قداسة الكعبة على ضوء التاريخ الإسلامي: حين قدس العرب 8 كعبات! 1/3 - Marayana - مرايانا
×
×

قداسة الكعبة على ضوء التاريخ الإسلامي: حين قدس العرب 8 كعبات! 1/3

على امتداد 3 أجزاء، نقتفي من خلال هذا الملف، سؤال قداسة الكعبة لدى الملسلمين، بين تلك التي رسختها الأدبيات الإسلامية وما استقر في وجدان المسلمين، وبين قداستها كما يقدمها النص.
ملف يطرح كثيرا من الأسئلة، ويحاور أهم المراجع والمصادر الإسلامية، ويبحث في أصل الحكاية… وتطورها عبر التاريخ.

 

يوسف المساتي:
طالب باحث في علوم الآثار والتراث

تنويه: اعتمد في إعداد هذه المادة على أمهات كتب التاريخ الإسلامي كتاريخ الأمم والملوك لابن جرير الطبري، والبداية والنهاية لابن كثير، والكامل في التاريخ لابن الأثير، والسيرة النبوية لابن هشام، وصحيح البخاري، للإمام البخاري، و”أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار” للأزرقي، وكتاب الأغاني للأصفهاني.

كثيرا ما يخرج بعض دعاة الإعجاز العلمي بالحديث عن الكعبة كمركز للكرة الأرضية.

… وبغض النظر عن القيمة العلمية لما يسوقونه، فإنه يظل مؤشرا على الأهمية التي تحظى بها الكعبة في وجدان المجتمعات الإسلامية، باعتبارها مهد الدعوة المحمدية وقبلة المصلين خمس مرات في اليوم، وإليها يحج الملايين كل سنة ليطوفوا بأرجائها.

مكة لم تكن الوحيدة التي تحتضن الكعبة، ولم تكن مقصد العرب الوحيدة كما دأبت على ترديده كثير من الكتابات، إذ عرفت شبه الجزيرة العربية كعبات أخرى يحج إليها الناس ويعظمونها تعظيمهم لكعبة مكة، وقد بلغ عددها بحسب بعض المصادر الإسلامية أكثر من 22 كعبة.

لقد بلغ من إجلال الله لها، بحسب التصور الإسلامي، أن شيد البيت المعمور في السماء السابعة كنسخة عن الكعبة الأرضية لتطوف حوله الملائكة، كما يطوف الناس بكعبة مكة، إذ أخرج الطبري في تفسيره للآية الرابعة من سورة الطور والتي ورد فيها “والبيت المعمور” حديثا للنبي محمد قال فيه: “رفع إلي البيت المعمور فقلت يا جبريل ما هذا؟ قال: البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا آخر ما عليهم”.

قداسة غائبة عن النص القرآني

على عكس هذه القداسة الموجودة في الأدبيات الإسلامية، فإننا لا نعثر على تلك القداسة في النص القرآني، إذ لم ترد “الكعبة” بهذا الاسم إلا في آيتين هما الآية 95 من سورة المائدة، والتي ورد فيها: “يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة…الخ”، كما وردت في الآية 97 من نفس السورة إذ جاء فيها: “جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وان الله بكل شيء عليم”.

أما مكة، فلم ترد في النص القرآني، إذ نعثر على آية واحدة ورد فيها لفظ “بكة” في الآية 96 من سورة آل عمران: “إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين”، فيم وردت لفظة البيت الحرام والعتيق في مواضع أخرى، بيد أنها لم تنص على تلك القداسة التي ترسمها الأدبيات الإسلامية المتأخرة، خصوصا بعد القرن الرابع الهجري. يضاف لهذا حديث أورده صحيح البخاري  -الذي يعتبره المسلمون السنة أصح الكتب بعد القرآن، جاءت عن عمر بن الخطاب : “أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبله، فقال إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك”، وبالتالي، يجوز لنا التساؤل هل قداسة الكعبة جاءت انطلاقا من موقعها الديني أم تبعا لتطورات تاريخية؟.

اقرأ أيضا: في مكة والجاهلية والحج: قصي بن كلاب يؤسس المدنس على المقدس

كعبات شبه الجزيرة العربية

عند مطالعتنا للمصادر الإسلامية، نقف على حقيقة جد هامة، وهي أن مكة لم تكن الوحيدة التي تحتضن الكعبة، ولم تكن مقصد العرب الوحيدة كما دأبت على ترديده كثير من الكتابات، إذ عرفت شبه الجزيرة العربية كعبات أخرى يحج إليها الناس ويعظمونها تعظيمهم لكعبة مكة، وقد بلغ عددها بحسب بعض المصادر الإسلامية أكثر من 22 كعبة.

8 كعبات كانت تشهد طقوسا مماثلة لطقوس الحج الذي تشهده كعبة مكة، بما فيها من نحر وهدي وشعائر تعظيم لها، ولعل هذا ما جعل التنافس يحضر بينها، إذ كانت كل كعبة تسعى إلى فرض هيمنتها على باقي الكعبات، وبالتالي فرض سلطة قبيلتها على باقي القبائل.

أما ابن هشام، الذي هذب سيرة ابن اسحاق، أول كتاب أرخ لحياة النبي محمد، فقد ذكر في السيرة النبوية، 8 كعبات إضافة إلى كعبة مكة يعظمونها تعظيمهم لمكة، وهي:

1-كعبة العزى: وكانت لقريش وبني كنانة، أما سدنتها وحجابها فكانوا من بني شيبان حلفاء بني هاشم.

2-كعبة اللات: واللات هي مؤنث الله، وكانت لثقيف بالطائف، وكان سدنتها وحجابها بنو معتب.

3-كعبة مناة: وكانت للأوس والخزرج ومن معهم.

4-كعبة ذو الخلصة: وكانت لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة.

كعبة ذو الخلصة

5-كعبة فلس: وكانت لطيء ومن يليها.

6-كعبة رئام: وكانت لحمير وأهل اليمن.

كعبة رئام

7-كعبة رضاء: كانت لبني ربيعة، بني كعب، بن سعد، بن زيد مناة، بني تميم.

8-كعبة ذو الكعبات: وكانت لبكر وتغلب ابني وائل.

كل هذه الكعبات كانت تشهد طقوسا مماثلة لطقوس الحج الذي تشهده كعبة مكة، بما فيها من نحر وهدي وشعائر تعظيم لها، ولعل هذا ما جعل التنافس يحضر بينها، إذ كانت كل كعبة تسعى إلى فرض هيمنتها على باقي الكعبات، وبالتالي فرض سلطة قبيلتها على باقي القبائل.

إقرأ أيضا: تاريخ الحج قبل الإسلام: بين القطيعة والاستمرارية 1\3

 

لقراءة الجزء الثاني: قداسة الكعبة على ضوء التاريخ الإسلامي: بين القداسة والتخريب 2/3
لقراءة الجزء الثالث: قداسة الكعبة على ضوء التاريخ الإسلامي: مسلمون … خربوا الكعبة 3/3

تعليقات

  1. Adel erfan

    ورد لفظ مكة فى القرآن الكريم فى سورة الفتح…
    وهو الذى كف ايديكم عنهم وايديهم عنكم ببطن مكة من بعد أن اظفركم عليهم …
    وكانت الكعبة فى مكة هى الأساس..حيث كان بها أكثر من ٣٠٠ صنم يعبد..وبها كبير الأصنام (الآلهة) هبل…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *