من نيويورك. هشام الرميلي يكتب: الأمير النبيل…!
كانت قصة الأمير النبيل، إحدى القصص الرائعة والممتعة في التراث العالمي، كانت تختزل صورا ومعاني، لا عهد لنا بها ولا قبيل، ولا توجد إلا في حكايا وأحاديث من صنع الوحي والخيال. …
كانت قصة الأمير النبيل، إحدى القصص الرائعة والممتعة في التراث العالمي، كانت تختزل صورا ومعاني، لا عهد لنا بها ولا قبيل، ولا توجد إلا في حكايا وأحاديث من صنع الوحي والخيال.
شاب شجاع، وسيم، ممشوق القد، يركب حصانه الأبيض، ويمتشق سيفا يذود به عن الحق، ويدافع عن المظلومين… يخرج إلى البلدة يغدق على فقرائها، ويعطف على المحرومين. كان كثيرا ما يهرب من القصر، ويذهب ليجالس العوام، ويخالط دهماء البلد… يهرب من كل البرتوكولات، والرسميات، ولا يحفل بتوجيهات حاشيته في الابتعاد عن مخالطة “الرعاع”… كان أهل البلد يهيمون بقصصه، وكانت الفتيات تحلمن به، وتسلين القلب بذكره وحديثه، وترسمنه فارسا لأحلامهن…
إلا أن الأمير النبيل، لم يعد حكاية فنتازيا تفرح القلوب، وتسرح بالخيال، فقد شاهده المغاربة رأي العين، حين حل ببلدة نائية تسمى آسني، نواحي مراكش جنوب المغرب… وشاهدته بعين اليقين، وأدركنه حقيقة، الفتيات المتمدرسات في المؤسسة الخيرية… هو نفسه بأدق تفاصيله، قادما من قصص الخيال وحكايا التراث، شاب أشقر، وسيم، نبيل، متواضع، ترافقه زوجة جميلة تمشي الى جانبه فرحة، ولا تقل عنه في تواضعه وبساطته.
سيعود الأمير والدوقة ومرافقوهم إلى قصر “باكنغهام”، والأكيد أنهم سيحملون معهم قصصا وروايات، ستحكى في غرف القصر، وسيتسلى بها النبلاء في ليالي لندن الباردة، وإذا كنا نحن نعتبر قصة الأمير النبيل، من القصص الغرائبية الرائعة، فالقصص والحكايات التي سيرويها الأمير والدوقة عن بلادنا وحالنا، ستتفوق بلا شك في عجائبيتها وستنسي الشعب الإنجليزي عجائبية روايات “هاري بوتر”.
الأمير هاري سليل الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس، وابن أميرة القلوب الراحلة “ديانا”، نزل إلى البلدة بنفس طريقة الأمير النبيل، بدون حرس يحيطون به، وبدون جوقة شرف، وبدون أن يقطع طريق البسطاء، أو يوقف جحافل المواطنين على الأرصفة ساعات قبل وصوله، وبدون أن يحفل بتحذيرات المتوجسين، حين وصفت إحدى الجرائد الإنجليزية المغرب ب “المنطقة الخطيرة”.
