من مصر، محمد حميدة يكتب: صفقة أم صفعة!؟
اختتمت ورشة البحرين في 26 يونيو/حزيران 2019، دون أن تعلن عن أي خطوة جادة أو مستقبلية بشأن ما زعمه ترامب ومهندس الصفقة الفاشلة (كوشنر)، غير أنها أكدت على أشياء عدة …
اختتمت ورشة البحرين في 26 يونيو/حزيران 2019، دون أن تعلن عن أي خطوة جادة أو مستقبلية بشأن ما زعمه ترامب ومهندس الصفقة الفاشلة (كوشنر)، غير أنها أكدت على أشياء عدة على رأسها فشل الرؤية الأمريكية.
بل لعلها كانت بحاجة إلى العودة للوراء بنحو 21 يوما بما يتوافق مع الرابع من حزيران/يونيو وبدء الحديث بحدود ما قبل هذا التاريخ.
في هذه الحالة، كان يمكننا الحديث عن خطة سلام، لا “صفقة قرن”.
الحكم بأن “صفقة القرن” فاشلة وغير مقنعة لم يكن بحاجة للانتظار لما بعد ورشة البحرين، فمنذ إعلان ترامب بأن القدس الشرقية عاصمة لإسرائيل ومنذ أن أتبع ذلك بإعلان سيادة الاحتلال على الجولان، كان الرئيس الأمريكي قد أكد بذلك فشل صفقته. ولعل اختيار تسمية “صفقة القرن”، يؤكد في حد ذاته على أننا أمام عملية غير نزيهة، إذ غالبا ما اقترن لفظ الصفقة بالعمليات غير السوية.
اقرأ لنفس الكاتب: عهد التميمي ونظرية المؤامرة
إعلان ترامب بشأن القدس والجولان جاء تلبية للشروط الإسرائيلية التي أبلغت بها كوشنر مسبقا، ولم يكن من الطبيعي أن تعلن إسرائيل هذه الشروط من أجل التفاوض مع دول المنطقة.
لقد وضعت الخطة على أن يعلن ترامب ذلك، حتى يكون التفاوض بعد ذلك على هذه الوضعية، باعتبار أن الخطة أمريكية وهي المسؤولة عن تنفيذها؛ وذلك على أمل أن يستجيب حكام دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للضغوط الأمريكية والنقاش فيما هو خارج الإعلان الأمريكي (أي أن تظل الجولان تحت السيادة الإسرائيلية وتصبح القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي المحتل)، إلا أن “الرياح أتت بما لا تشتهي السفن”.
لعل خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي كان له علاقة بعوامل الضغط من أجل تمرير صفقته المشبوهة
ظن ترامب أن استجابة معظم حكام المنطقة وذهابهم لورشة البحرين إعلان عن كونهم سيخضعون لإعلانه المسبق، وأنهم سيتفاوضون على ما يريده، أو بالأحرى يسلمون بما يقوله؛ إلا أن ما يُقرأ من حضور دول المنطقة أن يدهم ممدودة لأي سلام بشروط واضحة وجلية، ولا تقبل المساومة، وهو أن يقوم على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
اقرأ أيضا: من فلسطين، عامر أبو شباب يكتب: لماذا لا يصلي الرئيس في القدس؟
منذ أن أعلنت السلطة الفلسطينية عدم حضورها، وكذلك مغادرة السفير الفلسطيني للأراضي البحرينية طوال فترة انعقاد المؤتمر، تأكد بذلك أن الجانب الفلسطيني يعرف ماذا يفعل، وأنه يعي ما في جراب “الحاوي”. وبالفعل، أكدت السلطة الفلسطينية أن الحقوق المشروعة لا تباع بأي ثمن، فيما أكدت الدول ذات الثقل في المنطقة أنها ستقبل بما يقبل به الجانب الفلسطيني، في حين أن الدول التي كانت ستدفع تلك المبالغ المقدرة بـ 50 مليارا، تراجعت بعد أن أيقنت أن ترامب يسعى لسلام لصالح الاحتلال، وأنه يخلط كل الأوراق من أجل الحصول على أهدافه، بما في ذلك التصعيد في منطقة الخليج مع إيران. ولعل خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي كان له علاقة بعوامل الضغط من أجل تمرير صفقته المشبوهة.
لعل اختيار تسمية “صفقة القرن”، يؤكد في حد ذاته على أننا أمام عملية غير نزيهة، إذ غالبا ما اقترن لفظ الصفقة بالعمليات غير السوية
في النهاية، فشلت الصفقة لأنها حاولت اجتزاء معالجة القضية وتحدث كوشنر عن الازدهار في الأراضي الفلسطينية، متجاهلا الحقوق المشروعة وحل الدولتين، والعودة لحدود الرابع من حزيران 67، وكذلك قرارت الشرعية الدولية وما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
اقرأ أيضا: من فلسطين، عامر أبو شباب يكتب: غزة… يوم من أربع ساعات
انتهت الورشة بتأكيد من الدول المانحة بأنها لن تدفع أية مبالغ في صفقة رفضت من الطرف الرئيسي وهو الشعب الفلسطيني وسلطته التي تعبر عن إرادته. كما رفضت لأن كوشنر سعى لتنحية مبادرة السلام التي اقترحها الملك الأردني عبدالله، والمتوافق عليها من طرف دول المنطقة، كما نحى كل قرارات الشرعية الدولية جانبا، وحاول الحديث عن مبالغ مالية لو أرادت تلك الدول دفعها لفلسطين دون أي صفقات لدفعتها، كما دفعت أضعافها لترامب.
للتأكيد، فإن التجارة الاقتصادية بمعزل عن الجانب السياسي سيكون مصيرها الفشل دائما، كما كل المؤتمرات التي عقدت وتعهدت بتقديم المليارات لإعادة الإعمار وازدهار الاقتصاد واقتصرت في النهاية على عشرات الملايين، دون أن يؤثر ذلك فعليا في حياة الناس.
اقرأ أيضا: من الولايات المتحدة الأمريكية. عمر بوم يكتب: صهر ترامب جارد كوشنير وبركة صالحي وأولياء يهود المغرب