أطفال مغرب اليوم… لكل زمن بيئته ولكل بيئة سلوكاتها! 2/1خبراء تربية يشرّحون لـ"مرايانا" ملامح تنشئة أطفال اليوم
يعرف المجتمع المغربي اليوم، إسوة بالمجتمعات العالمية، تحولات مهمة، إن على المستوى الاجتماعي، أو مستجدات العصر من عولمة وظهور تكنولوجيات حديثة. ولم يكن لهذه المتغيرات أن تحْدُث دون أن تترك …
يعرف المجتمع المغربي اليوم، إسوة بالمجتمعات العالمية، تحولات مهمة، إن على المستوى الاجتماعي، أو مستجدات العصر من عولمة وظهور تكنولوجيات حديثة.
ولم يكن لهذه المتغيرات أن تحْدُث دون أن تترك تأثيرها، خاصة لدى النشء. أطفال المغرب، اليوم، ليسوا هم أطفال الأمس، هذا ما يجمع عليه خبراء تربية في حديثهم لـ”مرايانا”. في هذا الملف، نعرض وجهات نظرهم، حول أطفال اليوم، تنشئتهم وتربيتهم، وتصوراتهم لتربية حديثة تواكب متطلبات العصر ومتغيرات المجتمع!
لكل زمن سلوكاته، وزمن اليوم، زمن عولمة!
يرى أحمد أوزي، أستاذ علم النفس وعلوم التربية بكلية علوم التربية بالرباط، في حديثه لـ”مرايانا”، أن هناك اختلافا واضحا بين سلوك أطفال الأمس وأطفال اليوم في المغرب. ويرجع ذلك حسب أوزي إلى العوامل التي تميز البيئة التي عاش فيها أطفال الأمس وتلك التي يعيش فيها أطفال اليوم.
اقرأ أيضا: سناء العاجي تكتب: أن تكوني أُمّا… أو أن لا تكوني!
بيئة طفل اليوم في المغرب وفق ذات المتحدث، بيئة ثرية من حيث المؤثرات البيئية التي تؤثر على نحت سلوكه، سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو الشارع. والطفل بطبيعته المتسمة بالمرونة يتأثر بكل العوامل التي تحضر في واقعه ويحتك بها، سواء كان ذلك بكيفية مباشرة أو غير مباشرة.
“التغيرات التي طرأت على سلوكات الأطفال، حدثت بسبب التغيرات التي عرفتها الأسرة كلها؛ فالأخيرة اليوم لم تعد ترابطية تواصلية، والسبب في ذلك، ظهور مستجدات، مثل العولمة والتكنولوجيات الحديثة، التي أثرت بشكل سلبي”.
هذا إلى جانب ذهنية الطفل التي تعرف بدورها تطورا ونموا مهما، فطفل اليوم أذكى من طفل الأمس، وذلك بسبب ما تحقق له من تلبية حاجات أساسية تتعلق بالتغذية الصحية وتوافر اللعب المتنوع ودخوله إلى رياض الأطفال، والمدرسة التي تصقل سلوكه وتنقله من حالة الطبيعة إلى حالة الجِدة والحداثة.
من جهته، يؤكد لحسن مادي، أستاذ علوم التربية بجامعة محمد الخامس بالرباط، لـ”مرايانا”، أن لكل زمن سلوكاته الخاصة، التي ترتبط بالتغيرات التي يعرفها المجتمع في كل فترة من الزمن. مادي يضيف بأن زمن اليوم مرتبط في جانب كبير منه بالتكنولوجيات الحديثة وبوسائط التواصل الاجتماعي، التي جعلتنا نستغني بشكل كبير عن وسائط تواصلية كانت في زمن مضى.
اقرأ أيضا: استخدام المغاربة للشبكات الاجتماعية… حينما يصبح الافتراضي واقعا!
أطفال اليوم وفق أحمد أوزي، يعيشون ثورة أحدث التكنولوجيات التي تتدخل بشكل كبير في حياتنا اليومية، وقد تعودوا على استعمالها بشكل دقيق يفوق استخدام الآباء أحيانا، بسبب جرأتهم ورغبتهم الشديدة في معرفة كل ما هو جديد في بيئتهم.
