قداسة الكعبة على ضوء التاريخ الإسلامي: بين القداسة والتخريب 2/3
اختلف العرب قبل الإسلام على أهمية 22 كعبة اشتهرت منها 8، وتنافسوا فيما بينهم حول ريادتها وأولاها بالأهمية.
بعد الإسلام، صارت كعبة مكة، قبلة المسلمين ومحجهم… لكن ذلك، لم يمنع المسلمين من… تخريب الكعبة وحرقها وضربها بالمنجنيق… ومنع المسلمين من الحج إليها.
تابعنا في الجزء الأول من هذا الملف، حكاية اختلاف تقديس الكعبة بين النص والتطور التاريخي للمجتمعات الإسلامية، ووقفنا أساسا عند حقيقة وجود حوالي 22 كعبة، اشتهرت منها 8 كعبات في المنطقة، والتنافس الذي كان بينها.
نواصل في هذا الجزء الحديث عن هذه الكعبات، وعن شدة التنافس بينها، وتطور أهمية كعبة مكة مقارنة معها وما تعرضت له كعبة مكة نفسها … على يد المسلمين.
تخبرنا المصادر التاريخية الإسلامية أن كعبة ثقيف كانت أبرز كعبات شبه الجزيرة العربية إضافة لكعبة قريش، ما جعلها تعرف بكعبة اللات، واللات هي مؤنث الله، كما عرفت ببيت الربة. يحدثنا ابن هشام في السيرة النبوية، أن أبرهة الحبشي لما قدم ثقيفا لهدم كعبتها، خرج له سادتها “فقالوا له:
سيقوم عبد الملك بن مروان بعدها بسنوات بمنع الناس من الحج إلى مكة، وشيد المسجد الأقصى بديلا عنه ليصير حج الناس إليه، وظل الأمر سنوات على تلك الحال، حتى تمكن من القضاء على تمرد عبد الله ابن الزبير سنة 73 هجرية
أيها الملك، إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون، ليس عندنا لك خلاف، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد إنما تريد البيت الذي بمكة، ونحن نبعث معك من يدلك عليه، فتجاوز عنهم”.
وبغض النظر عن مدى وقوع حادثة محاولة أبرهة الحبشي تدمير الكعبة من عدمها، فإن هذا النص يجعلنا نتوقف على طبيعة العلاقة المتوترة بين الكعبتين، ما يمكن أن نعممه على العلاقة بباقي الكعبات، خاصة أن قبيلة خثعم سبق لها بدورها أن دلت أبرهة على كعبة ثقيف.
ثمة حدث آخر سيظهر طبيعة العلاقة المتوترة بين الكعبتين، عندما خرج النبي محمد إلى ثقيف لدعوتهم إلى اعتناق دينه، فكان رد فعلهم عنيفا، حيث رفض سادتهم الاستماع له وقام أحدهم بإزاحة أستار كعبة اللات وتحريض “سفهاء” ثقيف عليه ليتعرض النبي للأذى الشديد، وتم رجمه بالحجارة حتى دميت قدماه وشج رأس خادمه زيد. هذا الموقف لا يمكن فهمه إلا باستحضار طبيعة الصراعات المتوترة بين الكعبتين وصراع النفوذ بين القبيلتين الحاضنتين لهما، ولعل هذا ما جعل النبي يوجه حملة عسكرية لتهديم الكعبة بقيادة معاوية بن أبي سفيان.
اقرأ أيضا: فذلكة تاريخية حول لغز الباب المسدود في الكعبة المشرفة.
بعد تهديم باقي كعبات شبه الجزيرة العربية، والإعلاء من شان كعبة قريش باعتبارها بيت الله الحرام بعد دخول النبي محمد لمكة، فإنها لم تظل بمأمن عن عمليات التخريب والسرقة، وأول ما يجب ملاحظته في هذا السياق هو أن النبي، وبمجرد فتح مكة، عاد أدراجه إلى يثرب التي كانت “عاصمته السياسية”، وبالتالي يطرح السؤال هنا:
لماذا لم يبق النبي محمد في مكة باعتبار مكانتها الدينية وباعتبارها مهد الدين الأصلي وجذره الأول وباعتبار أنه غادرها مضطرا؟
وحتى إذا ما اعتبرنا أن النبي قد عاد إلى المدينة، مراعاة للأنصار وعرفانا بجميلهم وحفظا للتوازنات التي أقام عليها تنظيمه باعتبار أن الأنصار كانوا من عضده وحمل لواء دعوته، فإن التساؤل هنا حول سبب بقاء خلفائه الأربعة بالمدينة، رغم انحدارهم من قريش الحاضنة للكعبة المقدسة؟ وبرغم العلاقة المتشنجة التي جمعتهم بالأنصار حول الأحقية بالخلافة انطلاقا من أحداث سقيفة بني ساعدة وما تلاها من خلافات؟
يحدثنا ابن هشام في السيرة النبوية، أن أبرهة الحبشي لما قدم ثقيفا لهدم كعبتها، خرج له سادتها “فقالوا له: أيها الملك، إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون، ليس عندنا لك خلاف، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد إنما تريد البيت الذي بمكة، ونحن نبعث معك من يدلك عليه، فتجاوز عنهم”.
… فلماذا لم يتخذ خلفاء محمد الأربعة من مكة عاصمة لهم ليجمعوا السلطتين الروحية والسياسية للإمبراطورية التي كانت آخذة في الاتساع؟
ألم يكن الاستقرار في مكة “المقدسة” و”بيت الله الحرام” سيشكل سندا للسلطة السياسية القائمة؟
كعبة مقدسة يخربها المسلمون
مسألة قداسة الكعبة القرشية تبدو على محك التساؤل أكثر، حين نستعرض ما تعرضت له مرارا…
إقرأ أيضا: تلبية وطواف: أهم أركان الحج عند عرب ما قبل الإسلام 2\3
ففي سنة 64 هجرية، أمر اليزيد بن معاوية بن أبي سفيان،-حفيد أبي سفيان بن حرب الذي شكل بيته ملاذا آمنا لسكان مكة بعدما دخلها محمد منتصرا، قائده الحصين بن نمير بإخماد فتنة ابن الزبير بمكة، بضرب الكعبة بالمنجنيق، حتى إذا مضت ثلاثة أيام من شهر ربيع الأول، يوم السبت سنة أربع وستين، قذفوا البيت بالمنجنيق، وحرقوه بالنار حتى تهدمت بعض الأجزاء من الكعبة؛ ما دعا ابن الزبير إلى هدمها وإعادة بنائها.
سيقوم عبد الملك بن مروان بعدها بسنوات بمنع الناس من الحج إلى مكة، وشيد المسجد الأقصى بديلا عنه ليصير حج الناس إليه، وظل الأمر سنوات على تلك الحال، حتى تمكن من القضاء على تمرد عبد الله ابن الزبير سنة 73 هجرية، عندما قام الحجاج بن يوسف الثقفي -سليل أسرة بن متعب التي كانت لها مهمة سدانة كعبة اللات ووالي عبد الملك بن مروان-سليل أسرة معاوية بن أبي سفيان، الذي هدم كعبة ثقيف، بضرب مكة بالمنجنيق من جديد خلال شهر ذي الحجة الذي يعتبر من الأشهر التي يحرم فيها القتال؛ حيث هدم أسوارها، وأعاد بناءها من جديد بعدما قتل عبد الله ابن الزبير-حفيد عمة الرسول محمد من جهة الأب وحفيد أبو بكر الصديق من جهة الأم، وفصل رأسه عن جسده وهو متعلق بأستار الكعبة.
تنويه: اعتمد في إعداد هذه المادة على أمهات كتب التاريخ الإسلامي كتاريخ الأمم والملوك لابن جرير الطبري، والبداية والنهاية لابن كثير، والكامل في التاريخ لابن الأثير، والسيرة النبوية لابن هشام، وصحيح البخاري، للإمام البخاري، و”أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار” للأزرقي، وكتاب الأغاني للأصفهاني.
لقراءة الجزء الأول: قداسة الكعبة على ضوء التاريخ الإسلامي: حين قدس العرب 8 كعبات! 1/3
لقراءة الجزء الثالث:قداسة الكعبة على ضوء التاريخ الإسلامي: مسلمون … خربوا الكعبة 3/3
مواضيع هامة للابتعاد عن الدين الوراثي إلى الدين التاريخي الإسلامي المبني على نصوص تاريخية قيمة …
لكي تلقى أجوبة لأسئلتك يجب أن تكون مسلم..للأسف تلك نعمة حرمت منها يا صاحب النص
هناك
كلمات وجمل في المقال تدل على تحيز و عدم موضوعية الكاتب و تدل على انه اما ملحد او ضال منها قوله النبي محمد بدون صلى الله عليه وسلم ، كذلك “دعوتهم الى اعتناق دينة “!!الكاتب متحامل و الغرض من سلسلة المقال هو التشويه و زرع الشك لا غير