سارة أحمد فؤاد تكتب: إنهن يقدن أخيراً… لكن، ماذا عن لجين، إيمان وعزيزة؟
حين أعلن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز عن رفع الحظر المفروض على قيادة النساء السعوديات للسيارات في سبتمبر 2017، بقي العالم يترقب تفعيل هذه الخطوة بالكثير من الإهتمام …
حين أعلن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز عن رفع الحظر المفروض على قيادة النساء السعوديات للسيارات في سبتمبر 2017، بقي العالم يترقب تفعيل هذه الخطوة بالكثير من الإهتمام والشغف. فمن ناحية، أتت هذه الخطوة ضمن سلسلة من الإصلاحات التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منذ أن تم الإعلان عن ولايته للعهد. من ناحية أخرى، اعتبر البعض أن خطوة السماح للمرأة السعودية بالقيادة هي خطوة من شأنها الإعلان عن حركة مدنية سعودية قوية تطالب بالإلتزام بالمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، وتحقق المزيد من المساواة بين الجنسين، لكن أيضا بين المجموعات البشرية المختلفة الموجودة داخل أراضي المملكة.
لكن هذا لا يجب أن ينسينا أن قرار رفع الحظر هذا قد أتي بعد قيام بعض الناشطات السعوديات بتحدي حظر القيادة علناً، مما عرضهن للمساءلة القانونية من ناحية، ولسخط المجتمع المحافظ من ناحية أخري.
سيدات جريئات يبدو أنهن لا يثرن إعجاب ولي العهد السعودي، الذي لا يكف عن الحديث عن المساواة بين الرجل والمرأة.
لذلك، فإذا كان من حقنا ومن واجبنا اليوم أن نهنئ النساء السعوديات لتمكنهن أخيرا من قيادة السيارات في بلدهن، فهذا لا يجب أن ينسينا أن هناك سعوديات لم ينتظرن رفع الحظر بل ناضلن فعليا من أجل ممارسة حق بسيط من حقوقهن، وفي الغالب بدعم مباشر من أسرهن (الزوج أو الأب أو الأخ). من ضمن هؤلاء نجد عزيزة اليوسف، لجين الهذلول، وإيمان النفجان وغيرهن.
بعض التحليلات اعتبرت أن رفع حظر القيادة لا يتعدى كونه محاولة لتجميل وجه نظام يتم إتهامه عالمياً بتصدير التطرف الديني الإسلامي (السني)، ويتسبب في كارثة إنسانية تعد من ضمن أكبر الكوارث التي وقعت خلال نزاع مسلح في الألفية الثالثة، وهي كارثة حرب اليمن التي وُصفت “بالغبية” من طرف الأمين العام للأمم المتحدة.
ما يهمنا الأن هو أن النساء السعوديات، أصبحن- أخيراً- قادرات علي قيادة سياراتهن بحرية، حيث تم تفعيل رفع حظر القيادة مع الدقائق الأولى من يوم 24 يونيو 2018.
الصراخ في البرية لا يلائم مملكة آل سعود
كسيدة عربية تحاول تعلم القيادة في دولة تستحوذ السيدات والفتيات فيها على نسبة كبيرة من مالكي السيارات (مصر)، انتظرت قراراً جريئاً بالإفراج عن السيدات الثلاث المتهمات مسبقاً بكسر حظر القيادة بالمملكة العربية السعودية. لكن يبدو أن انتظاري طال كثيرا، وبدون جدوى.
من يسلم أذنيه للنشطاء المدنيين فيما يتعلق بقيادة النساء للسيارات، سينتهي به الحال بالوقوف أمام التلفاز ليلقي خطاب التنحي، ثم يبحث عن دولة ترضي باستضافته لديها. هكذا يفكر الملوك.
سيدات جريئات يبدو أنهن لا يثرن إعجاب ولي العهد السعودي، الذي لا يكف عن الحديث عن المساواة بين الرجل والمرأة.
في مايو 2017، ألقت السلطات السعودية القبض على 7 أشخاص بتهمة التواصل مع جهات أجنبية مشبوهة، دون تسمية هذه الجهات أو تحديد شكل التواصل. وقد نشرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن متحدث أمني قوله إن المعتقلين قاموا “بعمل منظم لتجاوز الثوابت الدينية والوطنية والتواصل المشبوه مع جهات خارجية فيما يدعم أنشطتهم”!
شاهد أيضا: المساواة… نظرة للعالم، من أجل توازن أفضل
بالتعرف علي أسماء النشطاء المحتجزين، نكتشف أن القائمة تتضمن ثلاثة نساء هن لجين وعزيزة وإيمان، بالإضافة إلى عاشة المانع، الناشطة النسوية المعروفة والتي تم الإفراج عنها يوم 24 مايو من سنة 2017، إبراهيم المديميغ، محمد فهد الربيعة وعبد العزيز المشعل، كما تروج أخبار عن وجود معتقل ثامن تطلب السلطات إبقاء اسمه سرا في الوقت الحالي.
#عملاء_السفارات بالأسماء
عزيزة محمد عبدالعزيز اليوسف
لجين هذلول الهذلول
ايمان فهد محمد النفجان
ابراهيم عبدالرحمن المديميغ
محمد فهد محمد الربيعة
عبدالعزيز محمد المشعل— مجموعة نايف بن خالد🇸🇦 (@naif4002) 18 mai 2018
تزامن قرار القبض على النشطاء المذكورين أعلاه مع حملة إعلامية عنيفة علي مواقع التواصل الإجتماعي تتضمن وسم/ هاشتاج يصفهم بأنهم عملاء لسفارات أجنبية، مما يجعل النشطاء المعتقلين وأسرهم عرضة لحوادث الكراهية أو الإنتقام، بل ويعرض النشطاء أنفسهم للخطر في حال إطلاق سراحهم.
الحلقة متصلة، لكن أغلب الناس لا يعلمون
ما تم إرساؤه في سنوات طويلة، يصعب إزالته بقرار ملكي. حتى مع تقرير حيز زمني دام تسعة أشهر لتنفيذ القرار، فقد عرف رفع الحظر مقاومات شعبية كثيرة، بقدر ما عرف التشجيع والدعم من طرف بعض الأصوات الحقوقية السعودية.
إذا كان من حقنا ومن واجبنا اليوم أن نهنئ النساء السعوديات لتمكنهن أخيرا من قيادة السيارات في بلدهن، فهذا لا يجب أن ينسينا أن هناك سعوديات لم ينتظرن رفع الحظر بل ناضلن فعليا من أجل ممارسة حق بسيط من حقوقهن
كما أن المسؤولين عموما، مهما كانت نواياهم إيجابية، لا يستطيعون الإلتزام بتطبيق حقوق الإنسان لمواطنيهم، وانتهاك حقوق الإنسان لشعب على حدود دولته… خاصة إذا كان المسؤول حديث عهد بحقوق الإنسان.
اقرأ أيضا: سناء العاجي – كن رجلا… حقا؟
يفضل ولي العهد السعودي والفئة الحاكمة في السعودية نمط (قرارات الملك الإصلاحية التنويرية) على استخدام نمط (الإستجابة للإرادة الشعبية) أو الاستماع للنشطاء المدنيين! من يسلم أذنيه للنشطاء المدنيين فيما يتعلق بقيادة النساء للسيارات، سينتهي به الحال بالوقوف أمام التلفاز ليلقي خطاب التنحي، ثم يبحث عن دولة ترضي باستضافته لديها. هكذا يفكر الملوك، ولذلك يدوم ملكهم لفترات أطول.
اختارت المملكة العربية السعودية أن تقمع الحركة المدنية حديثة العهد، والتي رغم اتباعها لأساليب صدامية علي قدر كبير من الجرأة، إلا أنها مازالت في طور النشأة وليست على قدر كبير من القوة. لذلك، فأهمية الضربة المادية والمعنوية التي تم توجهها لمجموعة معتقلي مايو هي القضاء على الحركة الناشئة، ووصمها بالتعدي علي الثوابت الوطنية والدينية، بالإضافة لحزمة التهم الجاهزة من قبيل “التواصل مع جهات أجنبية مشبوهة”.
يوم 24 يونيو، لم أفرح بقرار رفع الحظر، بل على العكس من ذلك، شعرت بحزن بالغ، وأنا أرى كيف أن رفع حظر القيادة قد تم اختطافه من أيادي من ناضلوا فعليا من أجل تحقيقه: لجين وإيمان وعزيزة وغيرهن من رجال ونساء أظهروا شجاعة بالغة، وبادروا بإشعال النار بأنفسهم كي يضيئوا الطريق لمن يأتي بعدهم…
المجد لكم، ولكم السلام.
*سارة أحمد فؤاد مدونة وناشطة حقوقية من مصر