العنف المدرسي: تنديد ورفض واحتجاج. لكن…
عرفنا في الجزء الأول أن العنف المدرسي، بات “ظاهرة” تثير القلق في المغرب، سنة تلو الأخرى. في هذا الجزء، الثاني والأخير، نرصد بعض البيانات المستنكرة، ونبحث في أسباب تفشي “الظاهرة”، …
عرفنا في الجزء الأول أن العنف المدرسي، بات “ظاهرة” تثير القلق في المغرب، سنة تلو الأخرى. في هذا الجزء، الثاني والأخير، نرصد بعض البيانات المستنكرة، ونبحث في أسباب تفشي “الظاهرة”، وبعض الحلول المقترحة من أجل محاصرتها والتصدي لها.
أخذ ورد، و“تراشق” بالمسؤولية
عقب تنامي حالات العنف داخل المدارس السنة الماضية، أكدت وزارة التربية الوطنية في مذكرة عممتها مع بداية الموسم الدراسي الحالي، أن العنف من جميع الجهات بالمؤسسات التعليمية، يعد سلوكا منبوذا بكل المقاييس التربوية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية، ويتعين التصدي الحازم له بمختلف التدابير المتاحة.
الوزارة شددت في ذات المذكرة، على أن “الاعتداء على نساء ورجال التعليم والمس بكرامتهم، يعتبر، بشكل لا تهاون ولا تسامح فيه، فعلا مرفوض قطعيا يمس المؤسسة التعليمية ككل والمنظومة التربوية برمتها”.
جمعية: “عنف التلاميذ رد فعل طبيعي تجاه مدرسة غير منصفة وغير موحدة، لا توفر لجميع التلميذات والتلاميذ البيئة الحاضنة والجذابة وفرص النجاح والتوافق الدراسي”.
في غضون ذلك، خاضت المؤسسات التعليمية إضرابا نوفمبر 2017 دعت إليه ثلاث نقابات تعليمية رئيسية. وذهبت النقابات في بيان لها إلى أن الاعتداءات التي يتعرض لها الأساتذة، ليست سوى “نتيجة طبيعية وإفرازا موضوعيا لاستمرار الخطاب الرسمي في إهانة الأسرة التعليمية وتبخيس دورها في المجتمع، والإمعان في تكريس أزمتها الاجتماعية والمهنية والإدارية والتربوية”.
من جهتها، اتهمت جمعية التضامن الجامعي المغربي، وزارة التربية الوطنية بعدم القيام بدورها في دعم ومساندة موظفيها الذين يتعرضون للاعتداء والإهانة، بالرغم من أن الفصل 19 من قانون الوظيفة العمومية ينص على “أنه يتعين على الإدارة حماية موظفيها من التهديدات والتهجمات والإهانات والتشنيع والسباب التي قد يتعرضون لها بمناسبة القيام بمهامهم”.
اقرأ أيضا: “فرنسا تمنع الهواتف في المدارس الابتدائية والإعدادية”
أما الجمعية المغربية لحقوق التلميذ، فقد أصدرت في وقت سابق، بيانا تقول فيه إن تنامي حالات الاعتداءات على رجال التعليم تدل على “فشل مدرستنا فشلا ذريعا في نشر وتنمية قيم المواطنة والسلوك المدني والتسامح وثقافة حقوق الإنسان في الوسط المدرسي، فبالأحرى أن تساهم في نشر هذه القيم في محيطها”.
بمقابل ذلك، كانت وزارة التربية الوطنية قد أعلنت بداية الموسم الدراسي 2017\2018 بمراكش، عن الانطلاقة الرسمية لبرنامج “سنة دراسية بدون عنف”، مؤكدة أنها تتطلع بدعم من شركائها إلى “بلورة خطة وطنية للتحسيس حول ظاهرة العنف بالوسط المدرسي”، داعية إلى “مزيد من الالتفاف حول المدرسة المغربية من أجل المساهمة في كسب رهانات التربية”.
الفقر، الحرمان، الاكتظاظ، أسباب من بين أخرى!
تعزو الجمعية المغربية لحقوق التلميذ العنف الممارس من طرف التلاميذ، إلى كونه “رد فعل طبيعي تجاه مدرسة غير منصفة وغير موحدة، لا توفر لجميع التلميذات والتلاميذ البيئة الحاضنة والجذابة وفرص النجاح والتوافق الدراسي”.
مركز: “نشر مرشدين ومساعدين تربويين في المدارس، بات ضرورة لتوجيه سلوك التلاميذ وفهم مستوياتهم وحل مشاكلهم بأساليب تربوية حديثة بعيدا عن الأساليب القديمة”.
ويشير بحث قام به المركز المغربي للتنمية الفكرية، سنة 2014، إلى أن ظاهرة العنف المدرسي تكثر في المناطق المعزولة وفي الأحياء الهامشية. ويرجع ذلك بالأساس إلى “ضعف المستوى الاقتصادي وانتشار أمية الآباء والأمهات، إضافة إلى ظروف الحرمان الاجتماعي والفقر والقهر النفسي والإحباط، والتوتر والتصدع داخل الأسر، وأساليب التربية الخاطئة، والوضع المهني للأبوين، ناهيك عن ظروف السكن”.
اقرأ أيضا: “إلهام القادري… امرأة مغربية سترأس عملاق الصناعة البلجيكي مجموعة “سولفاي””
ذات البحث، يؤكد أن علاقة التربية بين الأستاذ والتلميذ باتت تطرح أكثر من سؤال، بحكم التوتر الذي أصبح يطبع هذه العلاقة، ذلك أن “عددا من المدرسين يلجؤون إلى أسلوب السخرية والاستهزاء من أفكار التلميذ، إضافة إلى عدم الاهتمام به، ناهيك عن اعتماد أساليب تلقين وطرق تقليدية للتدريس تخلق لدى التلاميذ نفورا من المدرسة، يزيد من حدتها الاكتظاظ داخل الأقسام”.
بحث عن حلول
دراسة صدرت عن مكتب اليونيسكو في الرباط، سنة 2017، أكدت على أن إدراج دروس في التربية على القيم، وكذا الارتقاء بوضعية الأساتذة، من شأنهما الحد من العنف في الوسط التعليمي.
ذات الدراسة، شددت على أن تحسين أجرة ومستوى عيش الأستاذ من شأنه مساعدته على إيلاء اهتمام أكبر للتلاميذ، ومن ثم عدم لجوء هؤلاء إلى دروس الدعم المؤدى عنها، مضيفة أنه ينبغي أيضا إيلاء أهمية خاصة للنهوض بالأنشطة الموازية وتعزيز مراكز الاستماع على مستوى المؤسسات التعليمية.
اقرأ أيضا: “شباب مغاربة ضد الخدمة العسكرية الإجبارية”
ويرى المركز المغربي للتنمية الفكرية أن نشر مرشدين ومساعدين تربويين في المدارس، بات ضرورة لـ”توجيه سلوك التلاميذ وفهم مستوياتهم وحل مشاكلهم بأساليب تربوية حديثة بعيدا عن الأساليب القديمة”.
خلاصات بحث ذات المركز عن العنف المدرسي، شددت على ضرورة إيلاء الأهمية لعقد ورشات ولقاءت بإشراف من الإدارة التربوية، يحضرها أخصائيون اجتماعيون ونفسانيون وأولياء الأمور، لبيان أساليب ووسائل التنشئة السليمة التي تركز على منح الطفل مساحة من حرية التفكير وإبداء الرأي.
لقراءة الجزء الأول: العنف المدرسي بالمغرب: واقع اجتماعي”صعب” وغياب حلول “ناجعة”…