محمد بن العربي العلوي… شيخ الإسلام 3/1(الجزء الأول)
هذه حكاية محمد بن العربي العلوي… سلفي متنور، ناضل ضد الاستعمار، نادى بتحرير المرأة، عمل في القصر، وانتهى في اليسار…
كان مؤسس السلفية التنويرية بالمغرب. كان من أوائل من دعوا إلى تحرير المرأة وتعليمها وخروجها للعمل، في زمن كانت المرأة تخرج فيه مرتين، إلى بيت زوجها، وإلى قبرها. كان ممن يضرب بهم المثل في العدل والنزاهة. كان ممن جاهدوا الجهل قبل الاستعمار، فأعاد تدريس “التفسير”، الدرس الذي كان يُعتقد أنه يعجل بموت السلطان، بل واجتث شجرة كانت الناس تؤمها للتبرك، حتى تيقنوا أن ما فعلوه ضرب من الدجل.
كان رجلا عرف بشجاعة مواقفه، وثباته على آرائه. عايش أربعة ملوك في عصر عرف تقلبات سياسية عدة، وكلفه نضاله ضد الاستعمار بمعرفته وعلمه وعدله، أن نفي عدة مرات. وهو القائل بإعدام محمد بن عرفة، والقائل أيضا: “إن السجن بالنسبة لي فرصة للتفكير، والنفي فرصة للسياحة، والموت فرصة للاستشهاد”.
اقرأ أيضا: عبد الله كنون… هذه سيرة العلامة الذي أعاد الاعتبار للفكر والأدب المغربي
كان قريبا من الملك، بل وعمل وزيرا مستشارا في مجلس التاج. لكن الثبات ها هنا، أدى به إلى الاستقالة على إثر اعتقال رموز جيش التحرير. دعا إلى التصويت بـ”لا” على أول دستور بعد الاستقلال. وتوجه في آخر حياته شطر اليسار، فشارك في مؤتمرات الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، إن ليس سياسيا، فتنويريا وتحديثيا على الأقل.
في هذا البورتريه، بعض من حكاية “شيخ الإسلام”، محمد بن العربي العلوي!
بوادر ميلاد عالم كبير
رأى النور في القصر الجديد بمدغرة، نواحي تفيلالت، سنة 1884 للميلاد. اسمه الكامل محمد بن العربي بن محمد الهاشمي العلوي المدغري. بلغ من العلم حد أن لقبه الناس بـ”شيخ الإسلام”، في وقت كان لا يطلق فيه على “العلماء”، سوى لقب “شيخ”.
نشأ شيخ الإسلام في بيت يهتم جميع أفراده بالمعرفة والعلم، فكان له عظيم التأثير في مساره فيما بعده. حرص كلا والديه حرصا كبيرا على حفظه للقرآن، وحثاه على التحلي بالأخلاق والفضائل.
محمد عابد الجابري: “كان الشيخ محمد بن العربي العلوي نموذجا للعالم السلفي المناضل الشعبي في المغرب، سواء أثناء عقد الحماية أو خلال عهد الاستقلال”.
وهو بعد مراهقا، كغيره، كان شيخ الإسلام محبا للحياة مقبلا عليها، فكان يحب الرياضة والفروسية. مع ذلك، تنبه أبوه إلى أنه قد أخذ يشق سبيله في طريق العلم بعدما حفظ القرآن كاملا. هكذا، مع بداية القرن العشرين، رافقه إلى فاس، العاصمة العلمية، حتى يروي عطشه العلمي والفكري، وحتى يراقبه أيضا، كي لا يزيغ عن الطريق التي رسمها له.
هناك، سكن ابن العربي في “مدرسة الصفارين”، ودرس بـ”المدرسة المصباحية” التي عدت آنذاك أحد المنارات العلمية في المغرب. ظل معه أبوه يدعمه ويشد من سنده، حتى دخل عليه يوما، فوجده يطالع فقال له: “الآن أودعك، فقد تذوقتها”؛ وهو يقصد هنا المعرفة. تركه بفاس، حتى أصبح شيخا لامعا، يشهد له بذلك كبار أساتذته، كالفقيه عبد السلام بناني والتهامي كنون، وغيرهما.
من الصوفية إلى السلفية “المتنورة”
لم يكن ليحيد محمد بن العربي العلوي عما شاع في المنطقة التي ترعرع فيها من تصوف، تجلى في طرق عدة كالطريقتين الدرقاوية والعيساوية. لكنه، بعد زمن غير طويل، سيصبح بجانب أستاذه، أبي شعيب الدكالي، مضربيْ مثل في السلفية بالمغرب.
هذه الطريق الجديدة التي سيسلكها ابن العربي العلوي، أقرب إلى الصدفة في الواقع، فأحد كتبيي فاس سيهديه كتابا جعله يعيد حساباته كلها. الكتاب كان لابن تيمية، وهو “الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان”.
اقرأ أيضا: حينما رفس القوم ابن تيمية لتجسيده “جلوس” الله
شيخ الإسلام كان سبّاق الدعاة في المغرب إلى تعليم المرأة وتمكينها من ولوج الشغل، بل ونادى بخروجها سافرة؛ في وقت جرت فيها العادة أن المرأة لا تخرج أصلا.
على الرغم من كل النقاشات والجدل الذي يثيره ابن تيمية، خصوصا كونه اليوم أحد المراجع الأساسية لكل حركات التطرف والإرهاب، إلا أن كتابه المذكور أعلاه، أثر في بلعربي العلوي… بعد أن قرأه وتأثر به أشد التأثير، راح يقرأ لكتّاب الحركة “التجديدية” التي كان يعرفها المشرق آنذاك، كجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا وغيرهم.
نجد نتيجة لذلك عند المفكر محمد عابد الحابري، مثلا، الذي يؤكد أن السلفية النهضوية في الشرق لم تتطور في المغرب إلى سلفية جديدة، إلا بسبب أبي شعيب الدكالي ومحمد بن العربي العلوي، مضيفا في الأخير: “كان الشيخ محمد بن العربي العلوي نموذجا للعالم السلفي المناضل الشعبي في المغرب، سواء أثناء عقد الحماية أو خلال عهد الاستقلال”.
اقرأ أيضا: حسين الوادعي يكتب: ابن رشد مفكرا تنويريا علمانيا في الديانات الثلاث
هكذا، يشهد بعض المؤرخين أن شيخ الإسلام كان سبّاق الدعاة في المغرب إلى تعليم المرأة وتمكينها من ولوج الشغل، بل ونادى بخروجها سافرة؛ في وقت جرت فيها العادة أن المرأة لا تخرج أصلا. ثم إن السلفية في سياق الحركة التحريرية آنذاك، كانت قائمة على تحرير الفكر وتثمين الحرية.
في الجزء الثاني نتابع كيف أصبح ابن العربي العلوي مضرب مثل في النزاهة والعدل، وكيف حارب بجسارة الخرافة والجهل بعدما نخرا المجتمع المغربي.
لقراءة الجزء الثاني: هذه أبرز الخصال التي اشتهر بها شيخ الإسلام ابن العربي العلوي 3/2
لقراءة الجزء الثالث: شيخ الإسلام… القطيعة مع القصر والتوجه نحو اليسار 3/3
أتساءل مع نفسي ومع غيري، لماذا ليس هناك اهتمام بفكر الرجل ومواقفه العلمية والسياسية، وإنما ننظر له دائما من زاوية خاصة …بل هو شخصية الأجدر استلهام مواقفها، وواجب التعريف به وبدوره التاريخي ….وهي دعوة لإخوة في مركز العلامة محمد بن العربي العلوي المدغري التذي تاسس بدار الشباب الرشيدية وكانت على وشك تنظيم لقاء علمي وازن منذ أشهر عن شخصثية ….
نعم المقال، غير اني أتساءل:ما ضرورة اقحام التوصيف الخاص بابن تيمية في هذا المقال؟
هناك خلط بين شخصيتين
محند العربي بن محند الهاشمي العلوي المدغري مؤسس الزاوية الدرقاوية ولد في قصر الجديد الرتب وتوفي سنة 1310 هجرية لا علاقة له بالمسمى شيخ الاسلام