البنوك الحلال: ربا مستتر تأويله الشريعة 1\3الجزء الأول: بدون فائدة، ولكن...
قررنا، في مرايانا، أن نبحث عن تفاصيل العمليات البنكية الجديدة، لأن الشيطان يوجد دائما في التفاصيل. فطلبنا، كزبون محتمل، قروضا بنكية من البنوك التشاركية الجديدة التي لا تتعامل بمنطق ما يسمى “ربا”، ومن البنوك الكلاسيكية؛ وقارننا النتائج.
في المغرب، ومع منتصف صيف 2017، انطلق العمل بالبنوك التشاركية، المتعارف عليها عالميا باسم البنوك الإسلامية. أول معطى يروج بخصوص هذا التمويل “الإسلامي” أنه لا يعتمد الربا وأنه بدون فائدة. باختصار، قرض حلال.
لكن، كيف لبنك أن يؤجر مقرات عمل ويدفع مختلف المصاريف من كراء أو شراء الوكالات البنكية، والأثاث المكتبي ومصاريف الكهرباء والأنترنيت والهاتف، إضافة إلى أجور الموظفين، ومصاريف حملات التواصل المكلفة، دون أن يكون له مكسب مادي من وراء ذلك؟ هل يمكن أن نبني اقتصادا، بدون مكسب؟ ومن يدفع مختلف التكاليف في هذه الحالة، وعلى مدار سنوات طويلة من الاشتغال؟
قررنا، في مرايانا، أن نبحث عن تفاصيل العمليات البنكية الجديدة، لأن الشيطان يوجد دائما في التفاصيل. فطلبنا، كزبون محتمل، قروضا بنكية من البنوك التشاركية الجديدة، ومن البنوك الكلاسيكية؛ وقارننا النتائج.
لفتح حساب بنكي… الحلال أرخص
لكي يستفيد الزبون من خدمات البنك، أي بنك، عليه أولا أن يقوم بفتح حساب. وهنا، يبدو جليا أن معظم البنوك “الحلال” تقدم منتجات مغرية، على الأقل في بداياتها (ما يسمى بعروض الانطلاق)؛ حيث تقترح أغلب البنوك التشاركية التي افتتحت مؤخرا في المغرب إمكانية فتح حساب بنكي بصفر درهم، بدون أية مصاريف لتدبير الحساب ولا أية فوائد. بالمقابل، فالبنوك الكلاسيكية، وإن كانت اليوم تمكن بدورها من فتح حسابات بصفر درهم، إلا أنها تكلف الزبون بضعة عشرات من الدراهم شهريا كمصاريف لتدبير الحساب. ألا نسمع الكثيرين حولنا يشتكون من اقتطاعات كثيرة من حساباتهم؟
اقرأ أيضا: محمد بن سلمان… من تهمة “أبو رصاصة” إلى تهمة “أبو منشار”
سعر البطاقات البنكية بدوره منخفض نسبيا، إذ يتراوح بين 100 درهم سنويا للبطاقات العادية في مختلف البنوك التشاركية، و200 درهم سنويا للبطاقات النخبوية، التي توفر إمكانيات سحب أضخم وأهم. لعل هذا يساهم فعليا في رفع نسبة انخراط المغاربة في النظام البنكي (taux de bancarisation)، والتي كانت تعادل 57٪ سنة 2014 (مقابل 42٪ في تونس، 39٪ في الأردن، 30٪ في الجزائر و28٪في مصر، في نفس السنة) .
المرابحة العقارية… الفائدة المستترة؟
كزبون محتمل، طلبنا قرضا عقاريا لتمويل شراء عقار في مدينة الدار البيضاء قيمته مليون درهم، على أساس التسديد خلال مدة 20 سنة، أي ما يساوي 240 شهرا.
النتيجة، في البنوك التشاركية\الحلال، هي أننا سندفع قسطا شهريا قيمته 7035 درهم (مع اختلاف بسيط في السنتيمات بين بنك تشاركي وآخر).
ألا يعني هذا أن البنوك التشاركية تتعامل بدورها بمبدأ “الحرب التنافسية”، بكل معاييرها؟ أما كان من الممكن مثلا، تصور ربح أقل، وتقديم منتوج “يهتم بالفقراء ويخلصهم من الفوائد الكبيرة”، حسب مقاصد وأهداف الشريعة؟
إذا احتسبنا مبلغ التسديد خلال مدة 240 شهرا (عشرون سنة)، فهذا يعطينا مبلغا إجماليا يعادل مليون و688 ألف درهم. أي أننا هنا أمام مبلغ إضافي قيمته 688 ألف درهم، فوق المليون درهم الذي هو سعر العقار الأصلي. هي فائدة إذن؟ “لا”، يصر موظف البنك الحلال. “يتعلق الأمر بمكسب تجاري”؛ حيث يشتري البنك العقار المتفق عليه بمليون درهم، يضيف إليه مصاريف التسجيل والتحفيظ وأجرة الموثق، كما يضيف ربحا يتغير حسب مدة التسديد؛ ويعيد بيع العقار نفسه للزبون، بربح يعادل 688 ألف درهم (حوالي ثلثي المبلغ المقترض).
