مسار الحق في الحصول على المعلومة: سرعة الانتظار… وانتظار “التسهيلات” - Marayana - مرايانا
×
×

مسار الحق في الحصول على المعلومة: سرعة الانتظار… وانتظار “التسهيلات”

أحيانا، يجد الصحافيون أنفسهم مضطرين للاتجاه نحو مصادر خاصة بدل سلك مسار الحصول على المعلومة.
بين الحق والانتظار، بين سهولة المساطر والاستثناءات الممكنة، يبقى الصحافي رهين انتظار معلومة يُمكن أن يحصل عيها بسهولة.

رغم أن المغرب قطع أشواطاً عديدة في مسار الحق في الحصول على المعلومة، غير أن التعثر لازال عنوان هذه العلاقة المرتبكة بين الصحافة ومصدر الخبر.

بين تهاون بعض المؤسسات وصعوبة التواصل مع أخرى، يبقى الصحافي أحياناً رهين سلطة الانتظار.

في كثير من الأحيان، يتجه الصحافي إلى مصادره الخاصة تفاديا لـ “طابور الانتظار” الذي قد يطول، وهو ما يجعل السؤال ملحاً حول تسهيل وصول الصحفي للمعلومة لنشرها وتسهيل وصولها للرأي العام.

يعتبر الكثيرون أن الصحافي صلة وصل بين المجتمع والمؤسسات، لذلك كثيرا ما نجد دعوات لتسهيل مسار الحصول على المعلومة من أجل تبسيطها للمتلقي.

لُيونة مُغيَّبة

محمد الزوهري، أستاذ الإعلام والتواصل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس ــــ فاس، يقول في حديث لمرايانا إن أجرأة هذا الحق مؤجلة إلى وقت لاحق، بسبب ثغرات في القانون، وثغرات في تنفيذه، بحيث إنه لم يُجبر صاحب المعلومة أو مصدر معلومة على التقيد بضرورة الإدلاء بالمعلومة والإسهام في إيصالها للمتلقي، خاصة للصحفيين.

يورد الزوهري أن إشكالية الحصول على المعلومة من أكبر المشاكل التي تعيق العمل الصحفي في الوقت الراهن، خاصة صحفيي الإعلام الرقمي، بالنظر لطبيعة عملهم المرتبط بما هو آني. وبالنظر أيضا لكثرة هؤلاء الممتهنين للإعلام الرقمي.

يقول الزوهري: “الحق في الحصول على المعلومة بحاجة إلى ليونة أكثر، ومراجعة أكبر من طرف المشرع المغربي، من أجل تصحيح المسار، ومزيد من التفعيل على أرض الواقع”.

عراقيل ومسار هش

يشرح الزوهري أنَّه يتعين على الجهات المعنية إتاحة المجال للصحفيين للحصول على المعلومة دون قيد أو شرط، بدل جعلها خاضعة للبيروقراطية ولمزاج أصحابها، مما يضيع الحق في الحصول على المعلومات.

ربما نفهم من حديث الزوهري أن العمل الصحفي في المغرب يواجهُ مجموعة من العراقيل، أهمها صعوبة الحصول على المعلومات الصحيحة والرسمية المؤكدة، مما يفتح المجال للإشاعة وللمعلومات الكاذبة، وأيضا استغلال هذا الفراغ لنشر التفاهة، التي غالبا ما ترتبط بغياب المعلومة الصحيحة أو غياب إرادة تجعل المعرفة والمعلومة في متناول الجميع.

يقول الزوهري: “أعتقد أننا بحاجة لقراءة جديدة في مسار الحق في الحصول على المعلومات، من أجل تقويم الاختلالات التي تواجه الممارسة الإعلامية في الوقت الحالي. ومن أجل الحد من المعيقات التي تحول دون وجود إعلام حامل لقيم، وقادر على التأثير الإيجابي في المجتمع للنهوض به فكريا وثقافيا واجتماعيا”.

حلم منشود

سعيدة مليح، صحافية وباحثة في الإعلام، ترى أن قانون الحق في الحصول على المعلومة في المغرب، هو أداة من المفترض أن تكون قوية بين أيدي المواطنين سواء كانوا فاعلين في المجتمع المدني أو صحافيين.

تقول مليح: “المؤسف أن قانون الحق في الحصول على المعلومة، شأنه شأنُ عدد من القوانين، جميل في صياغته، عميق في معناه، غير أنه أمل بعيد وربما حلم منشود، نمد إليه اليد ولا نحصل على شيء”.

تعتقد المتحدثة أن المشكل ينطلق  بداية من التأخير الحاصل في التجاوب مع طلبات الحصول على المعلومة، وهو ما يشرعن السؤال: “هل ستصل تلك المعلومة، أم ستمر أشهر دون التوصل بشيء؟”

كسائر الصحافيات والصحافيين، تنتظر سعيدة مليح تبسيط مسطرة الحصول على المعلومات بالنسبة للصحافيين. تقترح المتحدثة وضع استمارة استعجالية خاصة، حيث إن الوقت هو سلاح الصحافي.

