محمد امحاسني: البرلمان العراقي .. والنصر المبين
منذ أيام قليلة، صادق البرلمان العراقي على “منح رجال الدين، سلطة الحاكم الشرعي في عقد القران، ما يتيح لهم عقد زواج الفتيات بسن صغيرة قد تصل إلى 9 سنوات أو حتى أقل، بناءً على مفهوم البلوغ الديني، سواء كان الزواج دائماً أم منقطعاً”
هنيئا للشعب العراقي الشقيق، بآخر وأعظم إنجاز قانوني وحقوقي، سيحسب له ولدولته حاضرا ومستقبلا.
وهنيئا معه، لكافة الشعوب العربية والإسلامية، التواقة إلى إقامة شرع الله على الأرض.
هذه فقط، الباكورة الأولى التي توجت جزءا يسيرا من نضالات النخبة السياسية في البلاد العربية المسلمة قاطبة.
نضالات اقتضت النفس والنفيس، والصبر الطويل، وما يلزم من الإيمان الراسخ بعدالة القضية، لإحقاق الحق، وإبطال الباطل.
لإعلان أن لا راد لكلمة الله في شؤون خلقه.
هي مجرد خطوة أولى، ولا شك أن النجاحات الباهرة ستتداعى تباعا. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
منذ أيام قليلة، صادق البرلمان العراقي على “منح رجال الدين، سلطة الحاكم الشرعي في عقد القران، ما يتيح لهم عقد زواج الفتيات بسن صغيرة قد تصل إلى 9 سنوات أو حتى أقل، بناءً على مفهوم البلوغ الديني، سواء كان الزواج دائماً أم منقطعاً” (بمعنى: عاديا أو مسيارا).
بعبارة أخرى، أقل تمويها وضبابية: فالمادة الثانية تنص على أن لقضاة الأحوال الشخصية، من الآن فصاعدا، مطلق الحرية في أن يحددوا، هم وليس سواهم، السن الأدنى والأقصى، التي يمكن لذوي الصغيرة أن يزوجوها بموجبها. (أي ما بين الصفر والتسع سنوات)، بصرف النظر عن سن من سيتزوجها: (من سن 15 إلى ما شاء الله)، طبقا للشريعة السمحة، ولاجتهادات فقهائنا الميامين.
على ألا يطأها قبل ربيعها التاسع… ما لم يبد على مورفولوجيتها أي استعداد لتحمل الوطء، قبل ذلك.
كما صادق البرلمان العراقي، في نفس الوقت، على إلغاء المادة 10، التي كانت “تجرّم الزواج خارج المحكمة وزواج القاصرات، وتفرض عقوبات على الأب الذي يزوج ابنته دون السن القانونية، وهو 18 عاماً“.
إن صار للحاكم الشرعي، القاضي باسم “خليفة الله على أرضه”، حصريا، الحق في تحديد زمن زفها إلى حتفها، فهل سيصح بعدها للمحكمة أو للأب المغلوب على أمره، الاعتراض على أمر قضاه الله، وصار مفعولا؟
لنتذكر بأن البرلمان العراقي كان قد تعنت سابقا، ورفض مقترحات “سديدة” أخرى. من بينها تزويج الطفلات في سن الثامنة.
غير أنه مافتئ أن عاد إلى رشده، بفضل صمود بعض أعضاء البرلمان، المنتمين إلى أحزاب شيعية، ومنها حزب وزير العدل نفسه (الفضيلة)، وبفضل استمرارهم في الضغط دون هوادة على تلك المؤسسة التشريعية، بما مكنهم، في النهاية، وبتوفيق من الله، من فرض القانون الجديد، وإبطال مفعول الإجراءات الحمائية للمرأة، المفروضة سابقا، من جهات خارجية (هيومن راتس ووتش، سيداو..)، متآمرة على الإسلام وهادفة إلى حرمان المرأة من كل المكرمات التي ما انفكت ترفل فيها، في ظل دينها السمح.
العبرة في النهاية، بالنتائج. وما لا يؤخذ كله، لا يترك كله.
هي فقط عودة للذات إلى ذاتها. طفرة في اتجاه إعادة الأمور إلى نصابها. بعد عقود رزحنا فيها تحت نير قوانين لا تشبهنا، ولا تمت إلى تراثنا التليد بصلة.