بالمقابل، تبرز مليكة بنضهر، الفاعلة التربوية وخبيرة التربية، في حديثها لـ”مرايانا”، أن التغيرات التي طرأت على سلوكات الأطفال، حدثت بسبب التغيرات التي عرفتها الأسرة كلها، فالأسرة اليوم لم تعد أسرة ترابطية تواصلية كما كانت فيما قبل، والسبب في ذلك، ظهور مستجدات، مثل العولمة والتكنولوجيات الحديثة، التي أثرت بشكل سلبي أكثر مما هو إيجابي.
كيف يمكن تقييم سلوكات أطفال اليوم؟
يؤكد لحسن مادي، أنه من الصعب تقييم سلوكات أطفال اليوم. صحيح أن الكبار هم من يفترض أن يقوموا بذلك، لكن هذه السلوكات تتجاوزهم؛ ففي غالب الأحيان، يكونون غير راضين عنها، فقط لأنها لا تساير ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم، بينما هي بالنسبة للأطفال سلوكات عادية، ما يؤدي أحيانا إلى نوع من الصراع بين الأجيال. ويوضح ذات المتحدث أن الكبار لا يملكون وسائل الحكم على سلوكات أطفال اليوم بشكل موضوعي.
اقرأ أيضا: ألعاب الأطفال… من التسلية والترفيه إلى حفر القبور! 1\2
خلاف ذلك، ترى مليكة بنضهر، أن التغيرات التي حدثت على المجتمع، أثرت على مواكبة الأسرة للطفل. بنضهر تعتبر أنه، فيما قبل، كانت الأسرة تواكب الطفل منذ نعومة أظافره حتى كبره وبشكل فعال، وكانت حاضرة في التعليم وفي اللعب، بينما نجد اليوم أن هذا الرابط قد تكسر.
“أسلوب تنشئة الطفل وتربيته يختلف حسب الأسر ووفق قناعاتها التربوية وصورتها عن الطفل. في المجتمع الواحد، قد نجد أنماطا متعددة من التربية حسب المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للأسرة”.
الأسرة اليوم، وفق خبيرة التربية، لم تعد تستطيع ممارسة دورها الرقابي والمواكباتي، فالرابط الأسري تكسر داخل المنزل، ولم يعد الأب والأم أو الأخ الأكبر وما إلى ذلك، يجلسون مع الطفل، ولو لساعة واحدة للحوار أو للعب.
بالمقابل، يعتبر أحمد أوزي أن أسلوب تنشئة الطفل وتربيته يختلف حسب الأسر ووفق قناعاتها التربوية وصورتها عن الطفل. في المجتمع الواحد، قد نجد أنماطا متعددة من التربية حسب المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للأسرة.
اقرأ أيضا: مريم أمجون… درس طفولي في الفصاحة
أستاذ علم النفس وعلوم التربية بكلية علوم التربية بالرباط، أحمد أوزي، يؤكد أنه من الصعب الجزم بأن تطور المجتمع وتقدمه، قد يكون ساهم في تحلل الأسرة وأفقدها مهمتها في التربية والتنشئة، فتأثير الكلام على الطفل جد قليل مقارنة بتأثير ما يراه أو بما أعده إليه تكوينه البيولوجي.
ثم إن الوعي التربوي لدى العديد من الأسر اليوم جعلها، وفق ذات المتحدث، تخفف من سلطتها وسيطرتها الشديدة على الأطفال لاعتقادها بأن السلطة والشدة وقمع سلوك الطفل من شأنه أن يفقده الحرية وهي المقرونة بالابتكار والإبداع الذي يشكل عملة المستقبل وأداة التحكم في ناصيته.
في الجزء الثاني من هذا الملف، سنحاول التعرف على العوامل الأخرى التي تسهم في تنشئة أطفال اليوم؟ وكيف تؤثر في ذلك؟ ثم ما الحلول المقترحة من طرف الباحثين، لتربية حديثة تواكب متطلبات العصر ومتغيرات المجتمع؟
لقراءة الجزء الثاني: أطفال المغرب في زمن العولمة… ما ماهية التربية التي بات يفرضها العصر؟ 2/2