اقرأ أيضا: … حين تلقى أردوغان “هدية” بــ 25 مليون دولار
هذا ليس كل شيء، فنسبة الربح في “مرابحة” تتغير حسب مدة التسديد: كلما ارتفعت الأخيرة، ترتفع نسبة الربح. ألا يشبه هذا نسبة الفائدة في البنوك الكلاسيكية؟ بالتأكيد. لكنها فائدة تحمل صك الحلال الذي يوقعه المجلس العلمي الأعلى.
كيف لبنك أن يؤجر مقرات عمل ويدفع مختلف المصاريف من كراء أو شراء الوكالات البنكية، والأثاث المكتبي ومصاريف الكهرباء والأنترنيت والهاتف، إضافة إلى أجور الموظفين، ومصاريف حملات التواصل المكلفة، دون أن يكون له مكسب مادي من وراء ذلك؟ هل يمكن أن نبني اقتصادا، بدون مكسب؟
وائل أعمينو، المدير العام لمجموعة المعالي للاستشارات في المغرب، المتخصصة في المالية التشاركية، يعتبر أنه “من الطبيعي أن يتغير هامش الربح حسب مجموعة من المعايير، من بينها مدة التسديد واحتمالات الخطر التي تشكلها الوضعية المالية للزبون وغيرها من المعايير”. كما يعتبر أعمينو أن “كون مبالغ الأقساط متقاربة بين الأبناك التشاركية وبين غيرها، هو أمر يفرضه السوق، حيث أن قواعد التنافسية تفرض على الفاعلين في قطاع معين أن يكونوا في مستويات متقاربة من هامش الربح”.
ألا يعني هذا أن البنوك التشاركية تتعامل بدورها بمبدأ “الحرب التنافسية”، بكل معاييرها؟ أما كان من الممكن مثلا، تصور ربح أقل، وتقديم منتوج “يهتم بالفقراء ويخلصهم من الفوائد الكبيرة”، حسب مقاصد وأهداف الشريعة؟
يشتري البنك العقار المتفق عليه بمليون درهم، يضيف إليه مصاريف التسجيل والتحفيظ وأجرة الموثق، كما يضيف ربحا يتغير حسب مدة التسديد؛ ويعيد بيع العقار نفسه للزبون، بربح يعادل 688 ألف درهم (حوالي ثلثي المبلغ المقترض)
هذا دون أن ننسى أن الزبون يدفع مصاريف التسجيل والتحفيظ وأجرة الموثق مرتين: المرة الأولى حين يشتري البنك العقار، ومرة أخرى حين يشتريه هو من البنك. بالنسبة لعقار قيمته مليون درهم، فإن إجمالي مبلغ التسجيل والتحفيظ ومصاريف الموثق تعادل حوالي 80 ألف درهم. 80 ألف درهم تدفع مرتين (بدل مرة واحدة في حالة القرض الذي يوفره بنك كلاسيكي)؛ حلالا مباحا.
للإشارة، فمصاريف البيع الثانية تختلف في شكل تسديدها من بنك تشاركي لآخر. بعضهم يصرح بها مباشرة وبعضهم يدرجها ضمن قيمة المرابحة دون التصريح بها للزبون؛ ومرة أخرى، بصك الحلال المباح.
إضافة إلى ذلك، يوقع الزبون تعهدا بالعودة لاحقا لتخليص إجراءات التأمين، حيث أن البنوك التشاركية لا تستطيع اليوم أن تقترح تأمينا “يخالف الشريعة”، حسب تصريح أحد موظفي البنك التشاركي.
بانتظار تصميم منتوج تأمين حلال، يكتفي الزبون بتوقيع تعهد على أساس إبرام عقد التأمين لاحقا، بتكلفة… يجهلها حاليا.
في الجزء الثاني من التحقيق الذي يجريه موقع مرايانا، سنقارن بشكل مباشر نسب الفوائد والأرباح، بين القرض الكلاسيكي وبين قروض البنوك التشاركية. مقارنة، قد تفاجئ الكثيرين.
قراءة الجزء الثاني من التحقيق: البنوك الإسلامية: هل القرض الحلال أغلى أم أقل تكلفة؟ مرايانا تطلب قرضا لتتأكد
قراءة الجزء الثالث من التحقيق: البنوك الإسلامية، انطلقت من جدة لتصل إلى اليابان ولندن
Très intéressant. C’est le genre d’investigation journalistique dont nous avons tant besoin. Merci. En attente de la suite…
قرأت المقال كاملا لكن حضراتكم “نسيتم أو تناسيتم” ذكر الربا وتعريفه. نتفق جميعا أن الربا حرام باجماع العلماء، اذن كيف تتعامل الابناك التشاركية. بكل بساطة يأتي البنك كأي سمسار ليشتري البضاعة ثم يعيد بيعها لك وهذا جائز لأنك ابرمت عقد البيع مع البنك بغيتي تشري ما بغيتي متشريش فاش يحدد ليك البنك القيمة الابناك مقاولة مجاتش باش تخسر