تعقيدات في انتظار الإفراج

تأخيرُ المعلومة، في كثير من الأحيان، يُضيع جهد الصحافي، ولا يتمُّ عمله كما يجب. إذا كان الصحافي مُطالبا بتحسين جودة إنتاجاته، فإنه من الضروري أن تعمل الجهات المسؤولة على التعاون مع الصحافيين والصحافيات بتوفير ما يستلزم من معطيات.

تقول مليح: “تعقيد مساطر الحصول على المعلومة، يعمل في أحيان كثيرة على تعطيل أدوار الصحافي في الإخبار، فيُصبح هذا الصحافي بالنسبة للقارئ في عالم موازٍ، أي بعيد عن الواقع المعاش”.

حسب المتحدثة، فإن سوء الفهم الحاصل في هذا الجانب قد يساعد في انتشار المعلومات المضللة والمغلوطة التي تنتشر بسهولة، حيث إن هذه النوعية من الأخبار تنتعش حين تجد الفراغ.

تختم مليح بالقول: “قانون الحق في الحصول على المعلومة تطور مهم جدا… نحن في أمس الحاجة إلى تفعيله والعمل على تطبيقه بما يخدم كلا من المواطن والصحافي أيضا، وذلك من أجل نهضة بلادنا، ومحاربة أي منفذ لانتشار الأخبار الكاذبة”.

مسلسل الانتظار

الحسن آيت بيهي، واحد ممن سلكوا طريق الحصول على المعلومة… فكان الطريق شائكا. يقول آيت بيهي في حديث لمرايانا، إنه كان بصدد إعداد ملف حول دراما رمضان التي تعرض بقنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقناة الثانية سنة 2023، قرر سلك طريق الحصول على المعلومة، فراسل موقع اللجنة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات.

يقول آيت بيهي: “سجَّلت طلبي الموجه إلى الشركة الوطنية التلفزة، لأجل الحصول على قائمة الأعمال الرمضانية التي سيتم عرضها، وكذا الشركات الفائزة بها، والقيمة المادية لكل عمل. وذلك قبل شهر رمضان بحوالي 45 يوما”.

حسب المتحدث، فقد حاول أن يكون لديه الوقت الكافي من أجل التجاوب مع طلبه. مرت 20 يوما الأولى، لم يتلق أي جواب، ثم مرت 20 يوما الثانية، تلقى جواباً من اللجنة تؤكد أنه تم إحالة طلبه على الجهة المعنية وأنهم سيردون عليه. مرت 5 أيام تلقى جواباً يفيد أن الطلب في طور المعالجة.

يقول آيت بيهي: “انتظرت طويلا، حل شهر رمضان، كان لزاما عليَّ أن أقوم بنشر الملف. حاولت الاتصال بالشركة من أجل الحصول على المعلومة مباشرة. لم أجد أحدا يمكن أن يمدني بما أريده. فاضطررت للاستعانة بمصادري”.

جمع المتحدث المعلومات المطلوبة، حصلَ على قائمة الشركات التي حصلت على “كعكة الدراما رمضان” وكذا المبالغ المالية لكل شركة، وطبيعة الأعمال. عاد إلى طلب العروض، قارن بينها واستنبط ما ستقدمه كل شركة خلال شهر رمضان.

حسبَ المتحدث، فقد أعد ملفه ونشره، وفي نفس الأسبوع تمت مراسلته من طرف الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. طلبوا منه الذهاب إلى إدارة الإعلام والاتصال. هناك، قدمت له توضيحات بأنهم كانوا بصدد إعداد المعلومات وكان عليه الانتظار حتى يتوصَّل بالمعلومات الصحيحة.

يقول المتحدث: “تساءلت هل المعلومات التي نشرتها صحيحة؟ أكدوا أنها صحيحة، فقط كان عليَّ الانتظار، فأجبت أن الصحفي لا ينتظر. أنا سلكت الطريقة القانونية. لم تردوا علي، فاضطررت لاستعمال مصادري للحصول على ما أريده”.

يعتبر آيت بيهي أن هذا الطريق صعب، وهو ما دفعه لعدم سلكه مرة أخرى، مشيرا إلى أنَّ هناك مضيعة لوقت الصحافي: “أن تنتظر أكثر من 50 يوما ليتم الرد على طلب بسيط شيء غير معقول. ما يميز العمل الصحفي هو السرعة والبحث عن المعلومات وبكل الطرق الممكنة”.

يقول آيت بيهي: “تفاديا للسقوط في فخ نشر معلومة غير صحيحة، ارتأيت أن أجرب هاته الطريقة وأرى فعلا هل يكون هناك تجاوب؟ وللأسف لم يكن هناك تجاوب. فكانت المرة الوحيدة التي قدمت فيها هذا الطلب”.

كثيرة هي الانتقادات التي طالت هذا المسار، انتظار وتراتبية وسوء فهم مع الصحافي. إذا كانت السرعة في العمل والأداء هي ما يحكم عمل الصحافي في المؤسسات الإعلامية، فإن مسار الحق في الحصول على المعلومة يبدو أنه يسير ببطء شديد.

معيقات لا تطال الصحافة فقط، بل هي معيقات عامة أهمها توسيع المجالات المستثناة من الحق في الحصول على المعلومات منها مجالات استثناها الدستور، غير أن بعض الاستثناءات غير مفهومة تدفع الإدارة للتماطل.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *