عمر بنجلون… ومن النضال ما اغتال! 2/2 - Marayana - مرايانا
×
×

عمر بنجلون… ومن النضال ما اغتال! 2/2

صحيح أن أصابع الاتهام وجهت حينذاك للشبيبة الإسلامية، وربما للسلطة أيضا، بيد أنه، وإن كان الفاعلون في جريمة اغتيال عمر بنجلون قد حوكموا، فالمدبرون الحقيقيون، والمتسترون عليهم… وكل شركائهم، لا زالوا إلى اليوم، لا يعرف عنهم شيء!

نعم… من النضال ما اغتال، لا لأن المناضل هنا فضل الموت في سبيل مبادئه، إنما لأن ثمة من يهوون جز الرؤوس التي تختلف معهم… هؤلاء في حكاية اغتيال عمر بن جلون، معروفون كجناة، ومجهولون إلى اليوم كمدبرين، بيد أن غايتهم كانت جلية: وضع نقطة نهاية!

تابعنا في الجزء الأول من هذا البورتريه إذن، بعضا من مسار عمر بن جلون، وخضنا في دروب نضالاته النقابية والحزبية… وفي هذا الجزء، الثاني والأخير، نعود بكم إلى حكاية استهدافه المتواصلة، التي انتهت باغتياله.

مناضل بارز… إذن مستهدف!

في ليلة عيد الأضحى، عام 1973، توصل عمر بن جلون بطرد بريدي، لكن تجربته في العمل بقطاع البريد، أسعفته في التريث قبل فتحه لكونه يحتوي على خيوط غريبة… كانت الخيوط معدة بإحكام لتفجير الطرد فور فتحه. أبطل بن جلون مفعول الطرد الملغوم ورمى به، وهكذا أفلت من محاولة اغتيال واضحة.

اقرأ أيضا: “بعد ربع قرن على اغتياله… روح آيت الجيد ما زالت تلاحق حامي الدين كمتهم مساهم في إزهاقها! 2/1”

عام 1974، سيتولى عمر بن جلون إدارة صحيفة “المحرر”، الناطقة باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعاما بعد ذلك، سينتخب عضوا في المكتب السياسي للحزب. هذان الحدثان شكلا نقطة فارقة في حياته، وفق ما ستكشف عنه الأحداث التي سيواجهها بعد ذلك.

إدارة ابن جلون لصحيفة “المحرر” جعلتها في طليعة الإعلام المعارض، حيث إن افتتاحياته كانت مدرسة في الخطاب السياسي الناقم على النظام السياسي و”الطبقي”. وإلى جانب ذلك، شكل تحريره للتقرير الإيديولوجي للمؤتمر الاستثنائي للحزب، عام 1975، أوج سطوع ملكاته النضالية.

ابن جلون… شهيد مبادئه!

هيمنة اليسار على المشهد السياسي في المغرب، سنوات السبعينيات، كانت تزعج الكثيرين. اليسار لم يكن فكرة فحسب، بل كان للفكرة رجالات يدافعون عنها ويناضلون من أجل بلورتها على أرض الواقع.

اقرأ أيضا: “المهدي بنبركة… من المعارضة والنضال الأممي إلى “الأسطورة”! 1\2”

عمر بن جلون كان واحدا منهم. كان واحدا ممن بدؤوا يثيرون الحنق لقوة افتتاحياته وشراسة دفاعه عن مبادئه. لذلك، كان مستهدفا، والاستهداف ها هنا، يعني الاغتيال.

بعد زوال الخميس 18 دجنبر 1975، سيترجل عمر بن جلون من سيارته، في الدار البيضاء، ثم سيتفاجأ بشابين ملتحيين يقتربان منه. لقاء لربما كان عاديا، إذ تبادلوا بعض الجمل، لكن سرعان ما احتد النقاش وخيم التوتر على الجميع، لينتهي باختراق مفك براغ للجهة اليسرى من بطن عمر بن جلون… وينتهي بقتله!

صحيح أن أصابع الاتهام وجهت حينذاك للشبيبة الإسلامية، وربما للسلطة أيضا، بيد أنه، وإن كان الفاعلون قد حوكموا، فالمدبرون الحقيقيون، والمتسترون عليهم… وكل شركائهم، لا زالوا إلى اليوم، لا يعرف عنهم شيء… بل إن من تابع الملف أقر باختفاء وثائق عديدة ذات صلة بمقتل عمر بن جلون.

اقرأ أيضا: “هشام روزاق يكتب: والله لن نسلمكم أخانا… الرميد!”

هكذا، يظل ملف اغتيال عمر بن جلون إلى اليوم، لغزا محيرا… لكنه، قبل اغتياله، كان قد دون اسمه بأحرف من ذهب، في سجلات أبرز المعارضين السياسيين الذين عرفتهم المملكة في تاريخها المعاصر.

لقراءة الجزء الأول: عمر بن جلون… “شهيد” اليسار المغربي!

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *