الرباط: فاعلون يناقشون العنف الجنسي ضد الأطفال بالمغرب
نظمت جمعية أنير لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة، بتنسيق مع ماستر تربية وإدماج الشباب والأطفال في وضعية صعبة، الثلاثاء 24 دجنبر/كانون الأول 2019، برحاب كلية علوم التربية في الرباط، ندوة …
نظمت جمعية أنير لمساعدة الأطفال في وضعية صعبة، بتنسيق مع ماستر تربية وإدماج الشباب والأطفال في وضعية صعبة، الثلاثاء 24 دجنبر/كانون الأول 2019، برحاب كلية علوم التربية في الرباط، ندوة لتسليط الضوء على ظاهرة العنف الجنسي ضد الأطفال.
رئيسة الجمعية، مريم الراوي، قالت خلال مداخلتها بالندوة إن العنف الجنسي ضد الأطفال منتشر بشكل كبير، معتبرة أن عدم توفر أرقام مضبوطة حول عدد الاعتداءات المرتبكة، في ظل غياب قاعدة بيانات بشأنها، يجعلنا نظن بأنها ظاهرة “ضعيفة أو نادرة”.
وأشارت الراوي إلى أن المجتمع المغربي لم يقطع بعد من استعمال العنف بمختلف أشكاله، وأنه ما زال يتقبله، منددة باستمرار الاعتقاد الشعبي بثقافة “العصا لمن عصى”.
اقرأ أيضا: اختطاف الأطفال والرضع… ظاهرة تولد أم مجرد حالات معزولة لا تدعو للقلق؟
الفاعلة الجمعوية تطرقت أيضا إلى مجموعة من الإشكالات بخصوص الاعتداء الجنسي على الأطفال بالمغرب، مسجلة وجود “غياب تام للتكفل النفسي بالأطفال المعتدى عليهم”.
وطالبت الراوي بإقرار مسطرة ترابية واضحة للتعامل مع مختلف حالات الاعتداء، مع ضرورة تدقيق نقطة المسؤول عن تتبعها، مشددة أن التكفل النفسي بالأطفال المعتدى عليهم لا يمكن أن تتم فقط من خلال اللجوء إلى مصالح الشرطة.
وأبرزت أن المجتمع المغربي ما زال لم يتشبع بعد بأهمية التحلي بثقافة التبليغ فيما يخص هذا النوع من الجرائم.
وقدمت الراوي، في ذات اللقاء، كتيبا أنجزته الجمعية يتضمن 12 شهادة لفاعلين اجتماعيين ومؤسساتيين، تناولت آراءهم وتجاربهم بشأن قصص أطفال تعرضوا للعنف والاعتداء الجنسي.
الندوة شهدت أيضا عرض 4 أشرطة فيديو قصيرة بالعربية الدارجة واللهجة الأمازيغية، أنجزت بشراكة مع جمعية “إكباط” فرعي فرنسا واللوكسمبورغ، عالجت موضوع التحسيس ضد العنف الجنسي ضد الأطفال بشكل مبسط، وذلك تدشينا لحملة رقمية لجمعية “أنير” تحت عنوان “أفهم لأغير”.
حفيظة الزيداني، الكاتبها العامة للجمعية الوطنية للأخصائيين الاجتماعيين في المغرب، قدمت من جهتها عرضا عن دور المساعد الاجتماعي في مواكبة الأطفال المعتدى عليهم جنسيا.
من جانبه، أشار رئيس الجلسة الصحفي هشام حذيفة إلى عدم وجود إطار قانوني خاص بالمساعدين الاجتماعيين بالمغرب، داعيا إلى تدارك هذا الفراغ القانوني باعتبار أن ذلك “شيئا مهما بالنسبة لبلد يود المضي قدما في محاربة العنف ضد الأطفال”.
وعن تناول القانوني الجنائي المغربي لجريمة الاعتداء الجنسي على الأطفال، اعتبر المحامي الحبيب بيهي عن هيئة الرباط في كلمته أن المشرع المغربي أفرد في القانون الجنائي جميع الاعتداءات الجنسية التي قد ترتكب ضد الأطفال مع تدقيق عقوباتها المختلفة.
ولفت المتحدث ذاته أن الخلل الأساسي على مستوى القانون الجنائي المغربي، فيما يخص التعامل مع جرائم الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال، يكمن بالدرجة الأولى في الجانب المسطري، وبالتحديد في وسائل الإثبات، مؤكدا أن “الشكل هو مفتاح العدالة” على حد تعبيره.
وقال:” إيجاد دليل في هذه الجرائم هو من أصعب المسائل؛ فما قيمة تصريح الطفل؟ إن صرح، وما مصداقية ما يقوله؟”
وتابع بيهي أن القضاء لا يأخذ بالأقوال فقط مع أن القاضي يمكن أن يثبت بأي وسيلة يريد، بيد أنه ليس هنالك من وسيلة محددة في هذه الجرائم، وهو ما يترك باب الإثبات مفتوحا بشكل عام أمام القاضي.
اقرأ أيضا: قرى الأطفال SOS المغرب… حين تمنح الحياة للأيتام والمتخلى عنهم فرصة “العائلة” مرة ثانية! 2/1
في مداخلته بالندوة، قال الأخصائي النفسي عبد النبي خلق الله إن العنف الجنسي ضد الطفل “يجعله يحمل جرحا طيلة حياته يؤثر فيها ويكبح سيرورة أن يصبح شخصا عاديا”.
واستعرض خلق الله نماذج لسلوكات تستبيح حميمية الطفل، “يمكن أن تشكل بوادر للعنف ضده”.
وندد المتحدث أن “في الوقت الذي ينبغي على الراشد أن يلعب دور إسناد رغبة الطفل في الحب، نجد أن الطفل يُوظَّف لإسناد رغبة الراشد في الحب والإشباع النرجسي”.
وأكمل الأخصائي أنه حين تتحول الرغبة في لمس الطفل إلى رغبة في تأليمه، مع المدة، تصبح جميع مكونات متعة الطفل تبنى على الألم، يقول خلق الله، “ما يضع أرضية للعنف الجنسي ويجعل الطفل على استعداد للاستغلال”.
هكذا، مع الوقت، يخلص الأخصائي النفسي إلى أن الطفل لا يستطيع قول “لا”، وتستباح قدرته على الرفض، فقط لأنه يبحث عن الحب ويبحث عن استدراك ما ضاع منه.