عن الوساطة في الفن: كيف يؤثر الوسطاء ومنظمو المهرجانات في الفن والأدب - Marayana - مرايانا
×
×

عن الوساطة في الفن: كيف يؤثر الوسطاء ومنظمو المهرجانات في الفن والأدب

الوسظاء ومنظمو المهرجانات يساهمون في إعطاء تقييمات للأعمال الفنية، كما يساهمون في خلق علاقات وتبادل الخبرات بين مختلف الفاعلين في الإنتاج السينمائي أو الفني عامة.

كذلك، تتحكم المهرجانات في أنواع الأفلام المنتجة في المستقبل، من خلال فئات الأفلام وفئات الجوائز

إن أهمية الوسطاء الفنيين تكمن في أنهم قد يشاركون في صناعة العمل الفني بدون علم منا، وذلك من خلال فرض بعض الشروط والضوابط وإعطاء بعض التحفظات والملاحظات سواء للمخرج أو الرسام أو المصور… أو بشكل معلن، هذا ما يجعل المعنى الذي يقدمه العمل ينحرف عن سياقه الأصلي. هكذا، نجد أنفسنا أمام أعمال فنية تم انتاجها بشكل مشترك مع أشخاص قد لا نعرفهم.

ان موضوع العلاقة بين الوسطاء والفنانين ليس موضوعا جديدا للدراسة، فقد عمل الكثير من الباحثين في التاريخ والسوسيولوجيا على هذا الموضوع في سياقات اجتماعية وتاريخية أخرى، حيث نجد كتابا لـ Sutherland James Hector حول العلاقات بين الناشرين والمؤلفين في الأدب الإنجليزي في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من خلال دراسة علاقات مع مؤلفين عظماء مثل تشارلز ديكنز وويليام ميكبيس ثاكيراي وجورج إليوت وتوماس هاردي، حيث أظهرت الدراسة المتعمقة التي أجراها Sutherland  في أرشيفات دور النشر، عن أن الناشرين كانوا يتدخلون بشكل متكرر وبأشكال مهمة في الكتب التي نشروها… اقترحوا تغييرات في الحبكات واللغة، وأصروا على تنسيقات تزيد من الأرباح من مبيعات المكتبات الضخمة آنذاك، وأثروا بعدة طرق أخرى على المحتوى وأسلوب الأعمال التي نشروها.

كذلك الأمر بالنسبة للفنون الأخرى مثل السينما والمسرح والفنون التشكيلية. إن الممثلين ومصممي الأزياء والديكور ومسؤولي الإضاءة والمونتاج…، هم مساهمون في العمل الفني الذي سينتج، وبالتالي فالعمل الفني لا يمكن اختزاله في رؤية المخرج أو السيناريست. أي أن المنتوج النهائي يكون حصيلة عدة تداخلات ورؤى متقاطعة تساهم في إنتاج ذلك العمل.

كذلك الأمر بالنسبة للفن التشكيلي، فالعمل الفني ليس من إنتاج الفنان التشكيلي وحده، وإنما هو نتيجة عمل الفنان التشكيلي والوسطاء الفنيين المساهمين في عملية تلقي العمل الفني، وهذا من خلال الوسيط الفني، على سبيل المثال.

الوسيط الثقافي الذي قد يحول فكرة اللوحة ويغيرها انطلاقا من تصوراته الخاصة وطريقة سرده. كذلك الأمر بالنسبة للسينوغراف الذي يضع اللوحة في المكان المناسب لها ويكيف الفضاء مع اللوحة، وهكذا دواليك.

إن مفهوم الوساطة سوسيولوجيا، لا يمكن فهمه إلا من خلال دراسة التفاعلات والأدوار والمراحل التي تمر منها الأعمال الفنية خلال عملية الإنتاج. في هذا الإطار، فإن ناتالي إينيك، في كتابها سوسيولوجيا الفن، تعرف الوساطة بأنها هي مجموع العمليات التي يمر منها العمل الفني لكي يصل إلى المتلقي.

يمكن الملاحظة بأن الوساطة تختلف من مجال لآخر، ولكنها وفي نفس الوقت متشابهة، فالوساطة في السينما قد ترتبط كما أشرنا سابقا بعدة فاعلين وسطاء في صناعة الفيلم (وسطاء تقنيين)، وفي نفس الوقت ترتبط بالمهرجانات والصحافة وشركة الإنتاج…. المهرجانات تساهم في إعطاء تقييمات للأعمال الفنية كما تساهم في خلق علاقات وتبادل الخبرات بين مختلف الفاعلين في الإنتاج السينمائي أو الفني عامة. كذلك، تتحكم المهرجانات في أنواع الأفلام المنتجة في المستقبل، من خلال فئات الأفلام وفئات الجوائز، كما تعيد تقييم الأعمال الفنية، من خلال تكريم وتقديم جوائز للفاعلين عن أدوارهم في الأعمال التي تم عرضها. هكذا، تعيد تقييم الذوق العام وتتحكم في المعايير الجمالية والفنية بتقييماتها لتلك الأعمال.

كذلك الأمر بالنسبة للجهات الداعمة، حيث تتحكم هذه الجهات في نوعية الأعمال التي يتم انتاجها بالدعم التي تقدمه وبالتالي تكون وسيطا فاعلا في الإنتاج.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *