هذه حكايات 9 من أشهر الاغتيالات السياسية في صدر الإسلام – الزبير بن العوام، طلحة بن عُبيد الله وعلي بن أبي طالب 2\3
في هذا الملف، نقدم 9 حكايات من أشهر الاغتيالات السياسية في صدر الإسلام.
بينما تطرق الجزء الأول (الرابط أسفل الصفحة) لاغتيال أبي بكر الصديق، عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، نتابع في هذا الجزء حكايات اغتيال الزبير بن العوام، طلحة بن عُبيد الله وعلي بن أبي طالب
عرضنا في الجزء الأول رواية مزعومة عن اغتيال أبي بكر الصديق، ثم تناولنا أيضا قصتي اغتيال عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان. في هذا الجزء، نعرض قصص اغتيال ثلاثة صحابة آخرين، هم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وعلي بن أبي طالب.
الزبير بن العوام
اسمه الزبير بن العوام بن خويلد، أمه صفية بنت عبد المطلب عمة النبي محمد، وعمته خديجة بنت خويلد زوجة النبي. أسلم الزبير وهو ابن ثمان أو اثنتي عشرة سنة أو ست عشرة سنة، باختلاف الروايات.
كان أول من سل سيفه في سبيل الله، وتشهد المراجع التاريخية الإسلامية بأنه ثبت يوم أحد وبايع على الموت. أشهر زوجاته، أسماء بنت أبي بكر الصديق. قال فيه النبي وفق رواة الحديث: “لكل نبي حواري، وحواريي من أمتي الزبير”.
حين توفي عثمان بن عفان، وولي علي بن أبي طالب خليفة جديدا، يقول السنة إنه لم يستطع تنفيذ القصاص في قتلة عثمان، إذ أطبقوا السيطرة على مفاصل الدولة في المدينة. لهذا، رأى أن يتحين الفرصة الملائمة، لكن بعض الصحابة، وعلى رأسهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله، رفضوا هذا التباطؤ.
هذه كانت رواية السنة، أما رواية الشيعة، فترى أن علي أجل القصاص لسببين: أولا لانتظاره حتى تسكن الفتنة، وثانيا لاستكمال أخذ البيعة من الأمصار وعزل الولاة الذين نصبهم عثمان. أما خروج الزبير وطلحة عن طوع علي، فكان لأنهما طمعا في منصب ولم ينلاه، فاتخذا القصاص لعثمان حجة لعزله أو قتله.
وفق بعض المراجع التاريخية، فإن عائشة هي من حرض الناس على قتل عثمان، فكانت تقول “اقتلوا نعثلا (عثمان) فقد كفر”، كما أنها دقت طبول الحرب، وحرضت طلحة والزبير على محاربة علي.
كانت العلاقة بين طلحة وعثمان في عهد خلافته على أحسن ما يرام، لما يجزل له الأخير من الأعطيات. وحين بدأت الثورة على الخليفة، انحاز طلحة إلى عثمان، إلا أنه لما ساءت الأمور، انحاز طلحة إلى مطالب الثوار.
هكذا، وفي موقعة الجمل، التقى الجمعان فقاتل الزبير ساعة من الزمن حتى نادى عليه علي، وقال له: “يا زبير، أتذكر يوم مررت مع رسول الله في بني غنم فنظر إلي فضحك وضحكت إليه؛ فقلتَ: لا يدع علي بن أبي طالب زهوه، فقال لك رسول الله: صه، إنه ليس به زهو، ولتقاتلنه وأنت ظالم له”، طأطأ الزبير رأسه حينها ثم ترك القتال، نادما يقصد المدينة.
لكنه في طريقه إلى المدينة، لحق به رجل من أتباع علي يسمى ابن جرموز، فقال له: “أتى يؤرش[1] بين الناس ثم تركهم، والله لا أتركه”، وحين رآه الزبير غافله ابن جرموز وقتله في مكان يعرف بوادي السباع.
حين أقبل ابن جرموز بسيف الزبير على علي، أخذ الأخير السيف، وقال: “سيف والله طالما جلى به الكرب عن وجه رسول الله”، ولما استأذن ابن جرموز ليدخل على علي، قال الأخير: “ائذنوا له وبشروه بالنار”.
اقرأ أيضا: “حسين الوداعي: التأليف الإسلامي حول العلمانية”
طلحة بن عبيد الله
اسمه طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو. طلحة كان تيميا من قوم أبي بكر الصديق، وقد تزوج بأربع نساء، إحداهن أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، وهو أيضا من المبشرين بالجنة.
تشهد المراجع التاريخية الإسلامية بأن طلحة سطر أحد صفحات البطولة بدمائه، ذلك أنه ذاد عن النبي بروحه وبدنه، إذ امتلأ جسده بأربعة وعشرين جرحا، كما شلت إحدى أصابعه.
وبرغم جراحاته البليغة، فقد كان مديد العمر، وكان النبي يقول وفق ما روي عنه: “من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه، فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله”. كما سمع عن علي بن أبي طالب في موقعة الجمل يقول: “سمعت رسول الله يقول: طلحة والزبير جاراي في الجنة”.
في كل مرة كانت الخلافة تقترب من علي، كانت تفلت من بين يديه. لكنها أقبلت إليه أخيرا بعد وفاة عثمان بن عفان، وكانت تركة ثقيلة، عبارة عن عصبيات متفشية، ونفوس متغيرة، وزمن سال فيه الكثير من الدم وتفرقت فيه الأهواء. هكذا، لم يكن علي يخرج من مصيبة حتى تضربه أخرى.
كانت العلاقة بين طلحة وعثمان في عهد خلافته على أحسن ما يرام، لما يجزل له الأخير من الأعطيات. وحين بدأت الثورة على الخليفة، انحاز طلحة إلى عثمان، إلا أنه لما ساءت الأمور، انحاز طلحة إلى مطالب الثوار.
وكما جاء في حكاية اغتيال الزبير بن العوام، فإن طلحة والزبير، بعدما بايعا عليا بن أبي طالب، سرعان من انقلبا عليه. أضف إلى ذلك أن الخلافة آلت إلى علي الذي ما كانت عائشة توده منذ حادثة الإفك الشهيرة، وفق ما تسجله بعض المراجع التاريخية.
هكذا، حين استعرت موقعة الجمل، دعا علي طلحة وقال له: “يا طلحة، أجئت بعروس رسول الله (عائشة) تقاتل بها، وخبأت عروسك في البيت؟”. فاستحى طلحة وترك ساحة المعركة. لكن مروان بن الحكم لحقه، ثم رماه بسهم أصابه في رقبته خارجا من فمه. وفي رواية أخرى وهي الأشهر، فإن مروان تسلل وراءه فرماه بسهم وقع في ركبته، ثم التفت إلى أبان بن عثمان وقال له: “قد كفيناك بعض قتلة أبيك”.
وقد جاء في كتاب “أشهر الاغتيالات في الإسلام” الذي أشرنا إليه في الجزء الأول من هذا الملف، أنه بعد انتهاء موقعة الجمل، مر علي بطلحة وهو في وادِ ملقى فنزل إليه ومسح التراب عن وجهه، وقال: “عزيز علي أبا محمد بأن أراك مجندلا[2] في الأودية تحت نجوم السماء، إلى الله أشكو عُجَري وبُجَري[3]“.
اقرأ أيضا: “هؤلاء 10 من أشهر شعراء العرب… يهود ومسيحيون في زمن الجاهلية! (الجزء الأول)”
علي بن أبي طالب
كنيته أبو الحسن، واسمه علي بن أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم. هو رابع الخلفاء الراشدين وأحد المبشرين بالجنة، وأول من أسلم من الصبية. وقد رويت أحاديث كثيرة عن النبي في فضل علي، من بينها: “أنت مني كهارون من موسى، غير أنك لست بنبي”.
في كل مرة كانت الخلافة تقترب من علي، كانت تفلت من بين يديه. لكنها أقبلت إليه أخيرا بعد اغتيال عثمان بن عفان، وكانت تركة ثقيلة، عبارة عن عصبيات متفشية، ونفوس متغيرة، وزمن سال فيه الكثير من الدم وتفرقت فيه الأهواء. هكذا، لم يكن علي يخرج من مصيبة حتى تضربه أخرى.
حمل علي إلى مجلسه وهو يغالب جرحه، ثم قال بعد علمه بالقبض على ابن ملجم: “أطيبوا طعامه وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا أولى بدمه عفوا وقصاصا، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين”.
بعد معارك الجمل وصفين والنهروان الشهيرات، اجتمع ثلاثة رجال من الخوارج بمكة، فتذاكروا أمر المسلمين فعابوا أعمالهم؛ ثم ذكروا أهل النهروان وترحموا عليهم، وقالوا لبعضهم بعضا، لو أننا نأتي أئمة “الظلال” وفي مقدمتهم علي، فنريح منهم العباد والبلاد.
هكذا، تطوع رجل منهم اسمه عبد الرحمن بن ملجم، وقال: “أنا أكفيكم علي”. ولما حانت الليلة الموعودة، خرج ابن ملجم وصاحب له اسمه شبيب إلى علي في جامع الكوفة، ثم وقفا يتربصان به ينتظران خروجه ليوقظ الناس إلى صلاة الفجر.
ثم حين أقبل علي يوقظ الناس للصلاة وبصحبته مؤذن الجامع وابنه الحسن، فاجأه ابن ملجم وصاحبه وقد استلا سيفيهما يصيحان: “إن الحكم لله لا لك يا علي”. هوى ابن ملجم بسيفه على جبين علي فيما أخطأه سيف شبيب، ثم وقع مضرجا في دمائه.
حمل علي إلى مجلسه وهو يغالب جرحه، ثم قال بعد علمه بالقبض على ابن ملجم: “أطيبوا طعامه وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا أولى بدمه عفوا وقصاصا، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين”.
وقد جيء لعلي بالأطباء لينظروا في حاله، وكلما خرج أحدهم من عنده قال في يأس: ليس للشفاء من حيلة. بقي علي على حاله تلك ليلتين ينازع فيهما الموت حتى فارق الحياة، ثم ألحق به ابن ملجم كما أراد علي محروقا ومقتولا، وبموته (علي)، أغلق كتاب الخلافة الراشدة التي دامت 30 عاما.
في الجزء الثالث والأخير، نسرد حكايات اغتيال ثلاثة أسماء أخرى تبوأت سدة الحكم بعد نهاية عهد الخلافة الراشدة، من بينهم عمر بن عبد العزيز.
تزوير للحقائق وكذب على التاريخ وروايات من هنا وهناك !!!