من سوريا، نُعمى فواخرجي تكتب عن خلع الحجاب وقضايا أخرى: عندما قررت أن أعيش!
ها أنا ذي الآن بعمر الخامسة والثلاثين عاما… خضت معركة جديدة، معركة خلع الحجاب، وخسرت…
لماذا خسرت؟ لأنه توجب عليّ خلع العديد من الأشخاص والمشاعر… لكن الجيد، والسعيد والمفرح، أنني قررت أنها ستكون آخر معاركي…
بعد هذه الهزيمة، قررت أن أعيش
لطالما فكرت أن أخرج عن صمتي وأحكي ما يجول في بالي. لكن، لم تساعدني نفسي ولا ساعدتني أفكاري ولا محيطي ولا الظروف.
أشياء كثيرة كنت أعتقد أنها عقبات، أعترف الآن أن بعضها كانت حججا واهية لضعفي، وأخرى كانت يأسا واستسلاما.
لكن، أخيرا… نعم، أقول أخيرا، انتصرت… انتصرت أولا على ضعفي، وثانيا على يأسي وعلى ذاك الاستسلام المؤلم.
لست ممن يعيشون دور الضحية؛ لكني أدرك اليوم أن ما أوصلني لهذا الوضع المأساوي هو الماضي. رغم أني في قرارة نفسي لا أريد التركيز عليه هنا والآن.
أريد أن أحكي عن “الآن” و”الغد” فقط.
قررت أن أقول ما أريد. نعم، بكل ما في هذه الجملة من بساطة وتعقيد… قررت أيضا أن أفعل ما أريد عندما أريد. قررت أن أعبّر عن ذاتي كما أحبّ، وأن أغير آرائي وقتما أودّ. قررت أن أحبّ نفسي أولاً كي أحبّ الآخر ثانيا
لست خجلة ولا مترددة في أن أشارككم بعض القصص. ربما علي أن أجد لها مسمى آخر… دعوني أسميها “سجلّ الماضي”.
مثلي كثيرون وكثيرات، ليسوا راضين عن حيواتهم. لكنهم راضخون ومستسلمون. لهؤلاء أحب أن أقول: لازال هناك وقت ولازال هناك الأمل.
لقد تأخرت ربما، لكن لا مشكلة، طالما كنت أنا من قرر الاستسلام سابقا… وها أنا اليوم أقرر النهوض والمواجهة…. لا مشكلة أبدا. المهم أني بدأت اليوم.
ماذا قررت؟! قررت أن أقول ما أريد. نعم، بكل ما في هذه الجملة من بساطة وتعقيد… قررت أيضا أن أفعل ما أريد عندما أريد. قررت أن أعبّر عن ذاتي كما أحبّ، وأن أغير آرائي وقتما أودّ. قررت أن أحبّ نفسي أولاً كي أحبّ الآخر ثانيا. ربما لن يفهم البعض ما أقصده، لكني ببساطة سأقول: لقد قررت أن أعيش.
نشأت في بيئة توصف بالمحافظة. لكني لا أعتبر هذا التوصيف مناسبا. لا أعلم متى وكيف ولماذا، لكني كنت غير راضية… تراودني شكوك حول كل ما يزرع في دماغي، بدءً من تربيتي وتعليمي، وصولا لما أنا عليه الآن، مرورا بالكثير الكثير.
كنت ولازلت أحب الغناء والموسيقى والرقص… لكن، زُرعت في عقلي الكثير من بذور العيب والحرام، و”أنت بنت” و “لا يجب أن تفكري بأي شيء من هذا القبيل”
مثلا، حلقات تعليم الدين التي كنت مضطرة لحضورها دون أدنى رغبة أو قناعة؛ فرع الدراسة والدراسة ذاتها؛ لباسي، أفكاري، متى أخرج من المنزل؟ إلى أين ومع من؟ ما أحبّ وما لا أحبّ (لم يكن يحدث أي من ذلك بإرادتي، ولم يكن من حقي حتى إبداء رأيي).
أفكر الآن أنه ربما كان تعجبني حيوات فتيات أخريات، أعرفهن في المدرسة أو من خلال التلفزيون… ورغم أني كنت أعلم القليل عنهن، لكن ذلك القليل الذي كنت أعرفه… كان يثيرني ويروقني!
أتذكر عيد ميلادي قبل أن أنتقل للمرحلة الإعدادية. لست أبالغ، لكني كنت كارهة نفسي في هذا العيد، لأنه لم يكن عيد ميلاد أصلا… كل ما أذكره أني كنت حانقة على نفسي لوجودي في حفلة كهذه. المدعوات كن حصريا من الفتيات اللواتي يحضرن حلقات الدين.
كنا نلبس فيها لباسا شرعيا (بعض الفتيات كن محجبات، ولم أكن كذلك. لكني سمعت الكثير من الدعوات والأمنيات بأن أضع الحجاب عاجلا). كنا أيضا نغني أناشيد دينية… لم يكن ممكنا أن ننشد الأغاني التي أحب.
وأنا أكتب هذه السطور، يتراءى لي وجهي الحانق، غير المبتسم… والمضطر لإظهار بهجة كاذبة منافقة.
كان علي أن أذهب إلى المدرسة بتسريحة شعر تصنعها أمي وكان ممنوعا علي فرد شعري أبدا أو التفكير في طلب قصّه
كنت ولازلت أحب الغناء والموسيقى والرقص… لكن، زُرعت في عقلي الكثير من بذور العيب والحرام، و”أنت بنت” و “لا يجب أن تفكري بأي شيء من هذا القبيل”.
كنت أخوض معارك دامعة حزينة ومؤلمة لأذهب مع صديقتي للسوق مثلا، أو حتى لمنزلها.
ذات مرة، دعيت لأحضر عيد ميلاد صديقة في المدرسة. لكن ذلك كان ممنوعا. بكيت وتوسلت، لكن دون جدوى. لا تزال هذه الحادثة مطبوعة في سجلّ ذاكرتي.
كان علي أن أذهب إلى المدرسة بتسريحة شعر تصنعها أمي وكان ممنوعا علي فرد شعري أبدا أو التفكير في طلب قصّه.
في تلك الفترة، كنا نرتدي البدلة العسكرية في المدارس. قبل بدء العام الدراسي، كنت أيضا أخوض معارك الترجي والتوسل لأفصّل البدلة كما أحب، لكن دون جدوى.
كان التلفزيون تحت المراقبة. ربما أفهم الآن هذا. لكن، حينذاك، لم أكن أفهم أبدا.
أذكر مرة زرنا عائلة من الأقارب. كانوا جد متدينين، لدرجة أني حمدت الله أني لست ابنتهم. لكن عائلتي كانت تتغنى بتدينهم وبأن ليس لديهم راديو أو حتى تلفزيون!
الأمر بالنسبة لي كان من العجائب… كنت أتساءل: لماذا؟ ما الذي يجعل منع الراديو أو التلفزيون من علامات التقوى؟
كبرت قليلا وتحرك قلبي… صرت أدرك أني أكن مشاعر حبّ للجنس الآخر. لكن الحب كان أيضا من المحرمات أو المشاعر التي لا يجب أن تتكون عندي أصلا. لكنها تكونت وأصبحت أبحث عن الآخر رغم كل القيود.
إلى الآن لم أفهم لماذا يحرم الحبّ ويمنع، وكيف يمكن للإنسان التحكم بهذه المشاعر؟ كيف استطاعوا أن يطلقوا هذا الحكم ويطبقوه!
طبعا، هذا غيض من فيض… لكني أودّ أن أخبركم أني نجحت مرات قليلة في كسر بعض من تلك القوانين مع الكثير من الأسرار، الألم، البكاء، الإحساس بالذنب، الوحدة، الندم والحزن… لكني فشلت مرات كثيرة جدا!
ها أنا ذي الآن بعمر الخامسة والثلاثين عاما… خضت معركة جديدة، معركة خلع الحجاب، وخسرت…
لماذا خسرت؟ لأنه توجب عليّ خلع العديد من الأشخاص والمشاعر…
لكن الجيد، والسعيد والمفرح، أنني قررت أنها ستكون آخر هزائمي…
قررت بعد هذه الهزيمة أن أعيش!
خرجت من طاعة الله ورضوانه إلى معصيته وإتباع الشيطان و هواك اللهم ردك إليه ردا جميلا
خلعك للحجاب مجرد عملية انتقامية او (إنفجار) من طريقة التربية المعتمدة على القمع والترهيب دون الاقناع والترغيب. انا ارتديته في الثامنة والعشرين عن اقتناع كامل…والله احسست بعزة وكرامة لا مثيل لهما وانا اصون جسدي من اعين الذئاب والرعاع… كنت اتمنى لو تتذوقي هذا الاحساس…تحياتي
بالتوفيق وصبرا جميلا، الحياة حلوة لمن يرغفها
مافعلتيه هو زينة وفتنة الدنيا والباقيات الصالحات خير وابقى
هل الحجاب كان قيدك أم شيء أخر هل وجدت الحري وأي حريه وما هي هاذه الحريه وما حدودها
مع الإحتام لشخصك
هنيئا لك. بالها من سعادة عارمة عندما ترمي من ظهرك الأثقال التي حملتها لك جورا ثقافة مدمرة.