من كندا، عبد الرحمن السعودي يكتب: الشفرة الجينية لخلية الصحافة الملحدة
خاضوا حروبا بأذرع ورقية ورشاشات من المداد الحي، واستطاعوا رغم المحن والإحن، أن ينتزعوا مكانهم تحت الشمس ويضيئوا بالرغم من كل شيء، من أجل حماية حصن كرامة الإنسان من الغزوات المغولية، ومن أجل أن يرزق الطفل يوسف المهداوي وأقرانه، أو ربما أحفادهم، بالصباح الذي يستحقونه.
هي خلية حرة لا تؤمن بوجود آلهة بشرية، من النوع النادر وغير قابلة للانقراض. تنحدر من أصول فضولية قحة، نشاطها المقوي للمناعة يكذّب كل برديات الفراعنة التي تدعي انتسابها الى فصيلة الطفيليات.
تعيش على اليابسة وفي الهواء الطلق، وتتحمل جميع أنواع المناخ، من الجزر الخصبة إلى الصحراوات الجدبة. لها أيدي وأرجل، تتمدد بدفء الحرية وتنكمش بهبوب تيارات قمعية مخزنية. تنشط ليلا ونهارا، ويقع موطنها الأصلي في شرايين القلوب الشعبية.
تصنع غذاءها بنفسها ولا تتطفل على ميزانية الدولة. تتغذى على صحوة الوعي العام، وتنأى بنفسها عن الولائم الإشهارية المسمومة. تزيد مناعتها بفضل التطعيم في مستشفيات حقوقية محلية خاصة، ويزيد وزنها بفضل جرعات بروتينية أوفيتامينات من صيدليات حقوقية دولية. إضرابها عن الطعام لا يميتها، بل يحييها ويجدد مضاداتها الحيوية.
تتسبب قلة الأوكسجين عند بعض أنواعها في نمو أجنحة، تحميها من الافتراس وتطير بها بعيدا إلى بلدان سعة الصدر والأفق. أما زيارة بعض أنواعها للزنازن العكاشية، فتجعلها تطور طبقات جلدية تنِّينية سميكة ذات خصائص مهداوية، تزيدها قوة وصلابة وتجعلها مستعصية على الهضم.
اقرأ لنفس الكاتب: إيسلاااام… إيسلام …هوو هوو!!!
لا يتغير شكلها أبدا، ولا يمس تكوينها أي تشويه. تستمد قوتها من الغباء السياسي، وتفرز باستمرار مادة الضمير الحي لصد أي محاولة لإصابتها بخماسي أوكسيد النِّفاقيوم.
بيتها لا سقف له، وتملك قدرة عجيبة وسحرية على اختراق الأسوار العالية والأقفال المحكمة. تطوف في البلاد، تجالس العباد، وتنصت لحكايات يشيب لها الغربان، عن بكتيريا مقالع الرمال وفيروسات أعالي البحار وعن فطريات أراضي الخُدَّام… تجلب تبولا لا إراديا للكائنات السياسيومالية، وتسبب نوبات صرع مزمنة للكائنات السياسيودينية، وتصيب الكائنات المفسدة المستبدة بذبحات صدرية.
تعتبرها الأبحاث المخبرية مكونا أساسيا للجهاز المناعي، الموجه ضد انتشار عدوى الفساد في أعضاء حيوية من جسم الدولة. فهي تملك صوتا يرتجف لهديره ميكروب المحسوبية وجرثوم الرشوة وعفن سرقة المال العام ونتانة التزييف والتزوير والتظليل والتطبيل. كما تتمتع بالقدرة على إرسال ذبذبات كشف الحقيقة عبر موجات افتراضية، تنتشر بسرعة الضوء وتجوب العالم.
اقرأ لنفس الكاتب: عاشت الولايات المتحدة “السَّنفورية”…
تتعرض باستمرار لمحاولات اغتيال عن طريق فضلات سامة، يقوم بإخراجها مجموعة من الأجهزة عبر مجاري إعلام التشويه والتشهير…تواجه باستماتة، قنابل أحكام مسيلة للدموع من اختراع خلايا عصبية قمعوبلازمية، تقاومها بتنشيط غدد لإفراز أكبر عدد ممكن من هرمون غريزة البقاء.
لا تتكاثر ذاتيا بالانقسام، ولا بشكل جنسي، فهي تنشأ نتيجة لطفرات كروموزومية، تقوم بتحفيزها رائحة تعفن جراح المستضعفين وروائح ملفات الفساد والحݣرة. لكن ندرتها تبقى سببا رئيسيا في اضطراب نبضات قلب الحرية والديمقراطية.
لا تستجيب كمعظم الكائنات لضغوط الترهيب والترغيب… وتفيد آخر الدراسات العلمية أنها تفضل الاستجابة إلى نداء الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن المياوم.
بالرغم من ترحالها المستمر بسبب التضييق ومطاردات الخلايا القمعية، التي صارت قدرا لا فكاك منه، فإن التاريخ يحفظ لها كل آثار خطوات رحلتها…بين أرشيف افتتاحيات المساء وأخبار اليوم، وفي التحقيقات المجهرية لصحيفة لوجورنال وموقع لكم وموقع لوديسك، وفي جرأة مقالات نيشان والسخرية العبقرية لأسبوعية دومان الكاريكاتيرية، والخرجات الاستشهادية لموقع بديل…وغيرها من رحلات كفاح فرسان الكلمة. جميعهم مجانين والبلد ليلاهم. وكلهم عناترة والوطن عبلاهم. خاضوا حروبا بأذرع ورقية ورشاشات من المداد الحي، واستطاعوا رغم المحن والإحن، أن ينتزعوا مكانهم تحت الشمس ويضيئوا بالرغم من كل شيء، من أجل حماية حصن كرامة الإنسان من الغزوات المغولية، ومن أجل أن يرزق الطفل يوسف المهداوي وأقرانه، أو ربما أحفادهم، بالصباح الذي يستحقونه.
اقرأ لنفس الكاتب: إذا حضر “السامريون الأشرار”… بطل التقدم