من البحرين، محمد فاضل العبيدلي يكتب: قتل شيرين أبو عاقلة… “راك كاه”… هكذا وحسب
قتل شيرين أبو عاقلة يذكر العالم بقتل الصحافي الأميركي بيل ستيوارت في نيكاراغوا قبل 43 عاماً…
فاشيون يحصون أيامهم الأخيرة.
في 20 يونيو/حزيران 1979، قتلت قوات دكتاتور نيكاراغوا السابق، إنستازيو سوموزا، مراسلَ محطة “أيه بي سي (ABC)” الأمريكية، الصحافي بيل ستيوارت على حاجز عسكري شرق العاصمة ماناغوا، حيث كان يغطي بمعية مصور ومهندس صوت، اشتباكات كانت تدور بين قوات حكومة سوموزا وثوار الساندنيستا.
تقدم ستيورات من حاجز عسكري وبقي زملاؤه في الخلف، أبرز للجنود بطاقته الصحافية وتصريحاً من السلطات لمقابلة. طلبوا منه أن يجثو على ركبته، ففعل وظل رافعاً يديه. ثم طلب منه الجنود أن ينبطح على الأرض، وعندما فعل، جاء أحدهم وركله في جنبه ثم أطلق النار على رأسه… هكذا فحسب.
لقد صور زميله في الخلف وقائع قتل زميلهم وقاموا بتهريب الفيلم والصور إلى نيويورك، فقامت ببثها ثلاث محطات تلفزيونية هي ABC وNBC وCBS. لقد شاهد ملايين الأمريكيين وملايين أخرى في جميع أنحاء العالم عملية قتل ستيوارت على مدى ثلاثة أيام، وقامت جميع شبكات التلفزة الأمريكية بالاحتجاج على عملية القتل بسحب مراسليها من نيكاراغوا، ماعدا شبكة CBS التي أبقت مراسلا لمتابعة التطورات.
أصدر الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر بيانا وصف فيه مقتل سيتوارت بأنه “عمل همجي تدينه كل الشعوب المتحضرة“. الأهم من هذا، أن مقتل سيتوارت شكل نقطة التحول في الموقف الأمريكي حيال نظام سوموزا، حيث انهار هذا النظام بشكل دراماتيكي في أقل من شهر بعد مقتل ستيوارت.
لقد قُتلت شيرين أبو عاقلة برصاص قناص مثلما أظهرت المشاهد التي صورها زملاؤها من الصحافيين. قناص يستخدم منظارا مكبراً دقيقاً يظهر الأهداف بكل وضوح… وعليه، فان موتها هذا ليس بفعل رصاصة طائشة (مثلما كان بن غوريون والصحافة الإسرائيلية يصفون جرائم أرييل شارون بانها أعمال طائشة وليست تكليفاً رسمياً من قيادة الجيش)؛ فلا يمكن تصديق أي من أكاذيب ماكينة الدعاية الصهيونية التي ستبرر جريمة اغتيال شيرين أبو عاقلة.
عدا أن اغتيال زميلتنا العزيزة يعني أمراً موكداً: عندما يتم استهداف الصحافيين بهذه الطرق الفجة في الاغتيال، فهذا معناه أن الهستيريا بلغت ذروتها لدى قاتليها وأنهم يعيشون تحت وطأة الإحساس الثقيل بأنهم يحصون الأيام قبل النهاية الحتمية، تماماً مثلما كان الأمر مع نظام سوموزا ومقتل الصحافي الأمريكي بيل ستيوارت، شهورا أم سنوات، دولة الاحتلال تحصي أيامها الأخيرة.
كما أن قتل شيرين أبو عاقلة، بقدر ما هو امتحان متجدد للإعلام الغربي ونخب المثقفين والمؤسسات الإعلامية والأكاديمية على حد سواء (التي بلعت ألسنتها عند مقتل راشيل كوري بنفس الفجاجة أسفل عجلات بلدوزر وسكتت عن مقتل الطفل محمد الدرة بـ 45 رصاصة ثقبت جسده الصغير)، فهو امتحان للإدارة الأمريكية… يتعين أن نرى الآن ويرى العالم، إن كانت ردة فعل هذه الإدارة ستضاهي ردة فعل إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر على مقتل بيل ستيوارت قبل 43 عاماً، وتضاهي جعجعتها التاريخية حول حرية الصحافة في العالم ووجوب حماية الصحافيين؛ أم أن هذه الإدارة ستصر على ممارسة الدور التاريخي للولايات المتحدة، أي دور الشريك والحامي لأبغض احتلال عرفه العالم طوال القرن العشرين وحتى الآن.
لن يحاسب القناص الذي قتل شيرين أبو عاقلة ولن يحاسب أي جندي أو ضابط ولن يصدر أي بيان اعتذار ولن يتم اجراء تحقيق، وسيظهر المتحدثون باسم جيش الاحتلال ليسردوا الأكاذيب كالمعتاد. سيكون الأمر بالنسبة للصهاينة كما كان دائما، فلسطيني/ة اخر/ى يضاف إلى قائمة القتلى.
لقد كان شعار عصابة “ارغون” الصهيونية المسؤولة عن إرهاب الثلاثينيات في فلسطين والتي عرفت أيضا باسم “ايتزل”، عبارة عن خريطة لفلسطين والأردن وعليها يد ترفع بندقية أسفلها كلمات بالعبرية تقول: “راك كاه” أي: “هكذا وحسب”. أي بالبندقية فقط… منذ ذلك الحين، وحتى اليوم، لم يكن قتل الفلسطينيين أكثر بساطة للإسرائيليين من أي شيء… هكذا وحسب.
مشهد استشهاد شيرين:
مقتل الصحافي الأمريكي بيل ستيوارت كما بثته شبكة ايه بي سي (ABC):
https://abcnews.go.com/…/june-20-1979-abc-news
شهادة زميلها وليد العمري:
أفلام من هوليوود وثقت مقتل بيل ستيوارت:
فيلم أيام الغضب Days of Fury
https://archive.org/details/days-of-fury-1979
فيلم “تحت القصف Under Fire
https://www.allmovie.com/movie/under-fire-v51711