المرجعية التاريخية للتنظيمات السياسية المغربية. 3 التنظيمات السياسية بعد الإستقلال (1956-1961) - Marayana - مرايانا
×
×

المرجعية التاريخية للتنظيمات السياسية المغربية. 3 التنظيمات السياسية بعد الإستقلال (1956-1961)

ظهير الحريات العامة سنة 1958، نص بكيفية صريحة على التعددية السياسية والمدنية ووضع الإطار القانوني لتأسيسها، كما تم إصدار القانون الانتخابي سنة 1959، الذي رجح أسلوب الاقتراع الأحادي الإسمي ذي الدورة الواحدة، بدل الاقتراع باللائحة الذي يقزم الأحزاب الصغرى، لكن…
حزب الاستقلال… اتخذ موقفا سلبيا من ظهير الحريات العامة الذي اعتبره مهددا لخياره الإستراتيجي.

أمال مديد: صحفية ومهتمة بالشأن الحقوقي والحزبي المغربي.

غداة حصول المغرب على الاستقلال، ظهر حزب الاستقلال كقوة رئيسية إلى جانب القصر، وظهر اتجاه نحو تبني الحزب الوحيد.

سعى حزب الاستقلال إلى فرض هذا الأمر، في حين كان يطالب حزب الشورى والاستقلال بخلق تعددية سياسية ونظام حكم ديمقراطي.

في خضم هذا الصراع، لجأ حزب الاستقلال إلى نهج كل السبل بغية فرض نظام الحزب الوحيد، غير مبال بالأحزاب السياسية الأخرى التي كانت، قبل الاستقلال، تعمل معه جنبا إلى جنب لمقاومة الاستعمار. كما قام بكل ما في وسعه لاستبعاد هذه الأحزاب وتغييبها عن المشهد السياسي الجديد.

حزب الاستقلال دخل في مواجهات مفتوحة مع هذه الأحزاب، في محاولة لابتلاعها وتذويبها في صفوفه، إلا أنه اصطدم بصعوبة ذلك، عدا حزب الإصلاح الوطني الذي نجح في ضم أعضائه إلى صفوفه سنة 1956.

نهج حزب الاستقلال سياسة الاعتقالات بمحاضر مفبركة، وسلسلة من الاختطافات والمحاكمات الصورية، وتعذيب السياسيين، حيث كانت دار المقري بالرباط ودار بريشة بتطوان أبرز المواقع التي وصمت بتعذيب المناضلين؛ إلى جانب إقصاء حزب الشورى والاستقلال من الحكومة الثالثة لسنة 1958 رغم تظلمات هذا الأخير

فشل حزب الاستقلال في احتواء باقي الأحزاب جعله يعلن حربا شعواء على باقي الأحزاب السياسية، حيث عمد في هذا الصدد إلى استغلال أغلبية تمثيليته الحزبية في الحكومات المتعاقبة وتحكمه في أم الوزارات، أي وزارة الداخلية التي كان على رأسها آنذاك ادريس المحمدي والغزاوي مدير الامن الوطني.  كما نهج حزب الاستقلال سياسة الاعتقالات بمحاضر مفبركة، وسلسلة من الاختطافات والمحاكمات الصورية، وتعذيب السياسيين، حيث كانت دار المقري بالرباط ودار بريشة بتطوان أبرز المواقع التي وصمت بتعذيب المناضلين؛ إلى جانب إقصاء حزب الشورى والاستقلال من الحكومة الثالثة لسنة 1958 رغم تظلمات هذا الأخير، كلما سنحت له الفرصة بذلك، لدى الملك محمد الخامس.

إقرأ أيضا: المهدي بنبركة… من المعارضة والنضال الأممي إلى “الأسطورة”! 1\2

نفس المصير لاقاه الحزب الشيوعي المغربي (التقدم والاشتراكية حاليا) الذي ترأسه علي يعتة بعد أمينه السابق ليون سلطان. الحزب الشيوعي لاقى اعتراضا من طرف حزب الاستقلال، وعانى من أجل الحصول على ترخيص لممارسة نشاطه، بدعوى تبعيته لنظام الحماية، حيث كان يضم في صفوفه مغاربة فرنسيين وإسبان، فنال نصيبه من العداء والاضطهاد من طرف حزب الاستقلال الذي نعته بالعمالة لإسرائيل وبخطورة مبادئه الشيوعية التي تتناقض ومبادئ الإسلام والدين. كما عمل حزب الاستقلال على عدم الاعتراف به، إسوة بإقصائه من التكتل الحزبي خلال تأسيس الجبهة الوطنية المغربية سنة 1951 بطنجة، رغم المواقف الوطنية لهذا الأخير التي ترتب عنها  منعه وحرمانه من ممارسة أنشطته السياسية إلى حين الاستقلال.

كما كال حزب الإستقلال الكيل بالمكيالين لحزب الأحرار المستقلين عن طريق محاصرته والتضييق عليه تنظيريا وتأطيريا، لدرجة تقزيم تمثيليته السياسية في الحكومة الثانية في وزارتين فقط، وإقصائه منها نهائيا في الحكومة الثالثة.

في الاتجاه المعاكس، سعى القصر إلى وأد فكرة مبدأ الحزب الوحيد بمواجهته بمبدأ التعددية الحزبية كخيار يناسب واقع المجتمع المغربي. لأجل ذلك، هيأ جوا سياسيا جسده في تكوين المجلس الاستشاري الوطني، والذي روعيت في تركيبته تمثيلية مختلف التيارات والأفكار الموجودة في البلد، بضمه لنخبة من المتخصصين وذوي الكفاءات المعروفين بصدق وطنيتهم من الفقهاء ورجال القانون الحديث وممثلو الحركات الوطنية والفكرية، وكذا تشكيلة الحكومات المتوالية على الحكم بضمها لممثلين عن أحزاب سياسية أخرى.

فشل حزب الاستقلال في احتواء باقي الأحزاب جعله يعلن حربا شعواء على باقي الأحزاب السياسية، حيث عمد في هذا الصدد إلى استغلال أغلبية تمثيليته الحزبية في الحكومات المتعاقبة وتحكمه في أم الوزارات، أي وزارة الداخلية التي كان على رأسها آنذاك ادريس المحمدي والغزاوي مدير الامن الوطني

زاد القصر في قطع الطريق على نظام الحزب الوحيد بوضع سد قانوني منيع مبني على العهد الملكي المنبثق عن خطاب طنجة لسنة 1958، والذي كان بمثابة خارطة الطريق لسياسة البلاد، وعززه بإصدار ظهير الحريات العامة، الذي نص بكيفية صريحة على التعددية السياسية والمدنية ووضع الإطار القانوني لتأسيسها.

إضافة إلى ذلك، تم إصدار القانون الانتخابي سنة 1959، والذي رجح أسلوب الاقتراع الأحادي الإسمي ذي الدورة الواحدة، بدل الاقتراع باللائحة الذي يقزم الأحزاب الصغرى.

خلال تلك الفترة، اتخذ حزب الاستقلال موقفا سلبيا من ظهير الحريات العامة الذي اعتبره مهددا لخياره الإستراتيجي. كما أن محاولة الحسين اليوسي تأسيس هيئة تتكلم باسم الأمازيغ، وزعامة المحجوب أحرضان لحركة الدفاع عن مصالح الأمازيغية رفقة الدكتور عبد الكريم الخطيب المقرب من القصر، أدى إلى اعتقال المحجوب احرضان وحظر حركته إلى غاية سنة 1959 حيث عمل هذا الأخير على تأسيس الحركة الشعبية وتولى أمانتها العامة.

إقرأ أيضا: شيخ الإسلام… القطيعة مع القصر والتوجه نحو اليسار 3/3

في نفس السياق، أدى التناقض والتباين بين التيارات المتواجدة في حزب الاستقلال والمتكونة من سياسيين تقليديين، ومقاومين ونقابيين إلى ميلاد حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.

في الأخير، يمكن القول بأن الستار قد أسدل على خيار نظام الحزب الوحيد بتأسيس حزبي الحركة الشعبية والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، واستطاعت القوى الحية في البلاد كسب رهان التعددية الحزبية.

لقراءة الجزء الأول: في بلدان ما سمي بالربيع العربي: كيف دخلت الأحزاب في حالة عطالة (الجزء الأول)
لقراءة الجزء الثاني: المرجعية التاريخية للتنظيمات السياسية المغربية 1- التنظيمات السياسية قبل الاستقلال (1925- 1937 )

لقراءة الجزء الثالث: المرجعية التاريخية للتنظيمات السياسية المغربية 2- التنظيمات السياسية قبل الاستقلال (1938- 1955)

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *