك ما تؤكده التقارير الوطنية والدولية التي تابعناها في هذا الملف، ومعها الحالات التي حدثت كوقائع شاهدة عن ذلك.
لقراءة الجزء الأول: فريدوم هاوس، مراسلون بلا حدود، منظمة العفو الدولية، هيومن رايتس واتش، المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان… تقارير وطنية ودولية تدين غياب حرية التعبير والرأي في المغرب 2/1