ثلاث خلاصات حول المسار الثقافي بالمغرب؟! - Marayana - مرايانا
×
×

ثلاث خلاصات حول المسار الثقافي بالمغرب؟!

كيف نحدد ذلك الفهم الخاص جدا لطبيعة التحولات والتطور، اللذين لحقا البنية الإجتماعية بعد سنوات على “انعقاد” الإنفتاح؟؟؟
كيف نجعل من الثقافي مجالا مبتغى ومنشودا، في سياق عام مجتمعي، عمّ البلاد بالتكلّس والماضوية في التفكير والتدبير؟؟
كيف نُرجِّحه قولا سياسيا/فكريا، بالدفع به إلى البحث عن صياغة ممكنة للتفاعل والتجاوب مع شروط المرحلة بعد إفلاس كل الوسائط الثقافية (وعلى رأسها اتحاد كتاب المغرب)؟؟

عبد الله راكز

كان لشعار “الثقافة الديموقراطية”، سنوات قليلة مضت، (خصوصا منها التي تلت سنة 81 بالتحديد) أن يتمتع بكبير الاهتمام وكثير الاشتغال على مضمونه من لدن أغلب المثقفين والمشتغلين بحقله…

وكان على الواقع الذي حضن الشعار أياه وأنعشه بالعناصر اللازمة لتطوره وتقعيده – وهو الواقع العام بالبلاد آنذاك- بما عرفه من تحولات دالة متوالية، هي من صميم سيرورته في التطور، أن يشاكس هذا الأخير (أي الشعار) في بعض من تصوره وطرحه حول سبل انعتاقه هو ذاته (الواقع) بالقدر الكافي، الضروري لشحذ أي استهداف يروم ضخ ديناميته بزخم جديد… على سبيل استكمال سيرورة التغيير المتوخى (أي الديموقراطي).

ثم، وبجانب هذا وذاك. هل لازالت الرغبة في توجيه الأفهام والأذهان – حول الشعار ذاته – وتحديد الأدوار بالنسبة للمثقفين، على سبيل تفعيل الشعار إياه، ملحة وضرورية؟؟ على الأقل من باب إيجاد دور فعال لـ”الثقافي” في التوعية والتنوير وكذا التعبئة -الذهنية- الفكرية ضمن مجال فكري- ثقافي ديموقراطي مفتوح وعام.

اقرأ أيضا: هشام روزاق يكتب. شكيب بنموسى؟ درس قديم في فبركة السراب

والآن، وإذا ما جزمنا منذ البداية أن ما سلف، مقبول كوجهة نظر خاصة في الممارسة الثقافية الديموقراطية وإبان تلك المرحلة، فهل يمكن أن نتقوّل، وكخلاصة مؤقتة: إن “الثقافي” الديموقراطي، وقد وفّر له الآن الواقع الحالي بعضا من تلك العناصر المذكورة آنفا كرديف له، ترجّحت كفة فعله، بما يُسعفه أكثر في الحضور على مستوى الإنتاج المكتوب منه بخاصة (فكرا وإبداعا)؟؟.

لربما الجواب بالنفي تحصيل حاصل. غير أنه، وكما هو غني عن البيان، بهذا الصدد: إنه انطلاقا من الوضع الجديد المستحدث، على صعيد الحقل الثقافي، يجب أن نفهم أيضأ طبيعة الارتباك الحاصل دائما في صفوف الخصوم المتعددين للثقافي-الديموقراطي (وهم الخصوم الطبيعيون للديموقراطية بعامة)، وطبيعة الترتيبات متعددة الصيغ، التي وضعت على سبيل خنقه واجتثاث حضوره -وهذا معروف-.

…يجب أن نفهم لماذا تشكّل “الثقافي” الديموقراطي بشكل واضح، كترموميتر للحالة العامة المؤطرة للبلاد بعد السنوات التي تلت عام 81؟ بل وكيف تأتى له أن يكتسب تلك الفاعلية النادرة، التي كان مؤداها، أن يأتي قوله ومضمونه مصوغين سياسيا- في حالة الأزمة بالذات- فضلا عن استمراره الموازي -فكرا وإبداعا- ممارسا بما يقتضيه مجاله الخاص (الثقافي الديموقراطي) في أن يكون فاعلا وملتزما بقضايا مجتمعه الحيوية؟؟

اقرأ أيضا: كوثر بوبكار تكتب: باسم الشعب… أي شعب؟

مرادنا مما سلف، تسجيل ملاحظات، نظنها ضرورية، في محاولة تحديد بعض ملامح وسمات المشهد الثقافي -الديموقراطي للسنوات التي تلت عام 81 (إلى الآن)، وهي مرجعنا، أي التي اختزلت على نحو ما، الاعتبارات التي ضمنت ريادة “الثقافي” الديموقراطي، وحكمت توجهه التقدمي، تحت شعار “الثقافة الديموقراطية” وهي كالتالي:

أــ  لطالما اعتبر العديد من المثقفين على قاعدة فهم معادلة انغلاق/انفتاح، التي طبعت التاريخ السياسي بالبلاد… وهي إن اعتبرت كذلك، ففي ظننا، لما جسدته كتحصيل حاصل لمجموعة أحداث، وقائع وتحولات ذات صفة سياسية/اجتماعية جرت على البلاد -إلا في ما ندر- الكثير من الأعطاب والتوقفات سنوات خلت من قبل…على حين أيضا -وتأكيدا- لما احتضنته، بالموازاة مع هذا، وفي سباق تفادي تكراره، من مؤشرات دالة بانفتاح محدود، سيطبع المراحل التي تلت، ويُنعش على نحو ما، العمل السياسي الديموقراطي إن لم نقل سيزكيه …(سنوات ما بعد العام 81).

ومع أن هذه الفترة، والسنوات الأخرى اللاحقة، قد أغرت بعض الفئات والتكتلات المناهضة لأي تحول ديموقراطي حقيقي، بتحقيق امتياز التواجد الكثيف (وهو شكلي في حقيقة أمره) واستعادة “التموضع” السياسي، بعد أن أصابها العياء التام واليأس، أو لنقل، تعب منها الزمن… فإنها شكّلا أيضا وبالمقابل، بالنسبة للمثقفين الديموقراطيين -إطارات وأفراد- فرصة ومحكمة لإعمال النظر الموضوعي في التجربة الماضية، بإيجابياتها ونواقصها…

وهذا إن لم نقل إنها شكلت في الواقع، الدافع، ضمن دوافع أخرى لإعادة النظر الشامل في التصور العام وكذا البرنامج، بما يخدم البحث عن تلك الأدلة الضرورية اللازمة لأية رؤية تتوخى، قبل تشريح الواقع، العمل على تحريكه (فأين نحن من هذا الآن؟؟؟)

ب ــ وإذن، لم يكن من الصدفة في شيء بعد هذا… أن يبادر “الثقافي”، وقد تبلورت بعض شروط انتعاشه هو الآخر، من الإنبتات في حقل الجدل السياسي -الفكري- المباشر- إيديولوجيا- بل وفي أن تصبح إطارات الإشتغال الخاصة به، مرتعا خصبا لإدارة الجدل إياه، ولو بشكل مبتذل في الغالب…

اقرأ أيضا: في مبادرة “فريدة”… أستاذ يحفز تلامذته على القراءة بتنظيم حفل يتوجون فيه أفضل كاتب قرؤوا له خلال سنة 2019

ربما لن نكون الآن، في حاجة إلى دليل كي نجزم- على الأقل من وجهة نظرنا- على أنه كان من بين أهم نتائج انبتات الثقافي في حقل الجدل السياسي، انبصامه بشكل بدا واضحا، بالكثير من الإسقاط التعسفي المحمل بـ”لوثة “الإيديولوجيا. هذه الأخيرة، التي كانت ناهضة بقوة من ركام سنوات المنع والحظر المديدة… بل ولكي نؤكد أيضا، وبدون مواربة، أن هذه الأخيرة(الإيديولوجيا) أضحت بذلك، رافدا معرفيا وحيدا وأوحدا لدى البعض، الذي سيخفّ إلى المتح منها من دون أدنى ضوابط (معرفية) كلما اقتضى ذلك افتراض “التموقف” السياسي الظرفي/المزاجي الأرعن، أو الدفاع عن النفس بعد عجزها في الإقناع (إقناع الآخر).

والآن، وحتى لا نختم…

كيف إذن نحدد ذلك الفهم الخاص جدا لطبيعة التحولات والتطور، اللذين لحقا البنية الإجتماعية بعد سنوات على “انعقاد” الإنفتاح؟؟؟

كيف نجعل من الثقافي مجالا مبتغى ومنشودا، في سياق عام مجتمعي، عمّ البلاد بالتكلّس والماضوية في التفكير والتدبير؟؟

كيف نُرجِّحه قولا سياسيا/فكريا، بالدفع به إلى البحث عن صياغة ممكنة للتفاعل والتجاوب مع شروط المرحلة بعد إفلاس كل الوسائط الثقافية (وعلى رأسها اتحاد كتاب المغرب)؟؟

وحيث أن البحث إياه، في القول السياسي/ الفكري المتوخى، يجب أن يكون تدبيره غير منضبط بالمطلق لسلبيات الماضي، ضبابياته وارتباكه، وجب (وهو ملزم بذلك) أن يختار في ذلك، أدواته “ثقافيا” ومضمونه “تقدميا” وتوجهه “ديموقراطيا”، تحت شعار: “الثقافة الديموقراطية الحداثية”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *