عبد الإله أبعصيص يكتب: يحكمنا المزاج ويتحكم فينا المجاز… - Marayana - مرايانا
×
×

عبد الإله أبعصيص يكتب: يحكمنا المزاج ويتحكم فينا المجاز…

دولة بمؤسسات لاتعني بالضرورة، دولة مؤسسات. دولة بدستور لا تعني البتة دولة يحكمها دستور. هناك بون شاسع بين أن تحكم بالدستور… وأن تتحكم باسم الدستور …

عبد الإله أبعيصيص

لن ينكر أحد أن المغرب بلد قطع أشواطا وأشواطا… في الحديث عن التنمية وربيبتها الديمقراطية.

أكرر في الحديث ولا شيء سوى الحديث.

… تعاقبت أجيال على تدبير شأننا العام. تعاقبت حكومات بألوان وحكومات برموز، كلها أجمعت على نفس التشخيص ونفس المقترحات للخروج من الأزمة… نعم للخروج من الأزمة. خرجوا جميعا من الأزمة وبقي الشعب وحده ينعم فيها… أو يشقى، فالأمر سيان.

… الجريدة الرسمية المسائية والزوالية تقول إن الشعب ينعم تحت قيادة الحكومات الرشيدة بالرخاء رغم الغلاء وبالنماء رغم شظف العيش.

      للحق والحقيقة، فهذا المجاز الذي يتحكم فينا، وهذا المزاج الذي يحكمنا أصبح معديا. لم تسلم منه لا إدارات ولا مؤسسات… لا أحزاب ولا نقابات ولا جمعيات ولا جامعات. لا مراكز ولا فروع.

يصدق فينا القول وليس من رأى كمن سمع. من يسمع الخطاب الرسمي ويرى الواقع الرسمي، سيحتار أي حواسه أصدق، أعينه التي ترى أم أذنه التي سمعت…

فعلا، نحن في نعيم المجاز نحيا… فديمقراطيتنا مجاز لا حقيقة، ونعيمنا مجاز واستعارة، والنماء الذي نتمرغ فيه مجاز واستعارة وتشبيه للحاكمين ومن لغا لغوهم…

إقرأ لنفس الكاتب: الاستثناء الاعتيادي

فعلا لن ينكر أحد أن بالمغرب إدارات ومكاتب وحكومات ووزارات وهلم مؤسسات ومؤسسات… لكن كل ذلك لم يؤسس بعد لدولة المؤسسات!

هي دولة مجازا واستعارة، هي مجرد تشبيه…

الدولة فعلا… هي دولة المؤسسات التي تحترم مواطنيها كما تحترم مسؤولياتها… دولة قانون وليست دولة تتحجج بالقانون ولا دولة المزاج. نعم، هي دولة مجازا ويحكمها القائمون بالمزاج.

أليس من يحكمنا المجاز ولنا دستور يمنح لنا على المقاس… دستور ليس للتطبيق وإنما لنكيد العدى والحساد… دستور باليمنى وهراوة غليظة باليسرى… باسمه ننعم بالصحة والتعليم والشغل. وباسمه أيضا توزع قرون من الاعتقال لمن تجرأ وقال طبقوا علينا الدستور وامنحونا فرصة شغل ومقعدا في مدرسة وسريرا للعلاج.

هنا على هذه الأرض يباح الاحتجاج فقط لمن هم في مراكز القرار وعليهم يكون الاحتجاج.

لقد تعبنا من السفر عبر حافلات نقل الأحياء إلى العاصمة وما جاورها لنتجرع مرارة العلاج، ونعود إلى مقابر مدننا وقرانا عبر حافلات نقل الأموات. تعبنا من التنقل للموت بدل العلاج.

دولة بمؤسسات لاتعني بالضرورة، دولة مؤسسات. دولة بدستور لا تعني البتة دولة يحكمها دستور. هناك بون شاسع بين أن تحكم بالدستور… وأن تتحكم باسم الدستور …

كما الدولة تسمينا رعايا، يسمينا القائد الكبير في المركز أو ظله الصغير في الهامش، مجرد أتباع. رعايا عند الدولة وأتباع عند من يريد بنا تغيير الدولة.

للحق والحقيقة، فهذا المجاز الذي يتحكم فينا، وهذا المزاج الذي يحكمنا أصبح معديا. لم تسلم منه لا إدارات ولا مؤسسات… لا أحزاب ولا نقابات ولا جمعيات ولا جامعات. لا مراكز ولا فروع.

الكل الكل يحكمه المزاج ويتحكم فيه المجاز. من يطمحون للتغيير لم يستطيعوا بعد التخلص من عقدهم التسلطية ويعتقد القائمون عليها؛ نعم القائمون؛ في المراكز كما في الفروع، في ممارسة هواية الإنسان المقهور التي هي التسلط ولا شيء سواه.

إقرأ أيضا: هشام روزاق يكتب: من يحكم المغرب؟ … “جهات ما”

 كما الدولة تسمينا رعايا، يسمينا القائد الكبير في المركز أو ظله الصغير في الهامش، مجرد أتباع.

رعايا عند الدولة وأتباع عند من يريد بنا تغيير الدولة.

ستتحقق الدولة، عندما يحكمها الدستور والمؤسسات. وستتحقق المؤسسات التي يمكنها تغيير الدولة… عندما لا يحكمها المزاج ولا تكون مجرد مجاز.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *