“أنت مغربيّ؟ لا تذهب إلى مراكش”… التمييز في الخدمات السياحية يزعج مغاربة - Marayana - مرايانا
×
×

“أنت مغربيّ؟ لا تذهب إلى مراكش”… التمييز في الخدمات السياحية يزعج مغاربة

يبدو السؤال مشروعا: هل تصرّ مدينة النخيل أن تهرب من أفق المغاربة الباحثين عن الاستجمام؟ في الأصل، المغاربة بحاجة إلى الإحساس بالفخر داخل بلدهم، وليس بالنبذ أو التمييز أو العنصرية، وغيرها من الجرائم التي يقترفها بعض القائمين على الخدمات السياحية بمراكش، بشكل… يسيء لقطاع السّياحة وللمغاربة… وللبلد بالكامل.
حين يقولون إن مراكش مدينة عالمية… هل يقصدون ببساطة، أن المغاربة، هم في الأصل خارج حسابات العالم، خارج حسابات مراكش؟

“غريب هذا الأمر. فعوض أن يعتنوا بنا نحن المغاربة، ونحن أبناء الجالية، يمعنون في التعامل وكأننا غير مرئيين. حين ندخل مطعما مخصصا للسّياح، لا يرحّبون بنا كما يفعلون مع الأجانب. التّمييز هنا يصل مبلغاً مستفزاً ومزعجاً في الحقيقة. عندما يشعرون أنك مغربيّ، يعتبرونك زبونا من الدرجة الثانية، بناء على أي شيء؟ لا نعرف. هم لا يقولون ذلك صراحةً، لكن تعاملهم، وتأخيرهم لطلباتنا، وطرق الكلام والاستجابة للطلبات… يشي بالكثير من الأشياء، التي لم تعد مُحتملة”.

بغضب واضح، يقول أنس، مغربي مقيم بفرنسا، إنه “واجه الكثير من التّمييز في الخدمات السّياحية بمرّاكش”. فهل ما واجهه أنس وعائلته هو ما يواجهُه المغاربةُ إجمالاً؟

من أولى: الأجانبُ أم المغاربة؟

حمزة، شاب مغربي مقيم بمراكش، ويشتغل نادلاً بأحد المطاعم المعروفة وسط أحد شوارع الحيّ الشتوي بجليز. يقول إنّ هذا ما يحدث مراراً في الشهور الأخيرة، بعد أن اختلط الحابل بالنابل، وبدأت السياحة بوتيرة جد مرتفعة. فنحن لا نعرف، يقول حمزة، مع من يجب أن نبذل مجهودا أكبر، هل الأجنبي، الذي يزور بلدنا حتى نقدم له صورة جيدة عنا، أم المغربي، ابن بلدي وابن جلدتي الذي يشبهني، والذي يفترض أنه يزور مراكش أكثر”. يضيف حمزة: هذا امتحان صعبٌ يمرّ منه كلّ من يشتغل في الفضاءات السياحية بهذه المدينة التي تستقبل آلاف السّياح بشكل يوميّ.

حمزة، الذي قابلته مرايانا في مكان عمله، يعتبر أنّ انزعاج الكثير من المغاربة أمر وارد، لكون الخدمات السياحية تركز بشكل كبير على الأجنبيّ، وحتى رهانات وزارة السّياحة واضحة في هذا الجانب. المشكل الذي يحصل، حين يكون هناك تمييز واضح، فحينها، من حقّ المغربي أن يحتجّ ويبلغ المسؤولين عن المطعم أو الفندق أو المقهى أو حتى الملهى الليلي، باعتبار مراكش تعرف زخما غير عاديّ في فضاءات الترفيه الليلية.

غادرنا جليز، وذهبنا إلى قرب مسجد الكتبية لنلتقي أنس، (24 سنة). يتحدث أنس بغضب وكأنه يودّ “فضح” جهات ما؟ يؤكد أنّه تعرض هو إخوته لتمييز وهو يحاول الذهاب لإحدى حانات مدينة النخيل الرّاقية، المتواجدة بالقرب من كازينو مراكش. يقول: حارس الأمن الضخم كان فظّا وغير لبق نهائيا. قال إنّ الدخول بالحذاء الرياضي ممنوع، رغم أن لدينا حجزا تمّ التأكد منه. منعنا. لكنه في ذات الوقت سمح لأجنبيّ بالدّخول بنعل عاديّ، حين أخبرناه بالأمر قال إنها تعليمات. هذه عنصرية وتمييز. حاولنا الاتصال برقم الاستقبال، لكن بحكم أن فترة الحجوزات انتهت، فلم يجبنا أحد.

يسترسل أنس بنرفزةٍ واضحة: “قد نتقبّل أن الحذاء الرياضيّ ممنوع. لكن، لماذا سمح لأجنبيّ أشقر بالدّخول بنعل خفيف (صندالة)؟ لأنه سيدفع بالدولار؟ أم خوفا من الشكايات التي يمكن أن يحررها حين يعود إلى بلده عبر صفحاتهم ويضعف ثقة السّياح فيهم؟”.

الخطير، يضيف المتحدث، أنه حين غيرنا الحذاء وعدنا، رفض مجددا دخولنا، بذريعة أن المكان صار ممتلئا. ثم بدأ يرغي ويزبد ليقول في النهاية “أنتم أربعة ذكور، ينبغي أن تكونوا مَرفوقِين بإناث لنتأكد من عدم إثارتكم للمشاكل”. أليس هذا قمة الاحتقار والإذلال؟

أنس يغادر مراكش هذا الأسبوع نحو مدينة أميان الفرنسية، لكنه يغادر بغضب كبير، وبـ”احتقار كبير لمعظم المغاربة العاملين في السياحة بمراكش”. فهل أنس وحده معنيّ بالحكاية، حتى نجدد السّؤال الأصل في هذا الاستطلاع؟

“مراكش أسطورة سياحية مرعبة، لكن خدماتها دون المستوى”. هذا رأي محمد، المقيم بالرباط، الذي جاء في زيارة خفيفة لمراكش، مع بعض زملائه في العمل. يعتبر محمد أنّ “مراكش لازالت تضع كلّ خدماتها على مقاس الأجنبيّ، وحتى لو رفعت الدّولة شعار السياحة الداخلية، فلازال المغربي أمرا ثانويا ضمن ما تقدمه مراكش للزّوار”. كما يقول إنّ “مشاهد التمييز لا تعدّ ولا تحصى، مثلاً وقفنا لنستقل سيارة أجرة صغيرة، وبمجرد أن رأى سائق التاكسي أجنبيين في الجزء الآخر من الشارع… اعتذر منا وذهب نحوهما”.

خدمات مسيئة

يقول محمد إنّ “الخدمات السيئة التي تقدمها معظم منتجعات مراكش، لا يمكن تعميمها، لكنها كثيرة للغاية”، ويضيف موضحاً بأنّ “العاملين كثير منهم لا يتواصل بغير الفرنسية أو الإنجليزية. واجهنا هذا في رياض داخل حيّ القصبة. ما الذي علينا أن نفهمه؟ أنّ الفضاء يرحّب بالأجانب بشكل حصريّ وأن مجيئنا غير مرحب به. ونحن نجلس، عاينّا كيف يتواصلون مع الأجانب بشكل مبالغ فيه من الترحيب واللطافة، فيما قابلونا بالنبذ والتهميش داخل الرياض، وكأننا لسنا زبائنا”.

من جهته، يقول مصطفى، أحد المشرفين على تسيير أحد المطاعم العريقة المتواجدة بممر “البّرانس” المؤدي إلى ساحة جامع الفنا، إنّ “الأمر لا يمكن حتى التفكير فيه، فالمغاربة هم أصل كل خدماتنا، ونحن نقدم مطعما مغربيا خالصا لكي يجد المغاربة عراقتهم وأصالة مطبخهم ويشعرون بالانتماء”.

مصطفى يردف معلقا: لا نميز في الخدمات، وإذا شعر مواطن بهذا، فقد يكون ذلك راجعا إلى سلوك النادل أو العامل فقط، نظراً لأن بقشيش الأجنبي مختلف بالنسبة للعاملين، فيبذلون جهدا في إرضاء الأجنبي. هذا خطأ ومستعدون لمعاقبة من اقترفه. غير أن الأمر ليس سياسة في مطعمنا، يعني ليس توجها عندنا أن نستقطب الأجانب حصراً، لأن الأثمنة التي سيدفعها المغربي هي ذاتها التي سيدفعها الأجنبي.

تواصلنا مع أحد العاملين بذات المطعم، فأكد “بدوره أنه مجرد انطباع ولا يعكس الحقيقة، خصوصا أنّ المغاربة بدورهم يقترفون أخطاء كبيرة حين مجيئهم، بحكم عدم التّشبع بالمعايير العالميّة للسّياحة؛ فمثلاً نلاحظُ أنّ العديد من المغاربة لا يلتزمون بوقت الحجز، وحين يأتون يتصرفون بعجرفة وتكثر شكاياتهم وتعليقاتهم على الأكل”.

نلتقي بالملاح بحسن، الذي يشتغل في المجال السياحي بين مرزوكة ومراكش، فيؤكد لنا أنّ مراكش كلها بخدماتها تخاطب الأجانب؛ وشعار السياحة الداخلية، كان لحظيا ومؤقتا في فترة إغلاق الحدود. لكن، بمجرد عودة الحياة إلى طبيعتها، صارت استراتيجية السياحة الداخلية شيئا طريفاً من الماضي. لنأخذ كأبسط مثال سيارات الأجرة التي كانت تبحث عمن تقلّ زمن الجائحة… هي اليوم لا ترضى أن تحمل غير الأجانب. هذه معضلة كبيرة لا تحلّ باللغة في الحقيقة، بل بالفعل والسلوك.

حسن، الذي راكم أكثر من 10 سنوات في المجال السياحي، يقول أيضا إنّه، “لو تمعنا في الأثمنة المرتفعة في كل مكان، وفي كل منتجع، وفي كل فندق، وفي كل مطعم، إلخ، يتضح أنها خدمات موجهة إما للأجنبيّ، أو الأثرياء المغاربة، أو بعض الأفراد من الطّبقة المتوسّطة”. بما معناه، يستطرد حسن، أنّه “تبعا لذلك، يحدث أن نشاهد الكثير من التّمييز، وقد عاينت مرّة أن مغربيا اتصل بمكان كنت فيه، فقال المسير لمن يتلقى الحجوزات في الاستقبال: “المتصل مغربي؟ أخبره أن المكان محجوز بالكامل”. كان موقفا مقرفا جعلنا نغير الفضاء في الحين. هذا التمييز حقيقة، ولا يمكن لأيّ أحد أن ينكره”.

في النهاية، يبدو السؤال مشروعا: هل تصرّ مدينة النخيل أن تهرب من أفق المغاربة الباحثين عن الاستجمام؟ في الأصل، المغاربة بحاجة إلى الإحساس بالفخر داخل بلدهم، وليس بالنبذ أو التمييز أو العنصرية، وغيرها من الجرائم التي يقترفها بعض القائمين على الخدمات السياحية بمراكش، بشكل… يسيء لقطاع السّياحة وللمغاربة… وللبلد بالكامل.

حين يقولون إن مراكش مدينة عالمية… هل يقصدون ببساطة، أن المغاربة، هم في الأصل خارج حسابات العالم، خارج حسابات مراكش؟

تعليقات

  1. Lhcen

    صحيح وهذا يلاحظ حتى من أصحاب سيارات الاجرةح

  2. ابو الاسد عبد الصمد

    على المغاربة قاطبة مراجعة أنفسهم.
    كل الاماكن التي يتجمع فيها المغاربة للسياحة أو غيرها تتحول الى بؤر للقمامة و الروائح الكريهة و الأوساخ أما الكلمات النابية فحدث و لا حرج بالإضافة إلى سلوكات لا أخلاقية من عدم احترام الطوابير و التباهي و التكبر و و. السائح المحلي عبىء على نفسه و على بلده فقبل الذهاب للاستجمام يجب الذهاب لتطوير النفس و تهذيبها.

  3. رشيد

    السلام عليكم، سبق لي ان عشت تجربة مماثلة ، حينما كنت برفقة اسرتي الصغيرة باحد فنادق المدينة الحمراء، بحيث ان النادل المكلف ببماءدة الطعام مارس علينا رقابة مشددة وازعجنا كثيرا. ولذلك قررت مند ذلك الوقت قضاء عطلتي في فنادق اسبانيا.

    • Sondoss

      عيب و عار هاذ الجشع و الذل لي وصلو ليه اصحاب الأمسيات ،و المقاهي، الكل يفضل الاجانب.
      من الأفضل أن يبدء المغاربة بالسفر الى إسبانيا أو جزر كناريا، العطلة ممتعة و ارخس، والكل يحترم كيفما كانت جنسيتك.
      حسبنا الله ونعم الوكيل.

  4. ساءح

    السبب بسيط للاسف طمع البخشيش
    ادفع لكي ابتسم لك واخدمك .

  5. سامي

    صراحة الطمع و قلة الأدب و الأخلاق ما نعيشه نحن المراكشيين الأصليين أي أبناء مراكش أبا عن جد . سواء مع أصحاب الأجرة و المحلات التجارية خاصة في قرب ساحة جامع الفنى
    الكلام كتير فهاد الموضوع اشتقنى للزمن الجميل قبل دخول أصحاب الكروش و العقول التبونية .

  6. انوار

    لا تندهش
    فجل المدن المغربية بورة العنصرية والمياه بمكيالين من الشمال الي الجنوب
    سير لأكادير وشوف العنصرية

  7. طارق نجاح

    انا اسكن في مراكش واجد المقال جد معبر عن حال المغاربة إزاء الجانب من حيث المعاملة حتى ان المدينة صارت من بين اغلى المدن المغربية حيث المواطن يعيش الغلاء المضاعف مراكش صارت لا تطاق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *