Dark web & Deep web: أنترنيت المظلم… جبل الجليد المخيف
الأنترنت السطحي موجّه للاستخدام اليومي؛ في حين يُستخدم العميق منه لأغراض قانونية مشروعة، لكنها غير موجهة للعامة، مثل تخزين بيانات الحكومة والشرطة والأبناك وغيره… أما الأنترنت المظلم، فيُستخدم في أغراض غير مشروعة.
يظن الكثير منا أن الأنترنت يعني البحث في جوجل، مطالعة البريد الإلكتروني، تصفح المواقع الإخبارية أو… التسكّع طوال اليوم في شبكات التواصل الاجتماعي…
إن كان هذا كلّ مشوارك على الشبكة العنكبوتية، فأنت ما زلت في السطح…
الشبكة العنكبوتية تُشبه جبل الجليد تماماً… ما خفي أعظم!
جبل الجليد ذاك لو أخذنا نتعقبه أسفل الماء، سنصل إلى نقطة عميقة ونظنه انتهى… لكنّه لا يفعل، فأعمق من ذلك، مظلمٌ حالك ليس إلّا.
… والأنترنت أيضا، منه السطحي “Surface web”، العميق “Deep web” والمُظلم “Dark web”.
ما الفرق؟
السطحي من الشبكة العنكبوتية، هو ذاك الذي يعرفه جميعنا. يدعى المرئي أيضا. يصل حجم بياناته وفق بعض التقارير إلى 4.5 مليار صفحة.
أما العميق، فمثل جبل الجليد، خمسة أضعاف المرئي. بينما المُظلم، ولأنه كذلك، لا نعرف بدقة حجم بياناته.
حيث تكون مرئيا، تكون مكشوفا… لا وجود لأي خصوصية في الاستعمال. أما عميقا، فيمكنك التصفح بهوية مجهولة، في حين تحتاج إلى طرق خاصة للإبحار في الأنترنت المظلم.
الفرق الأساسي… أنه بالإمكان الوصول إلى مختلف المواقع الموجودة على السطحي من الشبكة العنكبوتية باستعمال شبكات البحث (غوغل، ياندكس، بينغ…).
إذا رقنت “مرايانا” في غوغل مثلا، ستصل إلى صفحاته لأنها مؤرشفة. لكن، لو بحثت عن كلمة أخرى، قد لا تجد المواقع التي تحتويها.
ببساطة، لا يُمكن الوصول إلى بعض المواقع التي يرغب أصحابها في إخفائها عن محركات البحث؛ أي ألا يعرفها العامة من الناس. وللتوضيح، يستخدمون في ذلك برمجيات تخفيها عن هذه المحركات.
هذه المواقع غير القابلة للأرشفة، يُمكنك الوصول إليها فقط باستعمال الأنترنت العميق أو المظلم. لكن، مع ذلك، تواجه عقبة معرفة الروابط التي تؤدي إليها.
الذي يعنيه كلّ هذا، أن الأنترنت السطحي موجّه للاستخدام اليومي، العادي بصيغة أخرى؛ في حين يُستخدم العميق منه لأغراض قانونية مشروعة، لكنها غير موجهة للعامة، مثل تخزين بيانات الحكومة والشرطة والأبناك وغيره. أما الأنترنت المظلم، فيُستخدم في أغراض غير مشروعة.
يُمكنك الدخول إلى الأنترنت العميق باستخدام متصفح خاص، وسنعرف بعد قليل أنّ لهذا النوع من التصفح مزايا أيضا. لكن المشكلة تكمن في أن له روابط خاصة ينبغي عليك أن تعرفها كما أسلفنا.
مثال: رابط فيسبوك الذي نعرفه هو facebook.com. لكن، على المتصفح الآخر هو facebookcorewwwi.onion.
قناة BBC أيضا اقتحمت عالم الأنترنت العميق عام 2019. يمكنك الدخول إلى موقعهم عبر: bbcnewsv2vjtpsuy.onion.
هل لاحظت أن هذه المواقع لا تشتغل على متصفحك العادي؟
ماذا عن الأنترنت المظلم؟
غيرُ منصوح به البتّة. إنه سوق كبيرة للمخدرات والأسلحة، تجارة الأعضاء البشرية، استئجار القتلة، بيع بطاقات الإئتمان المسروقة… وغير ذلك كثير.
قام الباحثان دانيال مور وتوماس ريد من كلية كينجز في لندن، عام 2015، بتصنيف 2723 موقعا على الأنترنت العميق والمظلم.
دعنا نخبرك قبل ذلك أن هناك من يخلط بين العميق والمظلم من الأنترنت، ويعتبرهما الشيء ذاته. لكن ثمة فرق كما تابعنا، وإلا لما وجدتَ البي بي سي هناك!
أيا يكن، فإن مور وريد توصلا، على مدار خمسة أسابيع من البحث، إلى أن 57 بالمائة من هذه المواقع تستضيف موادا غير مشروعة.
دراسة أخرى أجراها الباحث مايكل مكجير من جامعة سوري البريطانية (Surrey) عام 2019، أظهرت ارتفاعا بـ20 بالمائة منذ 2016 في عدد المواقع المظلمة التي بإمكانها أن تلحق الضرر بالمؤسسات.
أضرار من قبيل… شراء أرقام بطاقات ائتمان مزورة، وشراء الأموال المزيفة… 3000 دولار مزورة مقابل 500 دولار أصلية مثلا.
كذلك، أوردت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، في أبريل 2020، أن مواقع ظهرت على الأنترنت المظلم تحتال على الناس، بادعاء بيع دماء أشخاص تعافوا من فيروس كورونا بعدما تبيّن أنها تُشفي المصابين به.
هذا ليس كل شيء بالتأكيد، فالأنترنت المظلم يشكل أيضا أرضا مناسبة تنطلق منها التنظيمات الإرهابية… هناك، يمكنهم أن يكونوا بعيدين عن أعين الاستخبارات والأجهزة الأمنية من أجل التواصل وشراء الأسلحة وغيره.
أن تتخفى إلى هذا الحد، يعني أنه من الصعب جدا القبض عليك. في بعض الحالات، واجهت الشرطة صعوبات جمة قبل أن تلقي القبض على مجرمي الأنترنت المظلم، وكل ما كان لها أن تفعله، أن تتربص بهم إلى أن يحدث خطأ ما يكشف عن هوياتهم.
الخصوصية… الجيّد السيئ!
كما يُمكن للتصفح على الأنترنت بخصوصية، أن يُساعد على نحو سلبي في انتشار هذه الجرائم، يُمكنه أيضا أن يحفظ استخدام المستعمل العادي.
حين تبحر على المتصفح الخاص بالأنترنت العميق، يُمكنك النأي بنفسك عن القلق الذي يساورك تجاه بياناتك…
لا يترك التصفح على الشبكة العميقة أي أثر لما تزوره من مواقع!
غير أن حفظ الخصوصية ليس بهذه السهولة، إذ يمكن للمرء أن ينشر بياناته بحسن نية على هذه المواقع إذا كتب اسمه الحقيقي، أو عنوان بريده الإلكتروني أو أي تفاصيل أخرى تفصح عن هويته.
بعض الباحثين يؤكد أنه ليس بالإمكان على الإطلاق التخفي على الأنترنت بشكل كامل.
ثم إنك بالغوص أعمق في الشبكة العنكبوتية، تدخل مناطق مجهولة وغير آمنة يُمكن أن تقلب كل شيء رأسا على عقب…
يتمتع المخترقون في هذه المناطق بباع كبير… وقد تُتيح لهؤلاء، من حيث لا تدري، أن يقتحموا حاسوبك وأن يحصلوا على كل بياناتك!