محمد علي لعموري يكتب: فيديو فتاة تطوان في الميزان
لا أحد تحدث عن جريمة التشهير، وانتهاك الخصوصية، ومسؤولية الشريك في الفعل الجنسي وفي تصوير المشهد، والعواقب الاجتماعية لهذه الفضيحة والأثر النفسي على صاحبها!!
ولهذا فحكم المحكمة، وإن كان يندرج ضمن تطبيق القانون، فإن القضاء الفيسبوكي والقضاء الذكوري وقضاء الشارع قد سبقه وفعل فعلته… وربما لولاه لما تحرك قضاء المؤسسات لمعاقبة هذه الضحية/المدانة.
انتشر مؤخرا على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي فيديو تم تناقله بشكل كبير، نظرا لما أحدثه من صدمة لدى أنصار الحجاب، أكثر من مما أثاره عند من استنكروا الفعل الذي يدخل ضمن مجال الخصوصية والحرية الفردية.
لنكن واقعيين وأكثر عقلانية، ولنناقش الموضوع بروية فيها الكثير من الصراحة والوضوح، وبعيدا عن انفعالات المجتمع الفيسبوكي التي تبقى منافقة أكثر منها محايدة أو واقعية، ولنطرح الأسئلة التالية:
هل المشكل يكمن في ممارسة تلك المرأة الجنس بتلك الطريقة مع رجل؟ أم الإشكال في كون تلك الفتاة، التي شوهدت وهي تمارس الجنس الفموي، محجبة… وبالتالي ما أثار حفيظة الرأي العام الفيسبوكي، يدخل ضمن الانتصار لقدسية ذلك القماش الذي يغطي رأس تلك المرأة، والذي يرتفع عند دعاة تغطية المرأة وتحجيبها إلى مرتبة القداسة؟ أم أن المشكل يكمن في انتهاك الخصوصية وفعل التصوير، الذي عمد صاحبه إلى إخراجه للعلن؟ وإذا كان الأمر كذلك… فلماذا تم تسريب الفيديو في هذا التوقيت بالذات؟ وما الهدف من تشويه السمعة وفضح ما ظل لمدة مستورا؟
نحن نعلم أن ثقافتنا في مجال حقوق الإنسان مازالت هشة ويحكمها منطق المحاكمة الجماعية، وهناك قوانين تطبق بالحرف حين يتعلق الأمر بالسخط والغضب الشعبي الذي يؤدي إلى المقصلة، وكثير ممن يستنكرون ذلك في العلن يودون القيام به في الخفاء، لأنهم يودون ذلك ويعشقون الجنس ويتصيدون الفرصة لممارسته بطرق ربما ألعن.
ومع ذلك… فعندما يتعلق الأمر بالمرأة، وأضيف على هذا الكائن الأنثوي البئيس في مجتمعاتنا الذكورية فئة المثليين، تحضر المحكمة الشعبية، وقضاء الشارع، والغضب الشعبي المفضي لتحريك القانون وتطبيقه بالحرف دون الاجتهاد وفق الظروف والسياق لإعمال روح القانون.
لماذا؟ لأننا لما نتشرب بعد ثقافة حقوق الإنسان واحترام الخصوصية، كما أن وعينا الجمعي مجبول على ثقافة “الحشمة المزيفة والحرام المعمول به في الظلام والنفاق المتفشي على المستوى العلني… الخ”.
تلك السيدة التي ظهرت وهي تمارس الجنس الفموي، كانت تمارس شيئا يدخل ضمن الحرية الفردية التي نقوم بها جميعا، وهناك رجال ونساء متزوجون، يتجاوزون سقف الزوجية، ويمارسون الخيانة المبررة بأشياء تحتاج إلى التفكير بجدية في سبب فشل زيجات عدة، بسبب العجز الجنسي أو البرود الجنسي لدى الرجل أو العكس، أو بسبب الإغراء المادي عند الحاجة القصوى وأشياء من هذا القبيل، ومع ذلك… لا أحد يرتضي الخيانة لنفسه فبالأحرى ارتضاؤها للغير.
لكن الشباب قبل الإقبال على الزواج، يمارس حقه الغريزي في إمتاع النفس والتخفيف من ضغط الشهوة، فهناك من يمارسها عن بعد ونحن في زمن الجائحة، فأكثر الشباب إقبالا على الجنس، يمارسونه عبر تقنية فتح الكاميرا ومشاهدة الشريك وأعضائه التناسلية والوصول إلى الرعشة الجنسية بواسطة العادة السرية، وهناك من يمارس الجنس المباشر خلسة، ولكنه يتودد الشريك لأخذ فيديو ليتفرج على نفسه فيما بعد، ومشاهدة طريقته في “النزال الشبقي” الذي يتجسد باحترافية عالية خلف الأبواب الموصدة.
القانون موجود… ولا أحد يعذر بجهله للقانون، ولكن تنفيذه يحتاج إلى المرونة والمروءة حتى يستقيم عدل القضاء ويتماشى مع فلسفة الواقع الذي لا يرتفع، وقد نسعى يوما لتغيير القوانين، لأنها ليست قرآنا منزلا، وذلك لتتماشى مع روح العصر وتطور المجتمع وفهم الواقع وما يعتمل فيه من رغبات مكبوتة لا يتم تصريفها داخله إلا عبر قنوات الإغراء الجسدي والمادي وشبكات الدعارة والقوادة وما يليها من وساطات…
لست أجادل في تطبيق القانون، وأنا أول من يمتثل لنصوصه التي تحمي نظام المجتمع من التسيب والتجاوزات، ولكني ضد أن تكون الضحية في هذه الواقعة والجاني في آن هي “المرأة”… التي تبدو في مجتمعاتنا بمثابة ذلك الحائط القصير الذي يسهل القفز والركوب عليه لجلد الذات، والحال أننا نجلد نصف المجتمع ونلوم الجنس الآخر ونلعن إغراءه وكأن الرجل قديس أمام غواية المرأة!
فمن مارس الجنس في الفيديو رجل وامرأة، لكن ما ظهر في الشريط هو وجه المرأة والعضو التناسلي للرجل، ومن سرب الفيديو سيكون الذي أراد سوء بتلك المرأة، وقد يكون رجلا وقد يكون امرأة، ومن استنكر المشهد الجنسي فعل ذلك بدافع الهجوم على الحائط القصير وهو المرأة، وبدافع الانتصار لقطعة القماش الذي يعتبره دعاة حجاب المرأة شيئا مقدسا!
لا أحد تحدث عن جريمة التشهير، وانتهاك الخصوصية، ومسؤولية الشريك في الفعل الجنسي وفي تصوير المشهد، والعواقب الاجتماعية لهذه الفضيحة والأثر النفسي على صاحبها!!
ولهذا فحكم المحكمة، وإن كان يندرج ضمن تطبيق القانون، فإن القضاء الفيسبوكي والقضاء الذكوري وقضاء الشارع قد سبقه وفعل فعلته… وربما لولاه لما تحرك قضاء المؤسسات لمعاقبة هذه الضحية/المدانة.
اقرأ أيضا:
. حسن الحو يكتب: مُولاتْ الخمار والمجتمع الهجين…
. تزويج القاصرات: حين يشرعن القانون الرق… والاتجار بالبشر!