المجلس الوطني لحقوق الإنسان يصدر ملاحظاته حول تنظيم المجلس الوطني للصحافة - Marayana
×
×

المجلس الوطني لحقوق الإنسان يصدر ملاحظاته حول تنظيم المجلس الوطني للصحافة

قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرة بشأن مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، بهدف تعزيز حرية التعبير واستقلالية المهنة، ومنع الرقابة القبلية وضمان الحق في الوصول إلى المعلومات وترسيخ التعددية الإعلامية.

أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم الثلاثاء 16 شتنبر2025، مذكرة حول مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، بناءً على طلب  من مجلس النواب،  في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها المشهد الإعلامي محليًا ودوليًا، مع تزايد التحديات التي فرضتها الثورة الرقمية، والتي تتطلب إطارًا قانونيًا حديثًا يواكب هذه التغيرات.

يشير المجلس في مذكرته إلى أن مشروع القانون الجديد، رقم 026.25، يهدف إلى تحديث هيكلة المجلس وضمان استقلاليته، بما يعزز قدرته على حماية حرية التعبير وتنظيم المهنة وفق المعايير الدولية والدستورية. وقد استندت المذكرة إلى الدستور المغربي ولا سيما الفصول 25 و27 و28، التي تضمن حرية الفكر والرأي والحق في الحصول على المعلومات، إضافة إلى الاتفاقيات الدولية التي التزمت بها المملكة.

وأكدت المذكرة أن الصحافة الحرة ركيزة أساسية لأي نظام ديمقراطي، وأن حرية التعبير حق جماعي يضمن مشاركة المواطنين في الحياة العامة، وشددت على رفض الرقابة القبلية بكل أشكالها، معتبرة أن أي تدخل مسبق في عمل الصحافة يُعد خرقًا للدستور ومبادئ حقوق الإنسان.

وشددت المذكرة على أن مسؤولية الدولة تكمن في توفير الإطار القانوني لحماية حرية العمل الصحفي، على أن تكون المحاسبة لاحقة، أي عبر القضاء، وليس عبر المنع المسبق أو التدخل المباشر في الخط التحريري للمؤسسات الإعلامية، وأكدت أن هذا النهج يعزز ثقة الجمهور في الصحافة.

كما أوضحت المذكرة أن حرية الصحافة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحق الجمهور في الوصول إلى المعلومات، إذ لا يمكن ممارسة حرية التعبير بشكل فعلي في غياب الشفافية، واعتبرت أن هذا الحق يشكل ركيزة أساسية لممارسة الصحافة المهنية كسلطة رابعة.

وأشارت إلى أن الحق في المعلومة أصبح أكثر إلحاحًا في العصر الرقمي الذي يعرف تدفقًا هائلًا للأخبار، ودعت إلى وضع آليات قانونية تضمن المصداقية وتكافؤ الفرص في الحصول على المعلومات، بما يمنع احتكارها أو استغلالها سياسيًا أو تجاريًا.

وتطرقت المذكرة إلى ضرورة ضمان استقلالية المجلس الوطني للصحافة عن السلطة التنفيذية والضغوط الاقتصادية، معتبرة أن الاستقلالية شرط أساسي لحياد المجلس وقدرته على حماية حرية الصحافة، واقترحت وضع آليات شفافة لتعيين الأعضاء، ومنع أي تضارب في المصالح داخل المجلس.

كما أوصت المذكرة بإنشاء نظام تمويل محايد ومستدام، بما يحول دون خضوع المجلس لأي ضغوط مالية، ودعت إلى وضع آليات داخلية فعالة للرقابة والمساءلة، تعزز ثقة الصحافيين والجمهور في قراراته.

وأكدت المذكرة على أهمية التعددية الإعلامية، موضحة أنها لا تقتصر على كثرة المؤسسات الإعلامية، بل تشمل تنوع المحتوى والخطوط التحريرية، ودعت إلى تمثيل مختلف التيارات السياسية والفكرية، وإعطاء مساحة للفئات المهمشة مثل النساء الصحفيات والإعلام المستقل والرقمي.

وشددت على ضرورة وضع قوانين تمنع احتكار وسائل الإعلام من قبل قلة محدودة، مع فرض شفافية في ملكية المؤسسات الإعلامية، وأوضحت أن هذه الخطوات ضرورية لضمان التوازن والديمقراطية داخل المجتمع الإعلامي.

كما ركزت المذكرة على ضرورة ترسيخ مبدأ الشفافية في عمل المجلس الوطني للصحافة، من خلال نشر جميع قراراته وتقاريره بشكل دوري، وتمكين الجمهور من متابعة كيفية معالجة الشكايات وتدبير القضايا المهنية.

وخلصت المذكرة إلى مجموعة من التوصيات الرئيسية، أهمها إصدار قانون خاص بتداول المعلومات لتعزيز الحق في الوصول إلى المعلومة، والحد من التدخل التشريعي لصالح التنظيم الذاتي للمهنة، بما يمنح الصحافيين دورًا محوريًا في وضع المعايير المهنية.

كما أوصت بتوسيع نطاق حرية التعبير ليشمل جميع أشكال التعبير، وليس فقط الصحافة التقليدية، ودعت إلى وضع سياسات لدعم الاستقلالية الاقتصادية للمؤسسات الصحفية بما يحميها من الضغوط السياسية والتجارية.

وشددت على ضرورة وضع آليات فعالة لمناهضة خطابات الكراهية وفق المعايير الدولية، إضافة إلى وضع ضوابط واضحة لمعالجة قضايا التشهير والقذف، واقترحت إعداد ميثاق خاص بأخلاقيات الإشهار يحافظ على استقلالية الصحافة.

وأشارت المذكرة إلى أن نجاح هذا المشروع يتطلب تعاونًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك السلطات العمومية، والهيئات المهنية، ومنظمات المجتمع المدني، لتحقيق الإصلاح المنشود.

وحذرت من التحديات التي تواجه الصحافة في العصر الرقمي، مثل انتشار الأخبار الزائفة وتصاعد تأثير منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدة ضرورة اعتماد استراتيجيات جديدة للتعامل مع هذه الظواهر وحماية الجمهور من التضليل.

واختتم المجلس مذكرته بالتأكيد على أن مشروع القانون يمثل فرصة لإعادة بناء المشهد الإعلامي على أسس ديمقراطية حديثة، تجعل الصحافة سلطة رابعة حقيقية تراقب وتساهم في التنمية، وأوضح أن الإصلاح المطلوب لا يقتصر على القوانين فقط، بل يشمل أيضًا ترسيخ ثقافة مهنية قائمة على الشفافية والمساءلة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *