الوجه الآخر لصلاح الدين الأيوبي… الانقلاب على نور الدين وخلع العاضد 3/5
تتبعنا في الجزء الأول من هذا الملف، بعض أهم ما أوردته مصادر تاريخية موثقة لعلاقة صلاح الدين بالخليفة العاضد والملك نور الدين زنكي، وكذا بعض جوانب الشخصية المثيرة لصلاح الدين. …
تتبعنا في الجزء الأول من هذا الملف، بعض أهم ما أوردته مصادر تاريخية موثقة لعلاقة صلاح الدين بالخليفة العاضد والملك نور الدين زنكي، وكذا بعض جوانب الشخصية المثيرة لصلاح الدين.
في الجزء الثاني، تحدثنا عن شخصية صلاح الدين الأيوبي وعلاقته بنور الدين زنكي من خلال نصين أساسين، وأوردنا أولهما من كتاب “الروضتين في أخبار الدولتين” لأبي شامة… وفي هذا الجزء الثالث، نواصل اقتفاء أثر الحكاية من خلال النص الثاني، لابن الأثير.
ابن الأثير، في توثيقه لأحداث سنة 568، أورد أن الناصر أرسل أخاه تورانشاه بن أيوب لغزو بلاد النوبة (السودان ومنطقة القرن الإفريقي حاليا) ليس رغبة في توسيع رقعة بلاد الإسلام، ولكن من أجل إيجاد ملاذ آخر في حالة هزمهم نورالدين زنكي، حيث جاء في النص: “وكان سبب ذلك: أن صلاح الدين وأهله كانوا يعلمون أن نور الدين كان على عزم الدخول إلى مصر، فاستقر الرأي بينهم أنهم يتملكون إما بلاد النوبة، أو بلاد اليمن، حتى إذا وصل إليهم نورالدين، لقوه وصدوه عن البلاد، فإن قووا على منعه، أقاموا بمصر، وإن عجزوا عن منعه، ركبوا البحر، ولحقوا بالبلاد التي قد افتتحوها”[1].
…ولما اتصل موت (العاضد) بالملك الناصر قال: لو علمنا أنه يموت في هذه الجمعة ما غصصناه برفع اسمه من الخطبة. فحكي أن القاضي الفاضل قال للسلطان لو علم أنكم ما ترفعون اسمه من الخطبة لم يمت
يكشف هذا النص لمؤرخ سني عاصر فترة صلاح الدين، وكان متحمسا لها، عن الأطماع الحقيقية له ولعائلته، دون أن يراعوا لمن أحسن لهم عهدا ولا ذمة، بل عزموا على حربه ومواجهته، وإذا اقتضى الأمر الهروب عنه.
إقرأ أيضا: العكاكزة: قصة طائفة مغربية جعلت من الجنس الجماعي وزواج الكبيرة بالصغير طقوسا تعبدية 1\3
صلاح الدين الأيوبي، وبحسب عدد من المصادر، سيكون له موقف مشابه مع الخليفة الفاطمي العاضد، رغم أن هذا الأخير أحسن له وفتح قصوره له وجعله مدبر الأمر ولقبه بالناصر، فكان رد صلاح الدين على ما أسداه إليه العاضد، أن قطع اسمه من خطبة الجمعة والخطبة لبني العباس من منابر مصر، حتى مات العاضد كمدا وغما.
يروي صاحب كتاب الروضتين في هذا السياق: “… قيل إن العاضد لما اتصل به ما فعل من قطع اسمه من الخطبة قال لمن خطب؟ قيل له لم يخطب لأحد مسمى. قال: في الجمعة الأخرى يخطبون لرجل مسمى. واتفق انه مات قبل الجمعة الثانية. قيل إنه افتكر واستولى عليه الفكر والهم حتى مات. وقيل إنه لما سمع أنه قطعت خطبته اهتم، وقام ليدخل إلى داره فعثر وسقط، فأقام معتلا خمسة أيام. وقيل إنه امتص فص خاتمه، وكان تحته سم، فمات”.
ولما اتصل موته بالملك الناصر قال: لو علمنا أنه يموت في هذه الجمعة ما غصصناه برفع اسمه من الخطبة. فحكي أن القاضي الفاضل قال للسلطان لو علم أنكم ما ترفعون اسمه من الخطبة لم يمت، وأشار إلى أن العاضد قتل نفسه. وكان موته يوم عاشوراء.”[2]
صلاح الدين وأهله كانوا يعلمون أن نور الدين كان على عزم الدخول إلى مصر، فاستقر الرأي بينهم أنهم يتملكون إما بلاد النوبة، أو بلاد اليمن، حتى إذا وصل إليهم نورالدين، لقوه وصدوه عن البلاد، فإن قووا على منعه، أقاموا بمصر، وإن عجزوا عن منعه، ركبوا البحر، ولحقوا بالبلاد التي قد افتتحوها
لم يبخل العاضد على صلاح الدين في شيء، حتى إنه، كما تشير العديد من المصادر، خرج لاستقبال والد صلاح الدين إكراما لهذا الأخير ورفعا لقدره، وهو ما لا تنكره النصوص التاريخية.
إقرأ أيضا: هل تعرف أن إيران ليست بمهد للتشيع وأنها كانت تعتنق يوما ما المذهب السني؟ 2/1
يكشف هذان النصان عن جانب من شخصية صلاح الدين الأيوبي، يخالف ما درج المخيال الشعبي عن رسمه لصلاح الدين الأيوبي، لقد أنكر جميل من فتحا له أبواب قصورهما، واصطنعاه وجعلاه على الأمر، وانقلب عليهما، كما لم يحسن لمن خلفهما، فبعد وفاة العاضد، سيطر صلاح الدين على كل قصوره وأملاكه، وسجن الفاطميين، بعدما فرق بين الذكور والنساء حيث يضمن انقطاع نسلهم.
كما زحف على الشام بعد وفاة نور الدين زنكي، وانتزع الملك من ابنه ليجمع بين ملك مصر والشام.
ملحوظة: فضلنا ادراج النصوص الأصلية كما ساقها أصحابها تلافيا لأي اتهام كيفما كان.
[1] – ابن الأثير، الكامل في التاريخ، مراجعة محمد يوسف الدقاق، المجلد العاشر، الطبعة الرابعة، دار الكتب العلمية، بيروت، 2003، ص 45.
[2] – أبو شامة، مرجع سابق، ص 499.
لقراءة الجزء الأول: الوجه الآخر لصلاح الدين الأيوبي… كما رسمته المصادر الإسلامية السنية 1/5
لقراءة الجزء الثاني: الوجه الآخر لصلاح الدين الأيوبي… سر الخلاف مع الملك نور الدين 2/5
لقراءة الجزء الرابع: الوجه الآخر لصلاح الدين الأيوبي… مُلك مصر أهم من حرب الصليبيين! 4/5
لقراءة الجزء الخامس: الوجه الآخر لصلاح الدين الأيوبي… انتصار الإيديولوجيا! 5/5
كل الكلام ده على إعتبار إن الخليفة الفاطمى كان ملاك كان لابد من خلع شأفة الشيعة من مصر ومما حولها لقد حولوا البلاد إلى حالة من الفقر والجهل لم يسبقهم إليها أحد
وإن كان ظننا هكذا بصلاح الدين لماذا كان أسبق غيره فى تأمين الشام ومصر للقضاء على شأفة الصليبيين فى بيت المقدس على الرغم من موت نور الدين زنكى