إقرأ أيضا: الأميرة اليابانية أياكو تتخلى عن لقبها للزواج بمن تحب
حين نزل الأمير وزوجته أمام مبنى المؤسسة، لم تفرش لهم الزرابي المبثوثة، ولم يطلق أمامهم البساط الأحمر، ولم تنثر حولهم الورود…
مشوا فوق أديم الأرض وتعفروا بترابها، كما هو شأن باقي العباد، وحين لمحت الدوقة طفلتين صغيرتين على مقربة منها، تحملان ورودا وتنتظران وصولها، هرولت إليهن وجلست القرفصاء رغم حملها وداعبتهن بحب، وكدأب الأمير النبيل الذي لا يقيم فروقا بين بني البشر، ولا يرى فيهم غير آدميتهم، اقترب الأمير هاري من كل الفتيات اللواتي اصطففن لتحيته، وسلم عليهن، ولامست يده يدهن! بل أعطى الأمير نموذجا في احترام الثقافات وتقديرها، والتقاط الحمولات الرمزية لإشاراتها، حين اتبع نفس طريقتهن في التحية، حيث كان يضع راحة يده على قلبه بعد المصافحة، كما يفعل المغاربة، واسترسل في حديث ودي مع العديد منهن…
في مشهد جميل ستذكره فتيات المؤسسة كثيرا، وسيغبطنها على حظها الرائع، جلست زوجته الدوقة الى جانبه، ومدت يدها الى إحدى الفتيات تنقش عليها رسم الحناء، وانخرطا معها في حديث مسل، ابتسمت فيه المسكينة واغتبطت فرحة، وابتسم فيه الأمير والدوقة كثيرا…
الأمير هاري سليل الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس، وابن أميرة القلوب الراحلة “ديانا”، نزل إلى البلدة بنفس طريقة الأمير النبيل، بدون حرس يحيطون به، وبدون جوقة شرف، وبدون أن يقطع طريق البسطاء، أو يوقف جحافل المواطنين على الأرصفة ساعات قبل وصوله، وبدون أن يحفل بتحذيرات المتوجسين، حين وصفت إحدى الجرائد الإنجليزية المغرب ب “المنطقة الخطيرة”…
كان الأمير النبيل سعيدا في مكانه الأثير بين عامة الناس، وكان يبدو مستمتعا بمشاهدة لقاء في كرة القدم، اللعبة التي ابتدعها أسلافه، وأسعدت كل البشر، في لقاء جمع بين تلاميذ المؤسسة الخيرية. ولأنه لا يعرف من الإمارة إلا أن يطل منها بحب على الناس، ويستدعي سيرة الأمير النبيل في المرويات والحكايا، فقد ظهر وهو يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ويلج الأقسام ويسأل عن الدروس، ويتحدث إلى الجميع، ويتعرف على البلد وأهله، وصناعته البسيطة، وتقاليده، وموسيقاه.
إقرأ لنفس الكاتب: هكذا أنقذني الشعر والحب!
لم يكن نبل الأمير وتواضعه، الدرس الوحيد في هذه الزيارة… فمع مشاهد الاستقبال، والحفاوة، والتواضع، والتلقائية، كانت هناك قصة أخرى تنسج بكل فروسية، وكانت معانيها تترسخ في عقول الفتيات، ففي نفس الوقت الذي كان يعرب فيه الأمير عن احترامه للمرأة وتقديرها، والاهتمام بتعليمها وتكوينها، كان يبعث برسائل أخرى، من المؤكد أن الفتيات في المؤسسة لم يخطئن إشارتها، فقد كن يرين كيف كان الأمير يهيم حبا بأميرته، وكيف كانت هي في مركز اهتمامه طوال الوقت، وكم كان يبدو فرحا وهو يراها سعيدة، يتحدث إليها بلطف، ويبدو منتبها وهو يصغي إليها، ورأين كيف كان يتلألأ بريق حبها في عينيه…
لقد كانت رسالة لن تخطئ معانيها الفتيات، والأكيد أنه بعد زيارة “هاري” و”ميغن”، لن يرتضين في معاملتهن مع شركائهن في المستقبل، بأقل من فروسية أمير.
سيعود الأمير والدوقة ومرافقوهم إلى قصر “باكنغهام”، بعد زيارتهم إلى منطقة أسني القريبة من قصر “شمهروش“، وهم بالتأكيد لن يخطئوا تقدير واقع مرير تعيشه المنطقة والساكنة، والأكيد أنهم سيحملون معهم قصصا وروايات، ستحكى في غرف القصر، وسيتسلى بها النبلاء في ليالي لندن الباردة، وإذا كنا نحن نعتبر قصة الأمير النبيل، من القصص الغرائبية الرائعة، فالقصص والحكايات التي سيرويها الأمير والدوقة عن بلادنا وحالنا، ستتفوق بلا شك في عجائبيتها وستنسي الشعب الإنجليزي عجائبية روايات “هاري بوتر”.