من اليمن، صفا ناصر تكتب: رجالنا… زوجاتهم ومحظيّاتهم!
لست أدري منشأ هذه الخرافات وتلك التوهّمات التي تسكن مخيّلة الرجال في أنهم معقد الآمال ومنتهى الغايات، وغالب الظن أن الأم في تربيتها لطفلها تتحمل قدرًا من التبعات، فهي حين تلحظ أن ابنها قليل الحظ من الملاحة والذكاء، تقول له على سبيل التسرية وجبر الخواطر ”ألف بنت تتمناك“… وحين يكبر ذلك الفتى البائس ويتمكّن بمعجزة إلهية على حمل امرأة واحدة على القبول به، يتذكر الوعد القديم، وينفق سنوات عمره بحثًا عن تتمة الألف بنت اللواتي وعدته أمه بهن.
حين سألني عن رأيي في أن يزور المدينة التي أسكنها، لم أدرك على الفور ما يرمي إليه سؤاله. قلت: “أنت وشأنك”.
بدا أن جوابي لم يعجبه، رد بضيق: “لم تفهمي ما أعنيه، أعني هل سنلتقي؟”.
ضغطه على مخارج الحروف، والهمس الأقرب إلى الفحيح في صوته وشى بنواياه. كما أن حقيقة أنه رجل متزوج، جعلت من السهل تصوّر شكل اللقاء الذي يطلبه. لا أخاله يطلب لقاءً في صالونٍ أدبي نناقش فيه آخر القضايا الثقافية.
لم يكن أول متزوج يأتي إليّ بهذا العرض. ولمن يؤمنون بأن المرأة هي منبت الخطايا ومبدأ الشر ومنتهاه، أؤكد لهم أنني لم أكن السبب، ولم يبدر مني ما قد يستثير المشاعر الذكورية المستثارة على الدوام.
كما أعلم يقينًا أن كثيرات، من أطياف دينية وثقافية متباينة، واجهن الأمر ذاته وإن اختلفت الوسائل. إذا كانت النساء في نظر الرجال فاكهة لكل واحدة منهن مذاق خاص، فلكل فاكهة طريقة خاصة في أكلها.
الأمر الذي يقطع بأن الخلل يكمن في أدمغة ”بعض“ الرجال… النساء عند هذا النوع من الرجال، صنفان لا ثالث بينهما: زوجات… ومحظيّات. ولكل من الصنفين أدوار محددة سنأتي على تفصيلها.
أولًا الزوجة، وهي كائن مخلوق حصرًا لإشباع حاجات الرجل. يدعم اعتقاده هذا بروايات عن الرسول الكريم، لا يهم إن كانت ضعيفة السند ما دامت تسند رغباته وشهواته. أما عن مواصفات الزوجة، فلا بد لها أن تكون في حُسْن ملكة جمال، وفي ليونة راقصة باليه. طاهية حاذقة في المطبخ، وعاهرة تتقن فنون الجنس في السرير.
في هذه النقطة تحديدًا، من الضروري أن تجمع الزوجة، وبمقادير مضبوطة الوزن، بين الاحتراف الذي يطير بلب الرجل، وقدر من الحياء يحفظ لبه الذي طار بمعزل عن الشكوك بأن زوجته التي دفع ثمنها بضمان أنه أول المستخدمين، قد يكون لها ماضٍ تعلمت على يديه تلك الفنون.
يضاف هذا إلى مهام سيدة المجتمع وما يقتضيه الحال من الانخراط في المناسبات الاجتماعية الباعثة على الضجر والتي لا حد لها ولا نهاية.
أما المحظية، ولأنها امرأة سرية، فقد استراحت من مراسم الضيافة للأهل والأصحاب. لكن، يتحتّم عليها في المقابل أن تبرع في فن التخفي، بحيث تكون حاضرة بكل زينتها ومساحيقها وعطورها، ثم لا تترك وراءها أثرًا يمكن للزوجة أن تقتفيه وتصل به إلى ما يكدّر مزاج الزوج العزيز. وتزيد أعباء المحظية في القيام بكل ما تعافه نفس الزوجة وترفضه، وخاصة في مجال الجنس.
أما ماهي حاجة الرجل المتزوج إلى محظية، فقد “ثبت علميًا” أن الزواج يتخلله ملل متوقع بعد مدة. فهل نترك الزوج المسكين يعاني الفتور الزوجي والبرود العاطفي، الأمر الذي يتهدد كيان الأسرة ونواة المجتمع؟ قطعًا لا.
هنا يبدأ دور المحظيّات في الترفيه عن الأزواج الضجرين. وبالملاحظة وبسؤال العارفين، علمنا أن الرجل يفضّل أن يختار محظيته من فئة العازبات، ويميل أكثر إلى اللواتي تجاوزن عمرًا معينًا، لاعتقاده أنه كلما زاد عمر العازبة زاد تلهفها، وتهاوت دفاعاتها مع أول نسمة ذكورية تهب عليها، وأنها في عمر يحوّلها إلى مخلوق متعطّش إلى الجنس، يتخيّلها تقضي ليالٍ مؤرّقة تتضرّع فيها إلى الله وترسل الابتهالات المبللة بالدموع كي يهبها واحدًا من تلك المخلوقات النورانية (الرجل).
الحق، لست أدري منشأ هذه الخرافات وتلك التوهّمات التي تسكن مخيّلة الرجال في أنهم معقد الآمال ومنتهى الغايات، وغالب الظن أن الأم في تربيتها لطفلها تتحمل قدرًا من التبعات، فهي حين تلحظ أن ابنها قليل الحظ من الملاحة والذكاء، تقول له على سبيل التسرية وجبر الخواطر ”ألف بنت تتمناك“… وحين يكبر ذلك الفتى البائس ويتمكّن بمعجزة إلهية على حمل امرأة واحدة على القبول به، يتذكر الوعد القديم، وينفق سنوات عمره بحثًا عن تتمة الألف بنت اللواتي وعدته أمه بهن.
بالقطع، لسنا مسؤولات عما يكمن في تلافيف الدماغ الذكوري من أوهام وليس علينا إلا التوضيح. العازبة إنسان اكتفى بذاته عن الرجل، وما ذلك إلا ليقينها أن وجودها أهم من الوجود معه.
هي اختارت أن تشيّد حياتها بمفردها. يتملّكها الزهو وهي ترى كيانها يتجسّد أمامها، يعلو عامًا بعد آخر، بناءً سامقًا يُستعصى دخوله على كل من لا يزيده غنى وجمال.
لذا، وفّر مجهوداتك عزيزي المتزوج، واقنع بالتي قد ارتضت بك، وأشكر الإله الذي أنزل على عينيها غشاوة جعلتها لا تبصر عيوبك يوم أن قبلت بك زوجًا. وقبل أن تهتم بحديقة الغرباء، انظر أولًا حال حديقة بيتك… وقبل كل ذلك، تأكد من أنك تتقن أصول الزراعة، فلو أنك حضرت إحدى الجلسات النسائية واستمعت إلى ما يُحكى فيها من أسرار حجرات النوم، لسرت منكّس الرأس لا تطلب إلا الستر، ولترددت طويلًا قبل أن تفكر في أن تغدق على الأخريات من فيض فحولتك.
سيدتي لو رزقت بابن ياءس هل تجبرين بخاطره .وترددي القول المأثور اياه.ام تصفعينه على وجهه فيستفيق من بؤسه وربما يجهش في وجهك بالبكاء،,؟