من اليمن، دينا النجار تكتب: اليمن، واحدة من أسوأ الدول للنساء؟
تحتاج النساء في اليمن إلى دعم قانوني يضمن حقهن؛ بالإضافة لدعم المجتمع الدولي، للوصول إلى حقوقهن والعيش بكرامة وأمان في وطنهن
“تعتبر اليمن واحدة من أسوأ الدول بالعالم التي تعيش بها النساء”… كان هذا عنوانا عريضا خطته الأمم المتحدة في واحد من تقاريرها التي رصدتها عن اليمن.
لم تبالغ فيما طرحته، فلم تكن اليمن يوما أفضل بقعة يمكن العيش عليها، خاصة للنساء؛ كما لا تمثل اليوم مكانا آمن لا للعيش ولا للعلم ولا حتى لتنشئة الأسرة.
فيما لو توغلت أكثر في تفاصيل العيش هناك، لوجدتها سجنا كبيرا كل مساجينه نساء محكومات بالعادات والتقاليد، وملزمات بالعيش في ضنك الحياة التي ازدادت سوءًا خلال الحرب؛ في الوقت الذي تفقد فيها المرأة حياتها الكريمة وتضطر للعيش والبحث عن لقمة كريمة تعين بها أسرتها وتسند بها زوجها أو أهلها الذين فقدوا أعمالهم أو سرحوا منها بسبب الأوضاع الاقتصادية.
هذه الفترة، اضطرت النساء للعمل رغما عنهن وليس لكونه حقا عاما يفترض منحه لهن وتأهيلهن كجزء أساسي في المجتمع، وإنما لأن الحياة الصعبة والقاسية أجبرت كلا من الطرفين على تقبل هذا الوضع.
لكن هذا الخروج يكلفها الكثير، ولن يمنحها ممارسته بسلاسة ككل النساء بالعالم، حيث تواجه الأسر والبيئات المقبلة على الانفتاح الثقافي والاجتماعي صعوبات في ظل هذا المجتمع المحافظ الذي قد تنبش هشاشتَه حركةٌ أو كلمة عابرة.
تظهر الهشاشة الاجتماعية في أول اختبار يقع فيه المجتمع؛ وأمام أبسط الصور، تنهار القيم المحكومة بالعادات والتقاليد، والتي ظلت سنوات طويلة تغذى أجيالها المتعاقبة على أفكار واحدةِ المصدر، مما أسهم في خلق مجتمع بفكر واحد ورأي واحد ضيق.
هذه الضائقة الفكرية انعكست من خلال تصرفات هوجاء وادعاءات مبالغة لا تتسم بها الا المجتمعات الهشة والمفككة والمضطربة التي تعاني ضعف التضامن والتبادل بين الافراد والجماعات.
لكنه أمر طبيعي في بلد تتوفر فيه كل مظاهر الهشاشة الاجتماعية من فساد وغياب قانوني وتفشي أحكام المليشيات التي تجيد توسيع الفجوات الأسرية والاجتماعية وتسلط الضوء على الجانب الاخلاقي وفتح ثغرات تشكيك الأهالي في بناتهم وأهالي بيوتهم.
خاصة تلك القوانين التي تضمن حقوق النساء وتمنحها مساحة عيش آمنة. حتى في القانون، لم تظهر هذه الحقوق سوى بجمل مبهمة لا تكمل سطرا، كمثل: “النساء شقائق الرجـال ولهن من الحقوق وعليـهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينـص عليـه القانـون”.
نتسابق بهذا المجتمع على من يدعي الفضيلة أم لا، في زمن السقطات اللاإنسانية التي تضيع فيها القيم الفاضلة والمثل العليا مقابل المصلحة الشخصية، مجتمعات هشة قيميا لدى معظم أفرادها اختلالات ذاتية تجعلهم ينقلبون ويتحولون بسرعة أمام ما يشاهدونه من إغراءات.
تفتقد النساء للكثير من مقومات الحياة العادية وتخضع لقيود المجتمع الذي فصل القوانين حسب حياته ثم غلفها بأشرعة إسلامية وفرض أنماط عيش لها تتناسب مع عقله.
النساء في اليمن لا تحتجن لكثير من الأفعال للقيام بها لتصبحن صيدا لمن حولهن. يكفي أن تضع صورتها على منصات التواصل الاجتماعي أو تعبر عن رأيها من خلال منشور تناقش فيه قضايا حساسة حسب تصنيف المجتمع.
لكن الحقيقة التي يتعمد الجميع الإعراض عنها، هي أن أساليب التضييق على الحياة الاجتماعية والأسرية باليمن تفاقمت، وجعلت النساء تتحملن مسؤوليات ثقيلة وظلما وبهتانا، في بلاد تعاني من الفساد وغياب القانون، وتزداد فيها الفجوات الاجتماعية والأسرية، مما يضعف التضامن ويفتح الباب أمام التشكيك والشكوك في القيم والأخلاق.
تتحول اليمن الى ساحة تواجه فيها المرأة تحديات عديدة وتعيش حياة مليئة بالقيود والظلم، وتفقد الحقوق الأساسية وتتعرض للاضطهاد والتشهير على وسائل التواصل الاجتماعي. الرجال يعتبرون أفعال المرأة، مهما صغرت، مبالغاً فيها، دون أن ينظروا إلى الظروف الصعبة والتحديات التي تواجهها يومياً.
في الختام، تتحتاج النساء في اليمن إلى دعم قانوني يضمن حقهن؛ بالإضافة لدعم المجتمع الدولي، للوصول إلى حقوقهن والعيش بكرامة وأمان في وطنهن.