المرجعية التاريخية للتنظيمات السياسية المغربية 1- التنظيمات السياسية قبل الاستقلال (1925- 1937 ) - Marayana - مرايانا
×
×

المرجعية التاريخية للتنظيمات السياسية المغربية 1- التنظيمات السياسية قبل الاستقلال (1925- 1937 )

بعد هزيمة عبد الكريم الخطابي سنة 1925، تبين للكثيرين أن العمل السياسي هو البديل الأولى للخيار العسكري، وأنه الأداة الكفيلة لمواجهة المستعمر الذي حاول طمس الهوية المغربية والتفرقة بين المغاربة إلى كتلتين (عرب وبربر) عن طريق الظهير البربري لسنة 1934.
في خضم هذه الأحداث، ارتأت النخبة السياسية آنذاك ضرورة إيجاد تنظيم سياسي أكثر فعالية، وذلك لمواجهة هذا الظهير ومجابهة المستعمر.

أمال مديد: صحفية ومهتمة بالشأن الحقوقي والحزبي المغربي.

الأحزاب السياسية ذات المرجعية التاريخية، هي التنظيمات السياسية التي اكتسبت شرعيتها من شروط موضوعية وذاتية، مستمدة من توافق وتراض وتواصل مع قواعدها الشعبية التي تمثل كافة الشرائح من عمال وتجار وطلبة ومثقفين وعمال إلخ… هذا الالتحام والتوافق بين هذه الأحزاب وقواعدها أملته ظروف اجتماعية، اقتصادية وسياسية.

هذا الأمر يقتضي منا الحديث عن مرجعية العمل السياسي لهذه الأحزاب التي تختلف عن الأحزاب الطارئة أو المناسباتية، والتي تأسست بإيعاز من جهة معينة أو بفعل فاعل، لاتخاذها كمطية وقنطرة لتجاوز مرحلة من المراحل، أو لتمرير خطابات لجماهير شعبية مغلوبة على أمرها. كل هذا يحيلنا على تصنيف هذه الأحزاب حسب مرجعياتها التاريخية والسياسية، بعد التطرق إلى بذور التنظيم السياسي والظروف التي ظهر فيها.

عزا المتتبعون للشأن السياسي، التنظيم السياسي في المغرب، للوضعية المتردية للبلاد ونظام الحماية الذي تم فرضه سنة 1912، وانتفاضة الغيورين على البلد لمقاومة المستعمر وتحرير البلاد. هذا، بطبيعة الحال، لن يكون سهلا في غياب تنظيم سياسي محكم ومتكامل، خاصة بعد هزيمة عبد الكريم الخطابي سنة 1925، حيث تبين للكثيرين أن العمل السياسي هو البديل الأولى للخيار العسكري، وأنه الأداة الكفيلة لمواجهة المستعمر الذي حاول طمس الهوية المغربية والتفرقة بين المغاربة إلى كتلتين (عرب وبربر) عن طريق الظهير البربري لسنة 1934.

وصول الجبهة الشعبية إلى دفة الحكم بفرنسا، نجم عنه تحول كتلة العمل الوطني من تنظيم مغلق إلى تنظيم منفتح على القواعد الشعبية، إلا أن هذا التحول طرح معه إشكالية الزعامة، حيث بادر علال الفاسي إلى عقد مؤتمر لكتلة العمل الوطني سنة 1936، مستغلا بذلك غياب محمد حسن الوزاني، الذي كان في مهمة بالديار الفرنسية.

في خضم هذه الأحداث، ارتأت النخبة السياسية آنذاك ضرورة إيجاد تنظيم سياسي أكثر فعالية، وذلك لمواجهة هذا الظهير ومجابهة المستعمر.

عامل الظهير البربري وحركة ما سمي بـ “قراءة اللطيف” ساهما، آنذاك، في إغناء وتوفير الأجواء الملائمة للتنظيم السياسي السري في البلاد، وربط جسور الامتداد للرابطة المغربية التي كان على رأسها السيد أحمد بلافريج آنذاك.

هذا التنظيم السري تطلب لإنجاحه، أدوات وهيكلة لتبليغ برامجه للشعب في كافة أنحاء البلاد التي قسمها الاستعمار إلى ثلاث مستعمرات: (فرنسية، إسبانية ومنطقة دولية بمدينة طنجة)، معتمدا على الزاوية والطائفة ولجنة المسافر كقنوات للتواصل والتنسيق مع القواعد، موازاة مع تنظيم حلقات توعوية كان يقوم بها آنذاك كل من علال الفاسي وعبد العزيز بن ادريس العمراوي، إضافة إلى إصدار الصحف بطريقة تحايلية بفرنسا من طرف أحمد بلافريج، في إطار هيئة تحريرية تضم كتاب فرنسيين وإسبان لصحيفتي المغرب وحركة الشعب.

إقرأ أيضا: “المخزن”: استخدام “الرمزية”… الجانب الخفي والأهم لممارسة السلطة وترسيخها

في خضم هذه الظروف، سرعان ما تم تعميق أشكال التنظيم السري في هيئة كتلة العمل الوطني، التي سهرت على إعداد برامج إصلاحية همت كل الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. إلا أن انغلاق تنظيم هذه الكتلة ومحدوديتها الجغرافية التي كانت محصورة في الدار البيضاء، الرباط، سلا، فاس والقنيطرة، فجر تناقضات أذكاها المستعمر، مستغلا الاحتجاجات التي كانت تقوم بها هذه الكتلة ضد المطالب المتمثلة في حصول المعمرين على بعض الامتيازات.

جدير بالذكر أن وصول الجبهة الشعبية إلى دفة الحكم بفرنسا، نجم عنه تحول كتلة العمل الوطني من تنظيم مغلق إلى تنظيم منفتح على القواعد الشعبية ليمتد إلى مكناس، صفرو، قصبة تادلة ووزان.

إلا أن هذا التحول طرح معه إشكالية الزعامة، حيث بادر علال الفاسي إلى عقد مؤتمر لكتلة العمل الوطني سنة 1936، مستغلا بذلك غياب محمد حسن الوزاني، الذي كان في مهمة بالديار الفرنسية.

هذا الموقف، استغله المستعمر لإحداث شرخ في هذا التنظيم، وخلق تناقضات بين علال الفاسي والوزاني. شرخ، ستزداد هوته عقب انتخاب لجنة تنفيذية جديدة لكتلة العمل الوطني سنة 1937 ترأسها علال الفاسي، فيما كان محمد حسن الوزاني أمينا عاما لها، الأمر الذي لم يستسغه هذا الأخير وقام بالانسحاب من هذه الكتلة التي تم حلها من طرف المستعمر.

بعدها، أقدم محمد حسن الوزاني على خلق تنظيم يخصه، أطلق عليه اسم الحركة الوطنية المغربية، أفرزت بدورها الحركة القومية، والتي سيتم قبرها بمجرد اعتقال ونفي محمد حسن الوزاني إلى الصحراء بعد الأحداث الدامية ببوفكران سنة 1937. بيد أن حظر كتلة العمل الوطني لم يطل صحافة الحزب التي كانت تصدر باسم الحركة الوطنية لتحقيق مطالب، من أهمها: إلغاء الظهير البربري واعتماد الديانة الإسلامية واليهودية كأديان… واعتبار اللغة العربية لغة البلاد الرسمية إلخ…

التنظيم السري تطلب لإنجاحه، أدوات وهيكلة لتبليغ برامجه للشعب في كافة أنحاء البلاد التي قسمها الاستعمار إلى ثلاث مستعمرات: (فرنسية، إسبانية ومنطقة دولية بمدينة طنجة)، معتمدا على الزاوية والطائفة ولجنة المسافر كقنوات للتواصل والتنسيق مع القواعد،

تنظيم هذه الحركة، كان مرحلة أولى في أفق تشكيل الحزب الوطني لتحقيق المطالب المغربية، وقد كان مشكلا من لجنة تنفيذية، مجلس وطني، فروع، شعب وخلايا. إلا أن هذا الحزب تمت مطاردته واضطهاده من طرف المعمر الفرنسي، وحظرت الصحف الناطقة باسمه، بمبرر اكتشاف المستعمر لوثيقة تتضمن لائحة لأعضاء حكومة مناهضة للسلطان يترأسها علال الفاسي، الشيء الذي ترتب عنه شل نشاط الحزب ونفي علال الفاسي إلى الغابون؛ في الوقت الذي التحق فيه كل من عمر بن عبد الجليل وأحمد بلافريج بمنطقة الحماية الإسبانية، ليجتمع الحزب من جديد تحت زعامة محمد اليزيدي في غياب علال الفاسي.

إقرأ أيضا: أخنوش؟ قبله… دمر بيرلوسكوني دولة!

إلا أن إعلان فرانكو خروجه عن الجمهورية الاسبانية، تسبب في حدوث انشقاق في الحركة، نظرا للموقف المعادي الذي تبناه رجال الحركة الوطنية بالمنطقة الجنوبية، ومحاباتهم للجمهوريين بفرنسا.

على خلفية ذلك، وبعد وفاة عبد السلام بنونة، خلفه عبد الخالق الطوريس على رأس الحركة الوطنية بالمنطقة الشمالية، وأسس الكتلة الوطنية بشمال المغرب، إلى أن اعتقل من طرف نظام فرانكو الذي اتخذه حليفا مرحليا له.

قام عبد الخالق الطوريس بتحويل الكتلة الوطنية بشمال المغرب إلى حزب أسماه “حزب الإصلاح الوطني”، تمكن من خلق نفوذ واسع له في المنطقة، مما دفع المستعمر إلى التفكير في البحث عن حليف آخر وخلق توازنات جديدة، وهو ما تأتى له عن طريق دفع المكي الناصيري إلى تأسيس حزب جديد أسماه حزب الوحدة المغربية.

لقراءة الجزء الأول: في بلدان ما سمي بالربيع العربي: كيف دخلت الأحزاب في حالة عطالة

لقراءة الجزء الثالث: المرجعية التاريخية للتنظيمات السياسية المغربية 2- التنظيمات السياسية قبل الاستقلال (1938- 1955)

لقراءة الجزء الرابع: المرجعية التاريخية للتنظيمات السياسية المغربية. 3 التنظيمات السياسية بعد الإستقلال (1956-1961)

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *