من الولايات المتحدة الأمريكية، محمد سعيد يكتب: آليات حرية المعتقد بالقانون الدولي - Marayana - مرايانا
×
×

من الولايات المتحدة الأمريكية، محمد سعيد يكتب: آليات حرية المعتقد بالقانون الدولي

الكفاح من أجل الحرية الدينية مازال قائما، وقد أدى إلى كثير من الصراعات؛ إلا أن بداية القرن الواحد والعشرين قد شهدت بعض التقدم، حيث تم الإقرار ببعض المبادئ المشتركة الخاصة بحرية المعتقد. وقد اعترفت الأمم المتحدة بأهميتها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته سنة (1948).

محمد سعيد

قامت اللجنة الأممية المعنية بحقوق الإنسان سنة (1999)* بالإشارة إلى “أن المقصود بالدين أو المعتقد إلى معتقدات تؤمن بوجود إله أو في عدم وجوده، أو معتقدات إلحادية، بجانب الحق في عدم ممارسة أي دين أو معتقد”. هذا يبين بأن الكفاح من أجل الحرية الدينية قائم، وقد أدى إلى كثير من الصراعات؛ إلا أن بداية القرن الواحد والعشرين قد شهدت بعض التقدم، حيث تم الإقرار ببعض المبادئ المشتركة الخاصة بحرية المعتقد. وقد اعترفت الأمم المتحدة بأهميتها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته سنة (1948)، حيث تنص المادة (18) منه على حرية الفكر والوجدان و الدين، ويشمل ذلك حرية الفرد في أن يدين بأي دين، وحريته في اعتناق معتقد يختاره، كما أقر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة (1966)، بالحق في حرية الدين أو المعتقد، وتنص المادة (18) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أربع بنود، وهي:

1 – أن لكل إنسان الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
 2 – لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.
3 – لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون، والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.

4 – تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة.

في سنة (1981)، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بدون تصويت، إعلانا بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد، وسيشار إليه فيما بعد بإعلان 1981. رغم أن هذا الإعلان يفتقر إلى الطبيعة الإلزامية، ولا يتضمن النص على آلية للإشراف على تنفيذه، إلا أنه مازال يُعتبَر أهم تقنين معاصر لمبدأ “حرية المعتقد”. هناك، أيضاً، التعليق العام رقم 22 للجنة المعنية بحقوق الإنسان للمادة (18) من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة (1993). هنا، يجب أن نشير إلى أن إعلان (1981) يشتمل على ثماني مواد، تعالج ثلاث منها (المواد 1 و5 و6) حقوقا معنية، فيما تتناول المواد الخمسة الأخرى تدابير تتعلق بالتسامح والوقاية من التمييز، وتعرض مواد الإعلان لإطار عام، يكفل سيادة مناخ من التسامح وعدم التعرض للتمييز القائم على أساس الدين أو المعتقد. وقد خصص إعلان (1981) بعض الفقرات لتناول واجبات الدول، والمؤسسات الدينية، والآباء والأوصياء، وكذلك تناول بعض القضايا والموضوعات التي تخص الأطفال.

المادة الأولى: التعريف القانوني

تقر هذه المادة بعدد من الحقوق الواردة في المادة (18) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهي:

– حرية الفكر والوجدان والدين أو المعتقد.
– حرية الفرد في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.
– الحق في إظهار الدين أو المعتقد عن طريق التعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، فرديا أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
– الحق في عدم التعرض لإكراه من شأنه أن يخل بحرية الفرد في اعتناق دين أو معتقد ما.
– حق الدولة في تنظيم أو فرض قيود على حرية المرء في إظهار دينه أو معتقداته، مرهون بما قد يفرضه القانون من حدود، وعلى أن تكون تلك الحدود ضرورية لحماية الأمن العام أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو حقوق الآخرين، وحرياتهم الأساسية.

 

المادة الثانية: الجهات التي يمكن أن تمارس التمييز

تتناول هذه المادة أربع جهات قد تمارس التمييز، مؤكدة على أنه لا يجوز تعريض أحد للتمييز:

– الدولة على المستوى الوطني والجهوي.

– مؤسسة حكومية كانت أو غير حكومية.

– جماعة من الأشخاص.

– شخص يمارس التمييز ضد الأخرين.

 

المادة الثالثة: الترابط مع الصكوك الأخرى لحقوق الانسان

توضح هذه المادة الترابط بين إعلان (1981) وصكوك دولية أخرى، حيث تشير إلى أن التمييز على أساس الدين أو المعتقد يمثل إهانة للكرامة الإنسانية وإنكارا لمبادئ الأمم المتحدة، وأنه مدان بوصفه انتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والواردة بالتفصيل في:

– العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

– العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

 

المادة الرابعة: اتخاد التدابير اللازمة

توضح هذه المادة أن على الدول بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدني، أن تتخذ ما يلزم من تدابير لمنع واستئصال أي تمييز على أساس الدين أو المعتقد، ومن ذلك:

-اتخاذ ما يلزم من تدابير في جميع مجالات الحياة المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.

– سن أو إلغاء تشريعات لمنع التمييز إن لزم الأمر.

– اتخاذ جميع التدابير الملائمة لمكافحة التعصب القائم على أساس الدين أو المعتقدات المختلفة.

 

المادة الخامسة: الآباء والأوصياء والأبناء

وفقا لهذه المادة، فإن:

– للآباء أو الأوصياء الشرعيين على الأطفال الحق في تربيتهم وفقا لعقيدتهم الدينية أو معتقداتهم.
– حق الطفل في تعلم أمور الدين أو المعتقد وفقا لرغبات والديه أو الأوصياء الشرعيين عليه.

– حق الطفل في ألا يجبر على تلقي تعليم في الدين أو المعتقد يخالف رغبات والديه أو الأوصياء الشرعيين عليه.
– حق الطفل في الحماية من التمييز على أساس الدين أو المعتقد، وأن يتم تنشأته على روح التفاهم والتسامح.
– حين لا يكون الطفل تحت رعاية والديه أو الأوصياء الشرعيين عليه، يجب أن تؤخذ في الحسبان الواجب رغباتهم المعلنة

– يجب حماية الطفل من الممارسات الضارة لنمائه أو صحته.

 

المادة السادسة: إظهار الدين أو المعتقد

يشمل الحق في حرية الفكر أو الوجدان أو الدين أو المعتقد، الحريات التالية:
-حرية ممارسة العبادة أو عقد الاجتماعات المتصلة بدين أو معتقد ما، وإقامة وصيانة أماكن لهذه الأغراض.

– حرية إقامة وصيانة المؤسسات الخيرية أو الإنسانية المناسبة.
– حرية صنع واقتناء واستعمال القدر الكافي من المواد والأشياء الضرورية المتصلة بطقوس أو عادات دين أو معتقد ما.

– حرية كتابة وإصدار وتوزيع منشورات حول هذه المجالات.

– حرية تعليم الدين أو المعتقد في أماكن مناسبة لهذه الأغراض.

-حرية التماس وتلقى مساهمات طوعية، مالية وغير مالية، من الأفراد والمؤسسات.
-حرية تكوين أو تعيين أو انتخاب الزعماء المناسبين الذين تقضي الحاجة إليهم لتلبية متطلبات ومعايير أي دين أو معتقد.
-حرية مراعاة أيام الراحة والاحتفال بالأعياد، وإقامة الشعائر وفقا لتعاليم دين الشخص أو معتقده.
– حرية إقامة وإدامة الاتصالات بالأفراد والجماعات بشأن أمور الدين أو المعتقد على المستويين الوطني والدولي.

 

المادة السابعة: التشريعات الوطنية

وفقا لهذه المادة، يجب أن تكفل التشريعات المحلية الحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان على نحو يمكن كل فرد من التمتع بها.

 

المادة الثامنة: الحمايات القائمة

تشير هذه المادة إلى أنه ليس في الإعلان ما يجوز تأويله على أنه يقيد أو ينتقص من أي حق محدد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

خلاصة: مازالت هناك بعض المواضيع الحقوقية الحساسة قائمة، وبحاجة إلى توضيح ومعالجة، ومنها:

-القانون الديني أو الوطني في مقابل القانون الدولي.

– التبشير الديني.
– الاعتراض المتعلق بالضمير على الخدمة العسكرية.
– وضع المرأة في الدين أو المعتقد.
– ادعاءات سمو أو دنو ديانات أو معتقدات.
– اختيار أو تغيير التزاماً دينياً.
– التسجيل الديني والقوانين الخاصة بالتجمع.
– وسائل الإعلام العامة والدين أو المعتقد، والعلاقة مع والدولة.

 

 

الهامش:

* اللجنة الأممية، هي لجنة تقوم بالإشراف على تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتتشكل من 18 خبيراً يتم انتخابهم من قبل الدول الأطراف في العهد الدولي لحقوق الانسان.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *