الفرنكفونية في المغرب، لغة أم سلاح؟ 2/1 - Marayana - مرايانا
×
×

الفرنكفونية في المغرب، لغة أم سلاح؟ 2/1الجزء الأول

الفرانكفونية لا يمكن فصلها عن تطورها التاريخي المرتبط بالمرحلة الاستعمارية، وأيضا بمرحلة التحرر وبالمتغيرات الجديدة.

لم يعد بجديد القول إن الإنجليزية صارت اليوم اللغة الأولى في العالم، إن على المستوى العلمي، أو بحسب عدد المتحدثين بها. بالمقابل، تعد الفرنسية اللغة التاسعة من حيث عدد المتحدثين بها، وهي مرتبة متدنية في نظر فرنسا.

فرنسا راهنت، وفق تصريحات سابقة لمسؤوليها السياسيين، على الفرنكفونية في بعديها الثقافي والسياسي، بغية المحافظة على ما كان مستعمرات لها. لذلك، فقد عملت منذ وقت طويل على تكريس اللغة الفرنسية، لغة أساسية في دول عدة، من بينها المغرب.

اللغة الأجنبية الأولى في التعليم باتت اليوم تطرح علامات استفهام عدة بالمغرب على مستوى الأهداف المحققة والمرجوة. ومع ذلك، فقد حافظت الفرنسية على مكانتها في نظام التعليم المغربي.

آخر ما يشهد على هذا، إبقاء اللغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى للتدريس بدل الإنجليزية، ضمن توصيات التقرير الإستراتيجي للمجلس الأعلى للتربة والتكوين والبحث العلمي، وهو ما أثار غداة ذلك جدلا كبيرا بين مؤيد ومعارض.

فرانسوا ميتران، الرئيس الفرنسي الأسبق: “إذا لم نتوصل إلى الاقتناع بأن الانتماء إلى العالم الفرنكفوني سياسيا واقتصاديا وثقافيا يمثل إضافة، فإننا نكون قد فشلنا في العمل الذي بدأناه منذ سنوات عدة”.

لكننا بالمقابل نجد أن فرنسا ذاتها، أصبحت اليوم تنتج المعرفة باللغة الإنجليزية؛ وحين أسال ذلك مدادا كثيرا في الصحافة الفرنسية، خرجت جونفييف فيورازو، الوزيرة السابقة للتعليم العالي الفرنسي، لتقول إننا؛ أي فرنسا، “أصبحنا مثيرين للسخرية، بسبب التقوقع في الفرنكفونية ومحاربة الإنجليزية، ففرنسا لم تعد اليوم لهذا السبب، قبلة محفزة للطلبة في العالم”.

الفرنكفونية كأداة للهيمنة الثقافية والسياسية..

يقول الباحث المتخصص في اللسانيات، ماهر الملاخ، إن “الحديث عن الفرنكفونية لا يعني حديثا عن اللغة الفرنسية في حد ذاتها، إنما عن منظومة ثقافية تمت صياغتها في شكل مشروع للهيمنة، مسكون بإديولوجية شوفينية، تحتقر الشعوب التي تعتبرها بربرية، ثم، لغاية ذلك، توظف مؤسسات دولية وإقليمية ومحلية”1.

والواقع أن هذا القول يؤكده تصريح سابق لوزير الثقافة الفرنسي، أندريه مالرو، سنوات السبعينات، إذ يشير إلى أن “الفرنكوفونية، ليست مجرد لغة، إنها حضارة قادرة على ضمان مستقبل العالم”.

في ذات السياق، تنسب إلى الجنرال الفرنسي شارل ديغول، عبارة يقول فيها إن “اللغة الفرنسية أداة بديلة عن الحرب المتعارف عليها، بل إنها صنعت لفرنسا ما لم تصنعه الجيوش”.

الرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا ميتران، أكد بدوره في مؤتمر القمة الفرانكوفونية المنعقد بفيرساي سنة 1986، أن “الفرنكفونية ليست هي اللغة الفرنسية فحسب”. ثم يوضح “إذا لم نتوصل إلى الاقتناع بأن الانتماء إلى العالم الفرنكفوني سياسيا واقتصاديا وثقافيا يمثل إضافة، فإننا نكون قد فشلنا في العمل الذي بدأناه منذ سنوات عدة”.

 المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز: “من باب المكابرة القول إن فرنسا لم تنجح في اغتصاب بلدنا ثقافيا ولغويا، إذ يكفي أن الفرنسية هي لسان الإدارة، ولسان التعليم، والرأسمال الأمثل لتنمية الموقع الاجتماعي”.

ويؤكد عالم المستقبليات المغربي، المهدي المنجرة2، أن “انتقال الفرانكفونية من الثقافي إلى السياسي كان وما يزال يهدف إلى المحافظة على المستعمرات الفرنسية، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بغية الترويج لنموذج واحد وصريح لتنمية التخلف في هذه المستعمرات”.

الفرانكفونية، وفق المنجرة، لا يمكن فصلها عن تطورها التاريخي المرتبط بالمرحلة الاستعمارية، وأيضا بمرحلة التحرر وبالمتغيرات الجديدة. ويذهب عالم المستقبليات إلى انتقاد هؤلاء الذين يغلفون الفرنكفونية بمفاهيم شاعرية لطمس واقعها، مؤكدا أنه لا يمكن خلق روح تعاون إنساني ببعد كوني، إذا لم نبدأ باحترام الآخر.

من جانبه، يرى المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز3، أن فرنسا بهذا الخيار الثقافي “الاستعماري نجحت في مسخ الشخصية الثقافية واللغوية للمجتمعات الإفريقية التي استعمرتها. ومع أن المغرب الكبير لا زال يحافظ على العربية كلغة رسمية أولى (على عكس مجتمعات إفريقية أخرى غدت الفرنسية لغتها الجامعة)، إلا أنه يعد من باب المكابرة القول إن فرنسا لم تنجح في اغتصاب بلدنا ثقافيا ولغويا، إذ يكفي أن الفرنسية هي لسان الإدارة، ولسان التعليم، والرأسمال الأمثل لتنمية الموقع الاجتماعي”.

اقرأ أيضا: ISCAE، ما يقارب المليونان وثلاثمائة وسبعون ألف درهم قد يأخذها المعهد دون وجه حق

في الجزء الثاني من هذا الملف، سنتابع كيف ولماذا اعتمدت اللغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى في المغرب؟ ولماذا يدعو البعض إلى اعتماد اللغة الإنجليزية لغة أجنبية أولى عوضها؟

لقراءة الجزء الثاني: الفرنسية والإنجليزية في التعليم المغربي: هيمنة اللغة… لغة الهيمنة؟ 2/2


[1]  عن مقال للكاتب بعنوان “الفرنكفونية… ذلك الظل الثقيل”، منشور بجريدة هسبريس الإلكترونية بتاريخ 04/03/2016.
[2]  عن مقال للكاتب عبد الحق عزوزي، بعنوان “الخيار الثقافي وخطر التبعية”، منشور بجريدة الإتحاد الإلكترونية، بتاريخ 01/11/2016.
[3]  عن مقال للكاتب بعنوان “الاستعمار الثقافي وجذور الفرنكفونية”، منشور بيومية الخليج الإلكترونية، بتاريخ 21/04/2008.

تعليقات

  1. Ok

    في عالم الأنترنيت والتكنولوجيا والابداع والابتكار المعلوماتي والتجارة الالكترونية وكسب المال وبيع الخدمات وشرائها عبر الشبكة العنكبوتية لا وجود للغة الفرنسية ولا لمن يتكلمها, من يسيطر على هذا العالم ويفهم قواعده هو من يتقن الانجليزية والعربية ،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *