عن الحب والرغبة والحاجة - Marayana - مرايانا
×
×

عن الحب والرغبة والحاجة

الحاجة لا يمكن أن تكون مصدر السعادة. نحن بحاجة إلى أن نُحب.. أن يُرغب فينا… لا أن يُحتاج إلنا.

تخيل معي أنك جالس تحتسي قهوتك في جو دافئ أثناء يوم ممطر، ثم وردتك رسالة من شخص أنت معجب به أشد الإعجاب، يقول لك فيها: “أنا بحاجة إلى وجودك في حياتي”. هلا وصفت لي الشعور الذي سيغمرك ؟ لا شك أن إجابتك ستكون إيجابية جدا.. وقد تنغمس في بحر من الخيالات الجميلة فوق الغيوم الزهرية. جيد ! لا أريد أن أوقظك من أحلامك البريئة الجميلة. لكن .. هلا أمعنت معي العبارة جيدا !

لا شك أنها تعني حاجة شخص ما إليك، تعني حاجة إنسانية تستدعي الإجابة متى أمكنك ذلك. هلا ركزت معي ؟ إنها حاجة وليست رغبة أو حب؟ ما مبرر شعورك الجميل هذا إذن ؟

في إحدى المرات، سألت أحد الأصدقاء: تخيل أن تلتقي بالشخص الذي سيقول لك: “أنا بحاجة إلى شخص مثلك في حياتي”. ماذا ستكون إجابتك؟ أجابني ساخرا: “سأقول له أنت تحتاج علاجا”. عمت لحظة صمت وهدوء، تعتريها لحظة تأمل وتفكير عميق في ثنايا هذه المزحة “الحقيقة”. لم تكن نكتة، بل هي أشبه أن تكون حقيقة.

فتوصلت إلى خلاصة مفادها أن الإنسان الذي يحتاجني هو في الحقيقة ليس مصدر سعادة، أستجيب لحاجته الإنسانية فقط متى استطعت ذلك. لكن لا يمكن أن تكون حاجته هذه مصدر سعادة بالنسبة لي. أن أهتف قائلة: ياااي وجدت شخصا يحتاجني !

حتما لا، الحاجة لا تضمر حبا.. لا تضمر رغبة. لدرجة أنه قد يستغني عنك بمجرد انتقاء تلك الحاجة.. بمجرد شعوره بالتخمة تجاه تلك الحاجة. وقد يشكرك بأرقى عبارات الشكر ويرحل، وذلك في أحسن الحالات.

ولأضرب لكم مثلا، لا علاقة له بالموضوع، من باب التقريب : تخيل أنك تشعر بالجوع، فتحتاج بطبيعة الحال إلى طعام. لكن بمجرد الشبع وبمجرد الشعور بالامتلاء وعدم “الحاجة” إليه، هل ستنظر إليه مجددا ؟

الحاجة لا يمكن أن تكون مصدر السعادة. نحن بحاجة إلى أن نُحب.. أن يُرغب فينا… لا أن يُحتاج إلنا.

لو أبدلنا من قاموسنا لفظة الحاجة إلى لفظة الرغبة. كم ستتغير حياتنا ؟! لكن المؤسف أن الموضوع ليس مشكلة لفظية كما قد يظهر، بأن أستبدل الكلمة فينحل الموضوع. المشكلة في القصد وفي الغاية.

أنت تستحق(ين) كل الحب، كل الرغبة .. لا تستحق(ين) الحاجة. لا تستحقين أن تكون(ي) ذلك الطبق الذي يسد الشبع .. أنت أعلى وأسمى من مجرد حاجة.

الآن، أعد التمعن في السؤال الأول، ماذا سيكون ردك ؟

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *