الشبكات الاجتماعية: فقاعة تشوه نظرتنا إلى العالم؟ 3/3الشبكات الاجتماعية.. فضاءات حرة لسلطة مضادة عمادها المواطنون! (الجزء الثالث والأخير)
رأينا في الجزء الأول من هذا الملف كيف أن ظهور الشبكات الاجتماعية جعل اقتصار ولوج الإعلام على “النخبة”، من صميم الماضي، وكيف أن تبادل المعلومات وتداولها بين الأفراد، صار يتم أحيانا …
رأينا في الجزء الأول من هذا الملف كيف أن ظهور الشبكات الاجتماعية جعل اقتصار ولوج الإعلام على “النخبة”، من صميم الماضي، وكيف أن تبادل المعلومات وتداولها بين الأفراد، صار يتم أحيانا كثيرة “رغما عن أنف الدول”. كما رأينا أيضا في الجزء الثاني أن هناك صعوبات تشريعية كثيرة تعترض طريق تنظيم قطاع الإعلام الجديد، وأن توجيه الجمعية العامة للأمم المتحدة بالخصوص يدعو الدول إلى منح حرية واسعة للشبكات الاجتماعية. في هذا الجزء، الثالث والأخير، نتعرف على الإكراهات والتحديات التي تواجهها الشبكات الاجتماعية، إضافة إلى مختلف السلبيات التي تكتنف استخدامها.
الإعلام “الحر”، بما فيه الشبكات الاجتماعية، يعد دعامة جوهرية لبناء مجتمع ديمقراطي. بدون وجود مثل هذا الإعلام المتسم بقدر كبير من الحرية، لا يمكن، حسب عبد الأمير مويت[1]، أن تنمو أي تجربة ديمقراطية حقيقية أو أن تتطور وتزدهر، فهو بمثابة صمام أمانها، يحرسها ويقومها ويفتح أمامها آفاقا واسعة للنضج والتطور.
كما أن الديمقراطية تنبني، حسب الفكرة المؤسسة لها، على التداول الواسع والحر للمعلومات فيما بين الأطراف المشاركة فيها؛ فالمواطن كطرف رئيس في المعادلة المشكلة للديمقراطية، بحاجة دائمة لأن يعرف معلومات عن حقوقه، والمسؤول السياسي بدوره بحاجة دائمة لمعرفة معلومات عن مواطنيه واتجاهاتهم وآرائهم واحتياجاتهم.
اقرأ أيضا: “حسين الوادعي يكتب: ثورات الإعلام والمعلومات التي لا تنتهي”
لكن…
يؤكد النقاد أن الأنترنت اليوم يشكل مجالا خصبا لترويج المعلومات الزائفة والكاذبة والشائعات الملفقة، ناهيك عن الابتعاد عن الموضوعية والمهنية في تغطية الأخبار، وعدم تحري الدقة والشفافية، وترويج أفكار تحرض على العنف والإجرام، بالإضافة إلى انتهاك حقوق النشر والملكية الفكرية.
مستخدم الشبكات الاجتماعية، حسب إيلي باريزر، قد يشعر بأن العالم كله يقتسم معه وجهة نظره، في الوقت الذي يعتقد فيه بأنه يشارك في نقاش واسع تمثل فيه جميع الآراء. بيد أنه في الواقع يتعرض إلى محتويات تمت تصفيتها ومختارة بعناية مما يعزز قناعاته وقد يدفعه إلى “التطرف” في أحيان كثيرة.
كما أن عراقيل أخرى ذات طبيعة بنيوية تبرز في دول كثيرة بما فيها قسم كبير من الدول العربية. فتكنولوجيا الاتصال الحديثة، حسب ما يشير إليه العربي العربي[2]، مرتكزة في الغالب بالمدن، في حين إن انتشارها بالقرى غير منتظم، ويرجع ذلك أساسا إلى غياب تطوير البنيات التحتية فيها ونقص وسائل ووسائط الاتصال الحديثة.
وفقا لتقرير تكنولوجيا المعلومات العالمي الذي صدر في 2016 بتعاون بين المنتدى الاقتصادي العالمي ومعهد إنسايد الأوروبي وجامعة كورنيل الأمريكية، فإن أكثر من نصف سكان البلدان العربية لا يزالون محرومين كلياً من الوصول إلى شبكة الإنترنت، حيث إن عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي بلغ نحو 155 مليون نهاية 2015، بنسبة انتشار قاربت 40%.
إلى ذلك، تطال الشبكات الاجتماعية اتهامات عديدة بكونها تسجن مستخدميها داخل فقاعة تشوه نظرتهم إلى العالم، ذلك أن الفيسبوك، مثلا، يصنف المحتويات ويضع في مقدمتها، تلك التي يفترض أن تعجبنا وترضينا أكثر من غيرها.
اقرأ أيضا: استخدام المغاربة للشبكات الاجتماعية… حينما يصبح الافتراضي واقعا!
ويعبر إيلي باريزر[3]، في كتابه “فقاعة الفلترة”، عن التأثير السلبي لهذه القوقعة “الكبيرة” على النظام الاجتماعي، بتأكيده على أن ما هو جيد للمستهلكين “مستخدمي الشبكات الاجتماعية”، ليس بالضرورة جيدا للمواطنين.
في الواقع، يبرز تأثير الفقاعة في هذه الشبكات أكثر من غيرها، إذ لا يتردد ضمنها سوى صدى الأفكار التي نؤمن بها. وهكذا، فالمستخدم لم يعد يواجه الآراء المعارضة لما يعتقده، ولم تعد لديه رؤية شاملة حيال قضايا مجتمعية وسياسية عديدة.
إن المستخدم ضمن هذه الشبكات، حسب ذات الباحث، قد يشعر بأن العالم كله يقتسم معه وجهة نظره، في الوقت الذي يعتقد فيه بأنه يشارك في نقاش واسع تمثل فيه جميع الآراء. بيد أنه في الواقع يتعرض إلى محتويات تمت تصفيتها ومختارة بعناية مما يعزز قناعاته وقد يدفعه إلى “التطرف” في أحيان كثيرة.
[1] باحث عراقي، عن مقال بعنوان “تحديات الإعلام الحر في مجتمع يتحول إلى الديمقراطية”.
[2] باحث جزائري، عن مقال بعنوان “مستقبل الإعلام بين التطور التكنولوجي وصناعة التغيير”.
[3] باحث أمريكي.
لقراءة الجزء الأول: الشبكات الاجتماعية.. فضاءات حرة لسلطة مضادة عمادها المواطنون! 1\3
لقراءة الجزء الثاني: الشبكات الاجتماعية: “الرقابة المفروضة على الوسائل التكنولوجية عمل تطفلي” 2\3