لم تكن الطفلتان تستفيدان منها… أمر استعجالي يقضي بمنع الأب من استلام منحة “تيسير”
لجوء الأم للقضاء الاستعجالي هو أيضا حلّ ناجع وعملي، يعفي من مساطر قضائية قد يستغرق النظر فيها وقتا طويلاً ومكلفا للطفلتين، بما أنهما لا تستفيدان من المنحة المخصصة لهما، ما يضر بمختلف حقوق الطفلتين الاقتصادية والاجتماعية.
في سابقة من نوعها، أمر رئيس المحكمة الابتدائية بميدلت بشكل استعجالي، بتسليم دعم برنامج “تيسير” للأم الحاضنة، ونزع هذا الاختصاص عن الأب بعدما اتضح للمحكمة أنّ هذا الأب كان يستفيد من هذه المنحة نظرا لكونه نائبا شرعيا عن طفلتيه، لكنه كان يستغلّها ولا ينفقها على الطفلتين لدعم تمدرسهما.
ملخّص الحكاية
اطلعت مرايانا على نسخة من الأمر الاستعجالي، وتبين أنّ أصول الحكاية تعود لتقديم المدعية، بواسطة دفاعها، لمقال استعجالي، بتاريخ 2022/12/29، تعرض من خلاله كونَ زوجها المدعى عليه غادر بيت الزوجية إلى وجهة مجهولة وظل يستفيد من منحة تيسير دون أن ينفق على طفلتيه، رغم أنّ المعونات المادية المقدمة في ظل هذا البرنامج تعدّ بمثابة تشجيع من طرف الدولة للأطفال في العالم القروي حتى يتابعوا دراستهم وألا يهدروا التمدرس بسبب المشكلات المادية للأسرة.
لكن المدعية، والدة الطفلتين، تقول في القضية إنها هي من تتكفل برعايتهما وتسهر على شؤونهما، وبالتالي تتلمس الإذن لها حتى تستفيد بشكل مباشر من منحة “تيسير”.
التعليل والحكم
جاء في نسخة من الحكم الاستعجالي أنه، بناء على الحجج والمستندات المعززة للطلب، وبناء على إدراج الملف بعدة جلسات آخرها جلسة 2022/12/29، تقرر خلالها اعتبار القضية جاهزة ليتم حجزها للتأمل لجلسة 2022/12/30.
بدا للمحكمة أن الثابت من ظاهر وثائق الملف، وسيما الحكم الصادر ضد المدعى عليه سابقا، أنه ممسك عن الإنفاق عن بنتيه. كما رأت المحكمة أنّه، حيث إن استفادة المدعي من منحة تيسير، والتي تعتبر دعما ماديا مرصودا بالأساس لإعانة الأسر المعوزة درءا للهدر المدرسي دون إنفاقها على بنتيه، يعدم الغاية من إقرارها، مما ينبئ بخطر تعرض هاتين الأخيرتين للهدر بفعل عدم الاستفادة الفعلية منها.
لهذا، صارت حالة الاستعجال قائمة في النازلة وموجبة لتدخل قاضي المستعجلات للإذن للمدعية بتسلمها نيابة عنهما، باعتبارها هي الحاضنة الفعلية لهما. لذلك، وبعد التأمل طبقا للقانون، حكم القضاء الاستعجالي بتسلم الأم لمنحة تيسير المرصودة لبنتيها، مع تحميل المدعى عليه الصائر والتّصريح بأن النّفاذ المعجّل مقرر بقوّة القانون.
القضاء الاستعجالي
يرى الباحث في القانون محمد أمين جليلي، أنّ هذا الأمر الاستعجالي ينتصر مجددا للمصلحة الفضلى للطفل، ويتجاوز النيابة القانونية للأب بعدما تبين للمحكمة أنّ الطفلتين لا تستفيدان من الدعم المخصص لهما؛ وحين ثبت للمحكمة عدم استفادة الأطفال، بدا لهيئة القضاء أنّه أمر مستعجل ينبغي النظر إليه بسرعة لتعجيل ذهاب الدعم إلى الطفلتين عبر والدتهما، أي الأم الحاضنة.
جليلي، في تصريحه لمرايانا، يعتبر أنّ لجوء الأم للقضاء الاستعجالي هو أيضا حلّ ناجع وعملي، يعفي من مساطر قضائية قد يستغرق النظر فيها وقتا طويلاً ومكلفا للطفلتين، بما أنهما لا تستفيدان من المنحة المخصصة لهما، ما يضر بمختلف حقوق الطفلتين الاقتصادية والاجتماعية.
لكن المهم هنا، بالنسبة للمتحدث، أنّ هذا الأمر الاستعجالي يضع الأصبع، من جديد، على مدونة الأسرة الحالية، وضرورة تعديلها، لكي تكون النيابة الشرعية مشتركة بين الأبوين، في الزواج وبعد الطلاق. فرغم أنّ المادة الرابعة من المدونة تشير إلى الرعاية المشتركة بين الزوجين لشؤون الأسرة، فباقي مواد المدونة تتجه نحو ترجيح كفة الأب على حساب الأم في جوانب كثيرة، باعتباره نائبا قانونيا على الأطفال.