وهي نبراس، وخارطة طريق لباقي ساسة العالم العربي والإسلامي، المترددين أو القانطين من رحمة الله.
أولئك الذين ليس عليهم اليوم، سوى الاقتداء بالتجربة الرائدة إياها، لكي يكون النصر حليفهم بلا ريب.
ومن يدرى، لعل التجربة تستنهض همم بعض ساسة الغرب الكافر، المتأذين من شيوع الانحلال الأخلاقي والفجور، الجاثيين على مجتمعهم المنزوع الروح أصلا.
لعلهم يبادرون هم أيضا، إلى سن قوانين توافق “الفطرة السليمة”.
هنيئا لكل فرد ذكر مسلم، كهل، عجوز أو حتى ماض إلى حتفه رأسا، يرغب في الدخول بطفلة لم تتجاوز ربيعها التاسع.
له أن يتزوجها أصلا في المهد. شرط أن يصبر نفسه على الدخول بها، إلى أن تطيق الوطء. وما ذلك عليه بعزيز.
وهنيئا أيضا، لكل سائح من خارج منظومتنا أصلا، يرغب بالترفيه على نفسه دون التعرض للملاحقات “الظالمة” للشرطة، لمجرد أن نفسه هفت لمداعبة جسد بض صغير.
هنيئا له بنفس الامتيازات. شرط أن يكون مستعدا للإنفاق دون كثير حساب.
وسحقا لكل طفلة تحلم بالاستمرار في امتطاء الأراجيح مع صويحباتها، إلى ما بعد التاسعة، دون أن ينتصب أمامها شبح أم رومان.
وسحقا أيضا، لكل أب متنطع، ربى في حجره بنية قلبه لسنين، وعاينها وهي تنمو وتزدهر، ثم أبت روحه، أن تقذف بروحه، في أحضان شيخ همجي موسر.
قد يقول قائلون، وهم كثر، بكون الأغلبية الشيعية داخل البرلمان وفي الساحة السياسية العراقية إجمالا، هي من ضغطت في اتجاه إقرار التعديلات الجديدة. وبأنه، لو كان هناك توازن بين مختلف المكونات السياسية والعقدية داخل البرلمان العراقي، لاضطرت الأغلبية العددية إلى التوافق حول إجراءات وسط، تستنير بآخر ما أقرته البشرية اليوم من حقوق للمرأة والطفل، بما لا يخل بثوابت ديننا الحنيف.
ذلكم تحديدا هو عين المأساة. فالشيعة كما السنة، يمتحون من نفس المعين، القرآن والسنة والفقه. لا يتميز الشيعة في ذلك، إلا بتفاصيل “تافهة” من قبيل جواز تفخيد وضم وتقبيل، الطفلة/الزوجة غير القادرة على الوطء.
ولعلهم محقون في ذلك. إذ كيف يمكن للزوج أن يعرف متى ستصير زويجته قادرة على الوطء، إلم يبادر إلى تفقد خارطة جسدها بين الحين والآخر؟!
والمأساة أيضا، تتجلى في وجود أحزاب سياسية، ممثلة بفرق في البرلمان، تشتغل وفق برامج سياسية منبنية على الدين في كل تمظهراته. ولا يبدو من مظاهر الحداثة فيها، إلا المقرات والصحف الصقيلة والمواقع التي لا يزورها إلا معدوها.
أكاد أسمع جليا صدى أصوات قوى الظلام الصدئة، وهم يتبادلون التهاني. ويهللون للفتح المبين هذا. ولسان حالهم يقول: الحمد لله على أن آخر قلاع سطوتنا لم تسقط.
أراهم يذكرون بعضهم، جهد أيمانهم، بأن ما لا ينبغي التفريط فيه، ولا التفاوض بشأنه، أيا كانت الإكراهات، هما ذينك الكائنان التافهان، لغريب الصدف، في كل معادلاتهم الحياتية: المرأة والطفل.
الكائنان التافهان اللذان، إن نحن استمرينا في التحكم في رقابهما ووعيهما، كما نحن عليه الآن، فلا خوف على الأمة الإسلامية.
ولكي ينصرنا الله في الاستحقاقات/المعارك الأخرى القادمة، من إرث وحضانة وولاية.. لا بد لنا أن ننصر الله بدورنا، بالتنجد واليقظة الدائمين لدحر دعاة الانحلال والتفسخ والزندقة.