من اليمن، حسين الوادعي يكتب: من يمثل الإسلام؟
“هؤلاء لا يمثلون الإسلام”… عبارة نسمعها كثيرا كلما حدث عمل إرهابي، أو صدرت فتوى شاذة، أو برزت جماعة متعصبة. لكن العبارة نفسها إشكالية وغامضة، وقد تتحول من دفاع عن الإسلام …
“هؤلاء لا يمثلون الإسلام”…
عبارة نسمعها كثيرا كلما حدث عمل إرهابي، أو صدرت فتوى شاذة، أو برزت جماعة متعصبة.
لكن العبارة نفسها إشكالية وغامضة، وقد تتحول من دفاع عن الإسلام إلى إتهام غير مباشر للإسلام نفسه!
المعضلة الأولى التي تطرحها العبارة هي: هل المشلكة فقط أن هؤلاء الإرهابيين والمتطرفين “لا يمثلون الإسلام”؟ وهل تنتهي المشكلة بمجرد تبرئة الدين؟ أم المشكلة أن الآلاف يقتلون يوما بعد يوم وباسم الإسلام ؟!
المسيحية هي ممارسات المسيحيين.
واليهودية هي ممارسات اليهود.
والإسلام هو ممارسات المسلمين.
الإعتقاد بوجودٍ نقي وخيالي للدين في “النص الخام” مجرد وهم.
إن تحويل مشكلة الإرهاب إلى قضية صراع حول “براءة الإسلام” سلوك غير مسؤول، لأنه يصرف الأنظار عن المشكلة الرئيسية وجذورها ويورطنا فى مشكلة مخترعة هي”الدفاع عن الإسلام”. هي مشكلة مخترعة لأنني لم أسمع عن أي غربي قال إن الإسلام هو المسؤول عن الإرهاب، باستثناء بعض فصائل اليمين المتطرف.
للأسف، فإن من وضع الإسلام في قفص الإتهام هم المسلمون أنفسهم الذين يقفزون بعد كل عملية انتحارية ليؤكدوا أن المسلمين ليسوا إرهابيين وإن لم يتهمهم أحد!
اقرأ أيضا: فتاوى عجيبة عن ميكي ماوس وكرة القدم والرقص ورؤية استحمام المرأة عارية 2/2
المعضلة الثانية لهذه العبارة هي استحالة وجود دين خارج المتدينين!
فالمسيحية هي ممارسات المسيحيين.
واليهودية هي ممارسات اليهود.
والإسلام هو ممارسات المسلمين.
الإعتقاد بوجودٍ نقي وخيالي للدين في “النص الخام” مجرد وهم.
إذا طبقنا نفس منطق “لا يمثلون الاسلام”، فسنقول أيضا إن الشيوعيين لا يمثلون الشيوعية والرأسماليين لا يمثلون الرأسمالية وإن الشيوعية الحقيقية والرأسمالية الحقيقية النقية الصافية لا زالت هناك في النص لم تطبق بعد!
هل هناك إسلام خارج الممارسات التي عرفناها في دولة المدينة وحكومة الراشدين، ثم دول الملك العضوض الأموية والعباسية والعثمانية والمملوكية ثم ممارسات المسلمين المعاصرين؟
وعليه، فكل الممارسات المعتدلة والمتطرفة والمتحررة للمسيحية كانت نابعة من أصول المسيحية وتمثل فهما معتدلا أو متطرفا للدين المسيحي. وكل الممارسات المعتدلة والمتطرفة والمتحررة للإسلام كانت نابعة من أصول الإسلام وتمثل فهما معتدلا أو متطرفا للدين الإسلامي.
إن أسباب التطرف الديني داخل الدين وليست خارجه، ولا يمكن أن تظهر تطبيقات متوحشة لدين ما، دون وجود جذور لها في هذا الدين أو ذاك.
عزل ممارسات أتباع دين ما عن تعاليمه، مجرد محاولة اعتذارية تبريرية للتغطية على أزمة التجديد والاجتهاد التي يحتاج لها الدين كلما سقط في حالة الجمود.
المعضلة الثالثة أنه لا يمكن فصل النص عن التطبيق. مهما تم تحريف التطبيق، فإننا لم نسمع عن تحريف يصل إلى 100%.
هل الحروب الصليبية مثلا ومحاكم التفتيش لا تمثل المسيحية؟
لا يمكن أن تظهر تطبيقات متوحشة لدين ما، دون وجود جذور لها في هذا الدين أو ذاك.
لنبتعد عن الدين قليلا، ونفكر في الإيديولوجيات “البشرية” كالشيوعية مثلا.
هل يمكن القول إن المذابح الجماعية التي قام بها ستالين وماو ونظم الحكم الشمولي المتوحش التي ظهرت في كل تجارب التطبيق الاشتراكي تقريبا، لا علاقة له بالشيوعية الحقيقية؟
أم أن أخطاء العنف والحكم الشمولي كانت كامنة في الإيديولوجيا الأصلية نفسها، كإيديولوجيا خلاصية تؤمن بامتلاك الحقيقة المطلقة والطريق الوحيد لسعادة الانسان؟
إذا طبقنا نفس منطق “لا يمثلون الإسلام”، فسنقول أيضا إن الشيوعيين لا يمثلون الشيوعية والرأسماليين لا يمثلون الرأسمالية وإن الشيوعية الحقيقية والرأسمالية الحقيقية النقية الصافية لا زالت هناك في النص لم تطبق بعد!
المعضلة الرابعة أن النص دائما ما يكون جميلا، لكن العبرة في التطبيق.
والدين، أي دين، ليس النص وإنما التطبيق البشري لهذا النص.
عندما يفشل التطبيق قرنا إثر قرن وجيلا إثر جيل، فهذا قد يعني أن التطبيق خاطئ؛ لكنه قد يعني أيضا أن النص نفسه غير قابل للتطبيق! وعندما يعجز أتباعه عن فهمه الحقيقي طوال هذه القرون، فهذا قد يعني أن فهمهم قاصر، لكنه قد يعني أيضا أن دينهم غير قابل للفهم!
الإصرار على أن تطبيقات الإسلام خلال 1400 لا تمثل الإسلام “الصحيح” اتهام للنص بالعجز قبل أن يكون اتهاما للتطبيق بالخطأ.
وهذه نتيجة خطرة لأنها تعني، إذا صدقناها، أن الإسلام دين “فوق- بشري” وغير قابل للتطبيق من قبل بشر لهم عيوبهم وأطماعهم، وأنه لن يطبق إلا في حالة وجود بشر لهم صفات الملائكة بلا عيوب ولا أطماع ولا نقاط ضعف.
دعونا نجري تجربة بسيطة لعبارة” لا يمثلون الإسلام “:
مَن مِن الجماعات أو المجتمعات أو الدول تعتقدون أنها تمثل الإسلام الحقيقي في عالم اليوم أو في الماضي؟
الجواب: لا أحد!
لا يوجد دين جيد بذاته أو سيء بذاته، وما يحدد ذلك هو ممارسة المتدينين لهذا الدين.
والسبب أننا نتخيل وجود جوهر مثالي للإسلام غير موجود في النص ولا في التجربة التاريخية ولا في الحاضر ولا حتى في المستقبل.
حتى تجربة الخلافة الراشدة والصحابة ستخرج من الحساب إذا أخذنا في الحسبان قتل الصحابة لبعضهم البعض وصراعهم على السلطة والمال!
لا يوجد دين جيد بذاته أو سيء بذاته، وما يحدد ذلك هو ممارسة المتدينين لهذا الدين.
ماذا بالنسبة لداعش والقاعدة ومثيلاتها؟
إنهم يمثلون فهما معينا للإسلام، انتقل من الجمود إلى التشدد ومن التشدد إلى التوحش. هذا الفهم ليس فهما فرعيا أو شاذا، ولكنه فهم له أصوله وجذوره القوية في التاريخ والنص.
الحل لهذه الظاهرة، مواجهة الجذور الدينية لتوحشها وليس إنكار وجودها أو إنكار علاقة الإسلام بها.
لا يوجد دين خارح المتدينين.
وتكرار مقولة “لا يمثلون الإسلام”، يعني أن المسلم الأول لم يوجد بعد على هذه الأرض.
اقرأ أيضا: في ذكرى ميلاده: هذه حكاية فرج فودة… رائد الجيل الثاني للفكر التنويري في مصر
ليس هناك دين أو أيديولوجيا أو حتي الديموقراطية بفكرها الليبرالي لا تخضع لقاعدة مهمة وهي قاعدة الإنزال للمجتمع فبمجرد نزولها الي حيز التطبيق فإنها تتأقلم مع عادات وقواعد المجتمعات هذا زيادة علي السيرورة التاريخية التي تخضع لها كل التنظيرات المذهبية فالليبيرالية كما جاءت تغيرت كثيرا واخدت اتجاهات اخري والاشتراكية أيضا وكيف يفر الإسلام من هذه القاعدة اذا لم يتمكن من تجديد الثرات فيه . يجب أن نبتعد عن تراثنا ونضعه موضع النقد لعلنا نجد مخرجا لأنفسنا
لتحقيق توازن أيدولوجى يجب تحقيق الشروط يجب إتباع الفلسفه راشدة الجامعة بين المعقول والمنقول
لكنه قد يعني أيضا أن النص نفسه غير قابل للتطبيق! وعندما يعجز أتباعه عن فهمه الحقيقي طوال هذه القرون، فهذا قد يعني أن فهمهم قاصر، لكنه قد يعني أيضا أن دينهم غير قابل للفهم!
هل الله لا يعرف ما مقدرة عبتده
الإسلام ليس دين “فوق- بشري” وغير قابل للتطبيق من قبل بشر لهم عيوبهم وأطماعهم، وأنه لن يطبق إلا في حالة وجود بشر لهم صفات الملائكة بلا عيوب ولا أطماع ولا نقاط ضعف.
جيد
like
hhhhh wawe